الرفيق علي فيصل: هذه العدوانية لا يمكن مواجهتها إلا عبر المقاومة بمختلف اشكالها المسلحة والشعبية
في اليوم الدولي للتضامن مع القضية الفلسطينية (29 تشرين الثاني/ نوفمبر) نظمت بلدية مدينة النبطية بالتعاون مع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي والمنتدى الثقافي الديموقراطي الفلسطيني ندوة عنوانها “منطلقات التضامن مع فلسطين ومستوياتها” حاضر فيها القائد الفلسطيني علي فيصل، عضو المكتب السياسي للجبهة الديموقراطيّة لتحرير فلسطين ونائب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني بحضور وفد من قيادة الجبهة الديموقراطية لتحرير فلسطين في لبنان وحشد من الفاعليات الثقافية والسياسية والحزبية والاجتماعية.
وتحدث أولاً الحاج صادق اسماعيل باسم بلدية النبطية فقال: “أنْ تقفَ في حضرةَ فلسطين، يعني وقوفَك في حضرةِ النضالِ والإنسانيةِ، والحبِّ المطلقِ.. في هيبة اسمٍ من أسماءِ الثورةِ الحُسنى. فإليك يا مسرى الأنبياءِ والشهداءِ، نبضُ القلوبِ، وتوقُ النفوسِ، وعزّةُ الانتماءِ إلى كلِّ ما فيكِ من قداسةِ “القدس”، ونجاعةِ الثورة، وأصواتِ الشرفاءِ القابضينَ على انتمائهم وإخلاصهم، الشهداء الأحياء والأبطال، والمجاهدين الساعين إلى تحريرك، لا موتَ يهيبُهُم، ولا أعتى الأسلحةِ وأشكالِ القتلِ والدمار والاعتقال، هم “فِتْيَةٌ ءَامَنُواْ بِرَبِّهِمْ وقَضِيَّتِهِمْ وَزِدْنَٰهُمْ هُدًى”. في اليومَ الدوليَ للتضامنَ مع القضيةَ الفلسطينيَة، نؤكدُ المؤكدَ، ليسَ من اليومِ وحسب، إنّما منذُ تاريخِ النكبةِ سنة 1948، وهذه المدينةُ المخلصةُ، النبطية، وهذا الجنوبُ الأبيُّ، لم يقتصرْ إنتماءُ أهلِهِما إلى القضيةِ الفلسطينيةِ في عناوينِ التضامنِ فحسبْ، بل انخرطوا عن سابقِ إصرارٍ وتصميمٍ في الجهادِ والقتالِ والثورةِ من أجلِ تحريرِ فلسطين، وقدّمت هذه المدينةُ الكثيرَ الكثيرَ، خيرةً من أبنائها في سبيلِ تحقيقِ هذه العناوينِ المقدسةِ، وما زالوا قابضينَ على بنادِقِهِم، تلبيةً لنداءِ تحريرِها”.
وأضاف اسماعيل: “يسرُّ بلديةُ مدينةِ النبطيةِ، التي حمّلتني أمانَةَ التحدّثِ باسمِها، وباسمِ رئيسها الدكتور أحمد كحيل، متعاونين مع “المجلس الثقافي للبنان الجنوبي”، و”المنتدى الثقافي الديموقراطي الفلسطيني” أن يكونَ بيننا المناضلُ الفلسطينيُ الأستاذ علي فيصل، نائبُ رئيسِ المجلسِ الوطنيِّ الفلسطينيِّ، وعضوُ المكتبِ السياسيِّ للجبهةِ الديموقراطيةِ لتحريرِ فلسطين، للحديثِ حولَ “منطلقاتِ التضامنِ مع فلسطينَ ومستوياتِها”، وللتداولِ في همومِنا المشتركَةِ في مواجهَةِ التراخي العربيِّ حيالَ الموقفِ من الاحتلالِ الإسرائيليِّ لفلسطينَ وممارستِهِ أبشعَ صورِ العدوانِ بحقِّ أطفالِها ونسائِها وشبابِها، واعتقالِ خيرةِ شبابِها أو تصفيتِهِم في ظلِّ صمتٍ مطبقٍ لحكّامِ هذه الدولِ التي تسمّي نفسها دولاً شقيقةً، وتدافُعِها الواحدةُ تلوَ الأخرى للتطبيعِ مع الكيانِ الغاصبِ المعتدي على مقدساتِنا الإسلاميّةِ والمسيحيّةِ وثانيةِ القبلتينِ، ويهجّرُ ناسَها في محاولةٍ شرسةٍ لتهويدٍ كلملٍ للقدس الشريفةِ.
