كتب الفنان مارسيل خليفة:
عمّا قليل تخرج أوركسترا الشباب في المعهد الموسيقي الوطني من آخر ” بروڤة ” إلى أولّ الحفلة.
“بروڤات” مكثفّة الى خطوة اولى على مسرح البحر الطويل في “عمشيت” للتأمل الحرّ في العزف والأداء بين عبثيّة الحلم وما تحققه على خُطى النهاوند .
ألم يكن ذلك ما كانوا يسعون اليه في مشروعهم لتعديل الفكرة الأكاديميّة المحكومة بشروط صارمة كانت تغض الطرف عن مواهبهم الأكيدة؟
وفعلاً وفي مدّة لم يمرّ عليها الزمن، إجترحوا بآلاتهم إنجازاً غير مألوف في الحياة الموسيقيّة ببلد “الإشعاع والنور” ولقد مسّوا بأصابعهم الحلم المرسوم بالأبيض والاسود، على الأسطر الخمسة للمدرج الموسيقي، يمدهّم بما افتقدوه من حاجة الى التعبير في حصتهم الدراسيّة
هل في وسع اوركسترا شباب المعهد ان تحلم اكثر؟
بالطبع نعم ! سؤال سنحيله يوم الأربعاء ٢٣ آب على وزير الثقافة وأرجو أن لا ينفصل السؤال عن بحّة ملح بحر عمشيت.
ليس هذا السؤال.
السؤال الساخر الآن هو سؤال مستقبل المعهد الموسيقي .
السؤال الآن هو سؤال سياسي بامتياز !
كيف ندقّق في الطلبات المتقدمّة لإدارة المعهد وهي تمّر على زواريب الطوائف السياسية والدينيّة لاختيار الرجل “العنيد” في المكان “العتيد ” حتّى لو كان لا يستوفي الشروط؟
والسؤال أيضاً سؤال إداري !
كيف نوزِّع الطلبات المتقدمة على حرَّاس الوطن التائهين في المشاريع الطائفية والمذهبية في آن؟
وهو أيضاً سؤال تربوي !
كيف نقنع طلاّب المعهد بمتابعة تحصيلهم على خُطى النهاوند دون المعرفة الأكيدة بجمال النهاوند ؟
وهو أيضاً سؤال ثقافي !
كيف لا نعتذر من هؤلاء الشباب بما تقترفه السياسة اللبنانية بحقهم ؟
وهو أيضاً سؤال إبداعي !
كيف نحوِّل الساحة الفنيّة من شروط حياة استهلاكيّة لن تكون صالحة لتأسيس وجود فني حرّ قابل للتطوّر ولكسر القيود والفرق بين الساسة والفن ؟
وهو أيضاً سؤال إعلامي !
كيف نحرّر الوعي الفني من الفارق الخادع بين صورة المهرجانات المتلفزة وبين مفهوم الفن الخالص البعيد عن البهرجة الإعلاميّة ؟
وهو أخيراً سؤال عاطفي !
كيف نحافظ على حبنا لشبابنا الذي يجري فينا مجرى التعب للوصول الى الهدف المنشود ؟
لقد رأيت في هؤلاء الشباب من الإلفة والحب والحماس ما لم اره في أي مكان آخر. لقد قفز قلبي من فرح تجلّي عمل هذا الفريق كقفير النحل على أزهار السياج .
شكراً وليد مسلَّم مدير المعهد الموسيقي .
شكراً أنطوان خليفة رئيس القسم الشرقي في المعهد الموسيقي .
شكراً لكل فرد ساهم من قريب ومن بعيد في تأسيس اوركسترا الشباب في المعهد المذكور .