أحمد الخطاب*
شهد 22 فبراير/ شباط 1969 الإعلان عن نشوء “الجبهة الشعبية الديمقراطية لتحرير فلسطين” بزعامة نايف حواتمه، في أعقاب بروز تناقض حاد داخل “الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين”، بين التيّار اليساري صاحب فكر ونهج ثوريّ، بعد نكسة حزيران 1967، مناقض لنهج وتجربة الحركة الاصليّة، حركة القوميين العرب. ويسجّل لهذا التيّار محاولته تجاوز الحالة التقليديّة في الاعتماد على المقاتلين المحترفين في العمليّات الفدائية المسلحة، وإشراكه في هذا الأمر جميع فئات الشعب، وأعطاءه لهذه المشاركة بعدها الجماهيري والسياسيّ.لذلك، كان لا بدّ من الانتشار على خطوط التماس المباشر مع العدو في الاغوار والجولان وحيث أمكن، بعد توافر الإمكانيات في عديد الفدائيّين المتطوّعين والعتاد العسكري. وكان قد سبق ذلك تحرك مجموعات فدائيّة اجتازت الحدود وتمركزت في مناطق الضفّة الغربيّة، وبعضها قبل الإعلان الرسمي للجبهة الديمقراطية.
في حكاية الطوابع الأولى للجبهة الديمقراطية نكتب سيرة كوكبة من الفدائيّين الذين كانت تضحياتهم شعلة أضاءت درب مسيرة شعبنا نحو استعادة الوطن المسلوب، وكانت الأساس الذي دفع العالم الحرّ ليعرف عدالة قضيّتنا الوطنيّة، وليكون دافعاً لكثيرين من الشباب العربيّ والأممي للتطوّع في العمل الفدائيّ. وأعرض هنا ما توصلت إليه، بعد بحث استغرق أكثر من عشر سنوات من التواصل مع رفاق عايشوا هذه الكوكبة من الفدائيّين، في قواعد ومراكز الفدائيّين وفي دوريّات وعمليّات قتالية نحو مراكز العدو الاسرائيلي، وكان لهم الدور الطليعيّ في انطلاقة الجبهة يوم 22 شباط / فبراير سنة 1969. وقد جاد بعض الرفاق بكرمهم في أرسال ما توافر لديهم من هذه الطوابع، وعرفت من خلال التواصل مع آخرين أن تاريخ إصدار هذه الطوابع كانت في أواسط العام 1971.
لقد شكّلت معلومات الرفيق “نور الدّين الشّطّي” من تونس الشقيق، نواة الكنز الدّفين، في ما يتعلّق برسّام صور الفدائيّين التي تشكّلت منها الطوابع، وكانت من رسم الفنان المصريّ محمد إبراهيم احمد حجّي (بعد الاتصال حصلنا منه على القليل من المعلومات، بسبب تقدمه في العمر وعامل المرض)، في أثناء زيارته لمواقع الجبهة الديمقراطية، بدعوة من صديقه الرفيق أبراهيم قبّعة (1935- 2013) لإعداد تقرير صحفي عن فدائيي الجبهة الشعبية الديمقراطية، وفي خلالها كلّفه الرفيق إبراهيم قبعة برسم عدد من شهداء وأسرى الجبهة، لتكون على قسائم بشكل طوابع بريدية من نوع “ليبل” label، وغايتها أن تكون وسيلة دعائية لتعريف العالم على احتلال فلسطين، واستشهاد هذه الكوكبة في مسيرة نضال شعب فلسطين، في سبيل طرد المحتلّ الغاشم، وذلك من خلال استخدامها في المراسلات، وخصوصاً تلك الخارجية والتجارية، وكذلك أن تقدَّم لمن يشاء في التبرّع أو المساهمة في العطاء المادي لدعم النضال الفلسطيني، من الشعوب العربية والأصدقاء في العالم كافّة.
حملت رسوم الطوابع وجوه الأسرى والشهداء التالية أسماؤهم:
1- الأسير “الشهيد” عمر القاسم: قائد اول مجموعات الجناح اليساريّ التقدّميّ للجبهة قبل التأسيس الرسميّ للجبهة. توجّه في مهمة للتموضع وبناء قواعد ارتكاز مع مجموعته المكوّنة من 20 فدائياً في القدس ورام الله، وقد اصطدم ومجموعته الفدائيّة مع قوات الاحتلال يوم 26 آب / أغسطس 1968، واستشهد عدد من أفراد المجموعة ووقع عمر القاسم في الأسر، بعد نفاذ ذخيرته، وأمضى ما تبقّى من حياته في داخل زنازين الاحتلال ليرحل شهيداً سنة 1989.