لكنَّ ما يعزِّينا، في ظلِّ هذا التجاهلِ المطبقِ للعديدِ من الحكامِ العربِ، لأحقيّة القضيةِ الفلسطينيةِ وأهلِها، وتطبيعِهم مع العدوِّ بأبخسِ الأثمانِ، هؤلاء الشباب والأطفال، الذين لم ترهبْهُم أو ترهبْ أهلِهِم قبضةُ النارِ والدمارِ الإسرائيليةِ، وما انفكّوا، بعد خمسةٍ وسبعينَ عاماً من النكبةِ، يقاتلونَ باللحمِ الحيِّ ويستشهدونَ من أجلِ فلسطين وحرّيةِ فلسطين، ناهيكَ عن تلكَ الأصواتَ الشعبيةَ العربيةَ، الرافضةَ بإصرارٍ للتطبيعِ مع العدوِّ، وتجاهلها قرارات حكامِها في هذا التنازل المخزي عن الموقف العربي المشرف والقضية الأولى، في الزمن المعاصر، فلسطين”.
وبعد قصيدة بالعامية للشاعر غازي عيسى، ألقى الزميل كامل جابر كلمة منها: “في 29 تشرين الثاني/نوفمبر من كلّ عام، تحيي الإسكوا اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني عملاً بقرار الجمعيّة العامّة للأمم المتحدة، الرقم (32/40 ب) المؤرّخ في 2 كانون الأول/ ديسمبر سنة 1977. بالأحرى، هو احتفال رسمي في ذكرى صدور قرار الجمعيّة العامة رقم (182 د)، في 29 نوفمبر/ تشرين الأول 1947، الذي ينص على تقسيم فلسطين. الغاية من هذا اليوم الذي يجمع التناقض بين التضامن مع شعب فلسطين وتقسيم بلادهم، التوعية حول محنة الشعب الفلسطيني، وحشد الدعم لنضاله في سبيل نيل حقوقه غير القابلة للتصرّف. وتواصل رصد وتوثيق السياسات الإسرائيلية وانتهاكات القانون الدولي في الأرض الفلسطينية المحتلّة”.
وأضاف جابر: “أخيراً، تبنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم الأربعاء الفائت، بتاريخ الثامن والعشرين من تشرين الثاني/ نوفمبر 2022، 5 قرارات بشأن قضية فلسطين والوضع في الشرق الأوسط. وفي اجواء اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه الوطنية، اعتمدت الجمعية العامة قراراً هامّاً، بتخصيص يوم 15 أيار من كلّ عام يوماً لإحياء ذكرى النكبة، مع الإشارة إلى أن يوم 15 أيار/ مايو سنة 1948 اعتمد تاريخاً يشير إلى بداية نكبة فلسطين..
ويطلب القرار الرقم A /77/ من شعبة فلسطين في الأمم المتحدة تكريس أنشطتها في العام 2023 لإحياء الذكرى الخامسة والسبعين للنكبة بفعاليات وانشطة متعددة، بما في ذلك إقامة حدث رفيع المستوى في قاعة الجمعية العامّة يوم 15 أيار 2023.
أسردُ حيثيات هذين القرارين الدالين في مضمونهما على الأهمّية البالغة بالنسبة للقضية الفلسطينية برمتها، إذ يؤكد الأول على التضامن الدولي مع القضية الفلسطينية، ويؤكد الأخير تاريخ نكبة فلسطين والفلسطينيين، بيد أنّ من يغص بين السطور، يكتشف أن قرارات الأمم المتحدة ليست سوى أبواب لتأكيد مشروعها نحو الدولتين في فلسطين”.
ثم كانت كلمة القائد والمناضل علي فيصل تناول فيها الأوضاع العامة التي تحيط بالقضية الفلسطينية، موجها التحية لمدينة النبطية “واهلها وابنائها الذين تقاسمنا معهم النضال المشترك، وتوحدت على أرضها الشهادة والدم اللبناني الفلسطيني في مواجهة العدو الاسرائيلي، من خلال توأمة المقاومة اللبنانية الفلسطينية المستمرة والمتواصلة، بهذه العلاقة المتجذرة في سبيل الدفاع عن فلسطين ولبنان، ومواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني التوسعي.
