صور- هوا لبنان
كرّمت بلدية صور بالتعاون مع «جمعية بيت المصور في لبنان»، و«منتدى الفكر والأدب- صور«، و«معرض خليل برجاوي لطوابع البريد» عميد مصوري صور الفوتوغرافيين محمد عبد الباسط ترجمان في مناسبة بلوغه سنّ التسعين، وأطلقت في المناسبة ست بطاقات بريدية التقطها ترجمان بالأبيض والأسود بين 1956 و1964 لمدينة صور وبعض معالمها الأثرية.
جرى ذلك بحفل أقيم في «بيت المدينة» شارك فيه إلى رئيس بلدية صور المهندس حسن دبوق ورئيس بلدية طيردبا الزميل حسين سعد حشد من الفاعليات والأندية والجمعيات الثقافية والاجتماعية والتربوية والمحلية والمختارين. كذلك حضر رئيس جمعية تجار صور ذيب بدوي ورئيس النادي اللبناني لهواة الطوابع والعملات وارف قميحة على رأس وفد من النادي.
قدمت الحفل مسؤولة الأنشطة في بلدية صور نسرين خضرا ثم ألقى عضو مجلس بلدية صور المحامي محمود الملاح، كلمة البلدية، فقال: «باسم بلدية صور التي شرفتني إلقاء الكلمة، نرحب بالحضور الكريم والجمعيات المشاركة، منتدى الفكر والأدب وجمعية بيت المصور في لبنان ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد. نرحب بكم جميعاً في بيت المدينة الذي أضحى صرحاً ثقافياً وعلامة مميزة من علامات المدنية. هناك مثل صيني يقول: الصورة تعادل ألف كلمة، لا بل مليون كلمة. وإنّ ذلك لحق، فلا تستيطع الصورة الفوتوغرافية الخداع، كما لا يقوى شيء على إضعافها. فهذه المرآة الرائعة لا تقبل الإضافة أو الحذف، إذ ندرك بأن ما نراه ينبغي أن يكون هو الحقيقة. لذا، حين ننظر إليها، نستطيع السفر عبر المكان والزمان دون التحرك من مكاننا. فالتصوير عملية إبداعية، تتطور باستمرار في العدسات الذهنية لكل مصور مبدع، ومبدعنا المكرم محمد ترجمان ذو خيال خلاق ونفس تواقة إلى مساحات فنية عذراء لم تصل إليها أي مخيلة قبله، لأن التصوير فن عشقه الترجمان منذ نعومة أظفاره. وكأن عدسة الكاميرا كانت عدسة لاصقة بالنسبة إليه، فهو الذي عشق الحرية وهوى الانطلاق في زوايا الكون، وجعل من الاستديو الخاص به شاهداً على التاريخ، حيث ترى فيه تاريخ المدينة الثقافي والسياسي والاجتماعي، مع بصمته الخاصة التي استطاع أن يحفرها في مخيلة متلقي الصورة».
وأضاف: «من منطلق تقديرنا لدور المصور في رسم التاريخ وخطه، وإبداعية هذا الفن المظلوم بين الفنون، فقد سبق لبلدية صور أن كرمت مجموعة من المبدعين في هذا المجال وعلى رأسهم عميد المصورين المكرم محمد ترجمان. لقد أحبت عدسة الترجمان مدينة صور، كما أحبتها كل عدسات المصورين، فكما للمشاهير والفنانين وبعض الناس ما يسمى بالوجه الفوتوجينيك، كذلك لصور، ولكن الفارق ان صورة بعضهم أجمل من واقعه، أما صور فلا يعرف جمالها إلا من عاشها، ولامسها ومشى بين أزقتها واستنشق رائحتها التي هي لغة خاصة لا يفهمها إلا من عاش فيها».
