كامل جابر
مات صديقي جورج عشي الطيب الآدمي المتواضع، اصطاده الوباء اللعين على حين غفلة، برغم كل الاحتياطات. هذا المصوّر الإعلامي كافح بأجمل سنيّ عمره من أجل كرامته وأسرته الصغيرة، واجه العدو الإسرائيلي بعدسة كاميرته مرات ومرات، لم يطمح يوماً إلى منصب وجاه، فقط أراد أن ينعم ببيته وحبّه لزوجته وتربية ولديه جان بول وجو…
تربطني بعائلة آل عشي في مرجعيون أكثر من صداقة، أحببتهم مذ تعرفت إليهم إعلاميين بعد التحرير في سنة 2000، زرتهم أكثر من مرة في بيتهم القروي المرجعيونيّ، وزاروني في “بيتهم” في النبطية.
عائلة مرجعيونية طيبة تنسيك همومك وهي تحكي عن همومها بحبّ ودعابة، اشتغل معظم أفرادها في مهنة المتاعب، الصحافة. فقدت العائلة منذ سنوات قليلة الإعلامية مايا بعد سرطان لم يمهلها أشهرا. وهكذا تفقد اليوم جورج نديم العشي وهو لم يتجاوز الثانية بعد الخمسين.
يروي شقيقه الأكبر أدوار، كيف أنّ جورج كان كثير الحرص في مواجهة كورونا، من الكمّامة إلى الفحوصات العديدة، إلى كثير من الاحتياطات، ومع ذلك “ربما التقط العدوى من النقود في أحد المتاجر”.
لقد صدمنا رحيل جورج وهو لم يصمد أسبوعاً بعد مداهمة الوباء اللعين. يعود اليوم إلى مرجعيون في صندوق خشبي ليشيع غداً في مقبرتها. أبكرت في الرحيل يا صديقي الطيب المتواضع المحب، لم تترك أحداً من زملائك في الصحافة والتصوير “يزعل” منك، أصلاً لم تحمل في نفسك أيّ بوادر للزعل أو الغضب المتلاشي في دقائق وثوانٍ. لم تترك إلا كلّ أثر حميد متواضع مثلك.
ترحل اليوم، وزوجتك رانيا الخرياطي وإبناك جان بول وجو في عزّ حاجتهم إليك، وكذلك والدتك وأشقاؤك، لهم جميعاً كلّ آيات العزاء، وبالغ الحزن الذي أغشى قلبي مذ سماع هذا الخبر “الفاجعة”.
فلترقد روحك بسلام، وأنت لم تكن يوماً إلا رسول سلام.. ستفتقدك روابي مرجعيون وسهلها والخيام، وكل القرى المترامية عن الحدود، وقد كنت الشاهد الأوفى على صراعها مع العدو.
نمّ قرير العين يا صديقي، ففي بلادنا، ربّما الآتي أعظم…
نقيب المحررين
نعى نقيب محرري الصحافة اللبنانية جوزف القصيفي الزميل جورج عشي الذي قضى عن اثنين وخمسين عاما اثر مضاعفات جائحة كورونا” . واعتبر القصيفي ان” في رحيل عشي المبكر والمفجع، وهو في عز العطاء، ما يبعث على الحزن والاسى لخسارة هذه الطاقة الاعلامية الناشطة، المتسمة بالتواضع، ودماثة الخلق، وروح الاندفاع. فجورج عشي كان مراسلاً لمحطات تلفزيونية، واذاعات وصحف ووكالات انباء في المنطقة الحدودية في جنوب لبنان. وكان حرفياً، موضوعياً، يلتزم الحقيقة وينقلها إلى الرأي العام من دون زيادة أو نقصان. وكان مؤمناً بوطنه وحقه في السيادة والاستقلال، ومناضلاً في سبيل قناعاته اللبنانية والاخلاقية. وبغيابه يفقد الاعلام اللبناني أحد وجوهه، ومحطة الجديد مراسلاً وفياً واميناً، وعائلته الزوج الوفي والوالد الحاني.
وقدم القصيفي التعازي لعائلة عشي، باسم مجلس نقابة المحررين واسمه، كما لاسرة محطة الجديد وزملائه صحافيي واعلاميي ومصوري الجنوب الذين فجعوا بغيابه المبكر والمفاجيء.