في ذكرى رحيل المناضل العربي الدكتور علي جابر، ألف تحية إلى روح مناضل من الدرجة الإنسانية التي يشهد لها كل من عاصره أو عايشه.
لذلك، وتحية من ابنة شقيقته الرائدة الحاجة سلمى علي أحمد، ومنا إليه، نعيد نشر ما كتبته عنه يوم رحيله وهي مثقلة في الحزن على خالها… عائدين بصورة من الأسود والأبيض من أرشيفها:
«تحيّة إلى روح الخال المناضل الدّكتور علي جابر…
ما إنْ خرجت إلى الحياة العامّة، وبدأت أتفاعل مع محيطي، حتّى يسّر الله لي، ما لم أكن أتوقّعه، ألا وهو حضور الخال العزيز الدّكتور علي جابر إلى مدينة النبطية، بلده الأم، بعد أن أتمّ تخصّصه في حقل العلوم الطّبّيّة في جامعة دمشق، وكان متسلّحاً بفكر جديد وقيَمٍ جديدة؛ إذ أنّه كان من الأعضاء المؤسّسين لحزب البعث العربيّ الاشتراكيّ، بصفته ممثّلاً للقطر اللبنانيّ. وكان يومها يتدفّق حماسة وثقافة وإيماناً بمستقبل الأمّة العربيّة.
وبحكم علاقة القربى التي تجمعني به، خصوصاً وأنّ والدتي كانت الأكثر قرباً إلى نفسه من بين سائر الأخوات، فقد راحت تتكوّن لديّ قناعاتي الخاصّة، وأنا أراقبه، وأسمعه، وأحياناً أشاركه النّقاشات والحوارات، ما اختصر طريقي في الحياة، وساعدني على فهم الكثير من الحقائق من خلال تجربة الخال العزيز، وهو يشدّ إليه الشباب المتدفّقين حماسة لعروبتهم.
لقد كان القائد الميداني، إذا صحّ التعبير، في تلك المرحلة، ليس لأبناء البعث فحسب، بل وحتّى إلى سائر المنضوين في حركات وطنيّة وقوميّة صاعدة. كما إلى المستقلّين أمثالي. حتى غدا بالنسبة لي، المثال الأعلى الذي كنت أحاول دائماً أن أكونه، وأنا أستفيد من تجربته العقائديّة والسياسيّة والاجتماعيّة والفكريّة. وكنت كلما تقدّمت بي السنون أشعر بـأثر هذه العلاقة المتميزة، وهذه الشّخصية الفذّة في تكوّني وفهمي للحياة.
فإلى روح هذا الرجل الكبير، أتوجّه بالتحيّة الصادقة، متمنيّة إلى الله عزّ وجلّ أن يتغمدّه بواسع رحمه وأن يسكنه فسيح جنّات؛، ولن أنسى ما حييت، ما كان له من أيادٍ بيضاء على لبنان بشكل عام، وعلى عملي ومحيطي بشكل خاص…
شكراً لك أيها الخال، وألف رحمة ونور على روحك الطيّبة الطاهرة…»
سلمى علي أحمد