وختم: «عميد المصورين محمد ترجمان شكراً لك، استطعت أن تترجم لنا سطور تاريخ المدينة، لنقرأ من خلال الصورة شرحاً وافياً لتطور ثقافتنا وعاداتنا وجمالية مدينتنا. وليس كثيراً عليك اليوم، إذ يصار إلى إطلاق مجموعة من البطاقات البريدية عن المدينة لصور التقطت بعدستك. كما وليس بكثير على المدينة مجموعة من الطوابع البريدية، شاكرين للجمعيات المشاركة هذه المبادرة واللفتة الطيبة لصور، التي تستحق، ومهما تطورت التكنولوجيا، ستبقى الصورة الفوتوغرافية ذاكرة، لن يستطيع أحد أن يطمس من خلالها، لا هويتنا ولا تاريخنا ولا آثارنا، ولولا الصورة لم يعرف جيلنا أن القدس كانت لفلسطين، ولولا الصورة لن يعرف أولادنا كيف كانت فلسطين».
ثم ألقى رئيس جمعية بيت المصور في لبنان الزميل كامل جابر كلمة الجمعيات المنظمة والداعية، فقال: «لو قدّر للشاب محمد عبد الباسط ترجمان، أن يلتقيَ بواعده في فيزا السفر إلى بلاد أفريقيا، في ذاك اليوم من العام 1947، لبقيتْ ذاكرةُ صور حتماً، منتقصةً. لا أدري إذا كانت مصادفةً أو أن حظَّ صور إكتملَ بهذا الآتي إليها من خلفِ عينِه ليسجلَ اللحظات ويخلدَها، تماماً مثلماً خلّد التاريخُ عاصمةَ التاريخِ؛ وليكتبَ اسمَهُ عندَ شاطئِها، مركباً حملتْه الريحُ الشماليةُ إليها، ليبحرَ وعلى متنِه الأصيلِ أبجديةُ الذاكرةِ المتتاليةِ سنينَ وسنين، الحافلةُ بالوجوهِ والأماكن والثورةِ، ويرسوْ بها في برّنا المتلهفِ إلى الواقع الجميل».
وأضاف: «من طينةٍ أصيلةٍ نبت محمد ترجمان، جاءَ إلى المدينة وألقى عيونَهُ في كلِّ مكان، فاستنبتَ مكامنَ الروعةِ، ليس في الأمكنة فحسب، بل في قلوب أبناء المدينة الرّحْبة، التي تلقفتْهُ وأعطته ثقتَها وسلّمته مفاتيحَ الحاراتِ والبيوت ومنارات التاريخ العريق ورملَ الشاطئِ المغردِ حولها من جهات ثلاث. ولمّا آن أوانُ الثورة، ولبستْ أكتافُ الشبابِ «بواريدَ» الدفاع عن الكرامة الوطنية، كان المصورُ الفنانُ في خنادقهم، يصورُ مرةً، ويدافعُ مثلَهم عن حمى صور بوجه سلطة جائرة، مراتٍ ومرات. طوبى لعينك يا أبا إبراهيم ونحن نحتفي اليوم بميلادك التسعين، ولذاكرتكَ المصورةِ، والحيّةِ المحكيةِ، التي ترويها بتفاصيلها الدقيقة، كأنَّها حصلت أمس، فلا اسم يغيب عن بالك، ولا قصة أو رواية أو حادثة، حفظتَ الذاكرة عيناً وذهناً وفكراً، وحفظَ لك أبناءُ هذه المدينة ما فعلْتَه، فاسمكَ علمٌ من أعلامها، مقدَّرٌ محترَمٌ معترَفٌ به على مختلف المستويات، وهذا إن دلَّ على شيء، فعلى أن صور لا تنكرُ للطيبين أصالتَهم، على مرّ العهود، وتحفظُ للمناضلين نضالَهم، وللمبدعين عطاءَهم. ولن أزيدَ على ما يعرفونه أبناءُ المدينة وفاعلياتُها عن رصيدِك المرئي الذي سيعيش طويلاً وطويلاً. ونحن اليوم، إذ نسعى إلى نشرِ صورك خارجَ الإطارِ الجغرافي، عبرَ بطاقاتٍ بريديةٍ تستحقُّها صور، تكريماً لعطائك الذي استمر سبعين عاماً، إنما نكرمُ المدينةَ التي تلقفتْكَ وجعلتْ لك