2- الأسير الشهيد أنيس الّدولة: قائد مجموعة فدائيّة كُلّفت بالتوجّه الى منطقة قلقيلية لبناء قواعد ارتكاز فدائية، حيث نفّذت المجموعة عدة عمليات فدائية. وكان الشهيد قد اعتقل إثر معركة خاضها ورفاقه في منطقة الأغوار في 30 حزيران / يونيو 1968، وبقي أسيراً في سجون الاحتلال إلى أن ارتقى شهيداً بتاريخ 31/08/1980 في أعقاب تدهور حالته الصحّية في خلال مشاركته في أضراب سجن نفحة، ولم يكتفِ الاحتلال بأسره أكثر من 11 عاماً، بل وفي عمل لم يشهد مثله التاريخ، قامت إسرائيل باحتجاز جثمانه ورفاتهإ يومنا هذا، في ما يعرف بمقبرة الأرقام.
3- الأسير حاتم الشنار، كلف بقيادة مجموعات فدائيّة تتمركز في نابلس والقيام بعمليات فدائيّة أوجعت العدو، فكثّف عمليات البحث التي اودت الى اعتقاله في منتصف العام 1969، وأفرج عنه في عملية تبادل العام 1986.
4- الشهيد رياض محمد الخزيم (سعودي): استشهد بعد سجل حافل من العمل الفدائيّ في مواجهة الاحتلال، وكان أخرها المواجهة في منطقة الحمّى في الأغوار الشمالية، وأسفرت عن أستشهاده يوم الأول من آب / أغسطس 1969.
5- الشهيد عبد الفتاح سلمى: استشهد في عملية هجوم على معرض إسرائيلي في تركيّا بتاريخ 24 آب / أغسطس 1969، وكانت هذه العملية هي الوحيدة في خارج ساحات مواجهة العدو على حدود فلسطين او في داخلها.
6- الشهيد راجح عبد الفتاح: أستشهد في قطاع الجولان بتاريخ 6 أيلول / سبتمبر 1969 في أثناء مشاركته مع عدد من المجموعات الفدائيّة التي هاجمت سبعة مواقع عسكرية في آن واحد، ونجحت في الدخول لعدة ساعات إلى مدينة القنيطرة وبيرعجرم والتل الأحمر، ورفع العلم السوريّ والفلسطينيّ والراية الحمراء تحية لروح القائد الفيتناميّ هوشي منّه الذي حملت هذه العملية أسمه. واستطاع رفاقه العودة بجثمانه مع أثنين من رفاقه الشهداء.
7- القائد الشهيد عمر مسعد “ابو خلدون”: وهو القائد المؤسّس لقطاع الجولان في الجبهة الديمقراطية، وهو قائد عملية هوشي منّه، واستشهد في إطار التحضير لعملية “تشي جيفارا” في أثناء قيادته قوّة استطلاع في الجولان يوم السادس من كانون الأول / ديسمبر 1969.
8- الشهيد توفيق أبو شهاب: استشهد في جرش (الاردن) في 22 أيلول / سبتمبر 1970.
9- الشهيد محمد عسكر: (لم تتوافر عنه أي معلومات إلى الآن، وحتى في سجل شهداء الجبهة الديمقراطية) والبحث مستمرّ لجمع معلومات إضافية عنه.
10- الأسيرة مريم الشخشير: من مجموعات الجبهة المحلية في نابلس، أعتقلت يوم 1969/3/14 في نابلس بعد أن شاركت في العديد من المهمّات النضالية والعمليات العسكرية، أعتقلت على أثر تنفيذ عملية تفجير كافتريا الجامعة العبرية في القدس، مع مجموعه من رفاقها عائشة عودة ولطيفة حواري واحمد الجمل، وأُطلق سراحها في عملية النورس لتبادل الاسرى يوم 1969/3/14.
*أحمد الخطاب
-
باحث في الطوابع الفلسطينية
-
ناشر مجموعة طوابع فلسطين في عيون العالم
-
عضو الجمعية الفلسطينية لهواة جمع الطوابع والعملات