واستعرض فيصل المراحل التاريخية للنضال الوطني الفلسطيني منذ نكبة العام 1948، والصراع المتواصل في ميادين المواجهة مع الاحتلال الاسرائيلي “الذي يسعى من خلال مشاريعه الاستيطانية والاستعمارية وسياساته العدوانية اليومية إلى تصفية القضية والحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، الذي يواجهه ببسالة ومقاومة وصمود، وبتضحيات كبرى في قلب الضفة والقدس وقطاع غزة ومناطق 48، بالتلاحم مع نضالات حركة اللاجئين في الشتات بإرادة وعزيمة عنوانها التمسك بالارض والحقوق ورفض الاستسلام واستمرار المقاومة طريقاً لانتزاع الحرية والاستقلال، ودحر الاحتلال، واقامة الدولة المستقلة الكاملة السيادة وعاصمتها القدس”.
واعتبر فيصل “أن هذا المسار النضالي المتواصل للشعب الفلسطيني، هو الذي فرض على المجتمع الدولي والامم المتحدة اصدار القرارات الخاصة بفلسطين، وآخرها قرار الجمعية العامة باحياء ذكرى النكبة في الامم المتحدة بشكل سنوي، وهذا يعبّر عن انتصار الحقّ الفلسطيني وهزيمة كل الروايات والخرافات الصهيونية التي تسعى لتزوير الحقائق والتاريخ”.
ودعا الى “توحيد الصفّ الفلسطيني، وبناء العلاقات الوطنية على أساس الشراكة الوطنية، ودعوة دول العالم للتضامن مع شعبنا على أرضية استراتيجية نضالية جديدة يتوحد حولها الشعب الفلسطيني في كل تجمعاته، وإعادة الاعتبار لحركتنا التحرّريّة كونها حركة مقاومة ضد الاحتلال، وهذا ما يتطلب تطبيق قرارات الإجماع الوطني في منصّاته العديدة، التي كان آخرها إعلان الجزائر، وإنهاء الانقسام، وقطع العلاقة مع الاحتلال الاسرائيلي”. مؤكداً أن الوحدة والمقاومة أقصر الطرق لإنهاء الاحتلال.
كما أشاد فيصل “بموقف الشعوب العربية واحرار العالم المساندين للقضية الفلسطينية في الميادين كافة، معوّلاً على أهمية تفعيل وتطوير هذه التحركات وتنشيط حركات المقاطعة بمختلف اشكالها ومواجهة مشاريع التطبيع، وعزل الاحتلال على المستويات كافة، والضغط على الانظمة والحكومات لترتقي بسياساتها ومواقفها، وتخرج من حالة الصمت تجاه الجرائم الاسرائيلية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. “.
كذلك توجّه بالتحية “الى شعبنا المنتفض في الضفة الفلسطينية، على مقاومته الباسلة”، داعياً الأمم المتحدة والمجتمع الدولي لتطبيق القرارات الدولية والعمل على وقف العربدة الإسرائيلية وملاحقة قادة الكيان ومحاكمتهم باعتبارهم مجرمي حرب وارهاب، وضرورة ترجمة الدعم السياسي على المستوى الدولي بالاستجابة للاحتياجات المعيشية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين خاصة بما يتعلق بوكالة الغوث وحمايتها من سياسة الابتزاز الامريكية والاسرائيلية، وتوفير الاموال الضرورية التي تمكن الوكالة من القيام بدورها في توفير مشاريع الدعم الاغاثي لجهة اعتماد خطة طوارئ إغاثية شاملة لشعبنا في لبنان واعمار مخيم نهر البارد والمخيمات المدمرة في سوريا”.
كما طالب الدولة اللبنانية “بالإفراج عن الحقوق الإنسانية والاجتماعية وفي مقدمتها الحق بالعمل دون إجازة عمل والحق بالتملك وتقديم أشكال الدعم كافة للمخيمات والتجمعات الفلسطينية بالشكل الذي يرقى لمستوى العلاقة التاريخية بين الشعبين”.
وجال الحضور على معرض للرسم حول القضية الفلسطينية نظمه عدد من الفنانين التشكيليين في “ملتقى أطياف الفني”.
تصوير علي مزرعاني