في قلبها مكاناً جميلاً. وإنني من موقعي في «جمعية بيت المصور في لبنان» التي تدأبُ منذ انطلاقتها، على تنشيطِ الذاكرة المصورة وإطلاقِ مكامنَ الجمالِ الجنوبية بطاقاتٍ بريديةً، بعد تجاهل طويل من الوزارات والإدارات المعنية لأهمية الصورة في جنوب لبنان. أشكر بلديةَ صور بشخص رئيسها المهندس حسن دبوق الذي لم يترددْ لحظةً في تلقفِ الفكرةِ ودعمها، ما يدلّ على الفكر المحبّ النيّر المتطورِ، الذي يساهم معنا اليوم في رفع اسم محمد ترجمان اسماً من أسماء صور الجميلة. ولا بدّ من شكر مماثل لأعضاء المجلس البلدي في صور، الذين ينحوْنَ منحاه. وأشكر الصديق الطبيب غسان وهبة فران، رئيس منتدى الأدب والفكر في صور الذي كوّنَ فاتحةَ التعاون بين جمعيتنا وفاعليات المدينة، تعاونٌ ارجو له الاستمرار».
وقال: «باسم جمعية بيت المصور في لبنان، ومنتدى الفكر والأدب- صور، ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد الذي سنفتتح من إعداده بعد قليل، معرضاً يتناول ما أصدره البريد في لبنان، منذ عهد الانتداب وحتى اليوم، من طوابعَ تخصُّ صور أو رموزاً فيها، مع العلم أن البريد أجحف المدينة حقّها ولم يعطها من إصداراته على قدْرِ ما تستحقُ إسوةً بغيرها من المعالم المهمة في لبنان؛ نشكر لبلدية صور هذه الالتفاتة الجميلة، في تكريم عميد مصوريها الفوتوغرافيين محمد ترجمان من خلال إصدار هذه البطاقات البريدية التي ستوزعُ مجاناً على الجميع هنا، أو خارج هذه القاعة، ولا شك أن تكريم محمد ترجمان هو تكريم للمدينة بحق ذاته».
وقدم جابر شرحاً عن البطاقات الصادرة فقال: «هذه البطاقات أعدت ضمن المواصفات العالمية، من حيث الشكل والمضمون ونوعية الورق. وتحمل في الخلف نبذةً عن محمد ترجمان، تحية له في عيده التسعين. وتحمل أرقاماً متسلسلة من واحد إلى ستة. نوزعها عليكم ضمن مغلفات، يحمل كل مغلف المجموعة الكاملة، راجياً أن تلقى مكانها في مكتباتكم وهداياكم إلى من تحبّون. وأشكر لشيخ المصورين محمد ترجمان هذا التعاون الجميل الذي ساعدنا في إصدار بطاقات تحمل توقيعه باللون الأزرق».
وقدم رئيس البلدية دبوق ورئيس جمعية منتدى الفكر والأدب الطبيب غسان فران والملاح وجابر لوحة إلى المكرم ترجمان تتضمن البطاقات الصادرة ومجموعة من هذه البطاقات هدية له. وقلده الزميل حسين سعد شعار «جمعية بيت المصور» الذهبي، تقديراً لعطائه أكثر من سبعين عاماً، ومنحه نائب رئيس الجمعية باسم نحلة شهادة شكر وتقدير من الجمعية. وقدم له الفنان محمد رعد لوحة أعدها خلال الحفل تحمل اسم محمد عبد الباسط ترجمان بشكل فني وملون.
بعدها قص الجميع شريط افتتاح معرض الطوابع وجالوا في أرجائه. وقررت بلدية صور أن يبقى معرض الطوابع الذي أعده معرض خليل برجاوي لطوابع البريد، معرضاً دائماً يوثق إصدارات البريد عن مدينة صور ورموزها. وختاماً كان حفل كوكتيل، ووقع ترجمان الذي أحاطت به عائلته على البطاقات البريدية.
تصوير: عباس علوية