رعى وزير الثقافة الدكتور عباس مرتضى ممثلاً بالدكتور ناصيف نعمة مهرجان تكريم الفنان والممثل والمخرج حسام الصباح مساء أمس الجمعة في حديقة الرسول الأكرم في مدينة النبطية بدعوة من بلدية النبطية ونقابة الممثلين في لبنان، والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية تقدم المرأة في النبطية وجمعية بيت المصور في لبنان، بحضور حشد من الفنانين الممثلين والمخرجين والكتاب في المسرح والتفزيون والسينما، يتقدمهم نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي، ومن الفنانين التشكيليين الرسامين والنحاتين والخطاطين ومن الشعراء (شربل فارس، حسين ياغي، علي عاصي، خولة الطفيلي، هشام طقش وغيرهم)، رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل وأعضاء المجلس البلدي، مدير عام قناة الجديد ابراهيم الحلبي، مدير عام قناة المنار إبراهيم فرحات ممثلاً بعماد عواضة، رئيس اتحاد الفنانين الفلسطينيين محمد الشولي، وفد من الحزب الشيوعي اللبناني، وفد من الحزب السوري القومي الاجتماعي برئاسة منفذ عام منفذية النبطية حسن حاوي، رئيس التعاونية التنظيمية لتجار النبطية والجوار محمد جابر، وفاعليات ثقافية وتربوية وفنية واجتماعية وحزبية وصحية، وعائلة الفنان المحتفى به حسام جواد الصباح.
ترحيب من رئيس فرع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية، رئيس جمعية بيت المصور في لبنان الإعلامي كامل جابر فقال: “سلامٌ عليك وأنت تعود إلى ديارك الأولى، وملاعبِ الصِّبَا، ترفرف بجناحيك فوق آكامِ الحيِّ العتيقِ، حيِّ السراي، تهبِطُ مهرولاً من “الرويس” إلى “النبعة”، تلثُمُ خدّها الرقراقَ، وتروي عطشَك الدائمَ إلى مهدِك الأثير… إلى النبطية.. وها أنتَ اليومَ يا صديقي، ترمحُ بين قصيدةٍ وقصيدة، وحكايا الفنانينَ المدروزةِ بهمسِ الكواليسِ، وأماسي الإبداعِ والحبِّ والأناشيدِ.. يا حسام، إنَّ ماءَكَ هطلٌ، يسقسقُ مرةً في موّالِ غديرٍ، ومرات بين سَبَلٍ وريح زمهرير… ينام الليلُ كلَّ إشراقةِ نهارٍ، ويطوي الأمسياتِ الزرقِ أرجوانُ الأصيلِ، وبينهما، تهبُّ نسائمك يا صديقي لتتداولَها الشبابيكُ.. والأقاويلُ، ودندنةُ الصبايا، بناتُ الحيّ، إذ تخبرُ إحداهنّ جارَتها، بإنَّ العاشقَ عاد ليتسلقَ عرائشَ الجميلاتِ كي يصلَ إلى ضفيرةِ حبيبته، فينام في خميلتها حتى انبثاقِ الفجرِ.. نمّْ يا حسامُ قريرَ الروحِ في ترابكَ الحريرِ، ودعه يهدهدُ لك كي تستريحَ، كي تطير… وسلام على روحك أنّى ترقدْ ينبتِ الأقحوانُ والبيلسانُ ويزهرِ الرّمان.. وتصدحِ الأغاريد..”.
والقت رئيسة جمعية تقدم المرأة في النبطية المربية زهرة صادق سلوم كلمة الجمعيات المشاركة فقالت: “حسام الصباح يا كبيراً ويا قديراً من وطني، نحتفي اليوم بذكراك مع هذا الحشد الحزين والفخور في آن، فخورون بك نحن، وقد جاهدت الجهاد الحسن بسيرتك الفنية القدوة وثقافتك وعلمك وما عشته من سمو أخلاق. لقد ارتضيت بحياة هانئة متواضعة بعزة وإباء، ومع كل الصفات الجليلة أنت محمود وأنت لكل القلوب أخ ونصير. يعز علينا اليوم، جمعيات وأندية في مدينة النبطية والأحبة المتحلقين حول ذكراك أن نرثيك وقد كنت حجر زاوية حلقاتنا ولساننا الطلق وفناننا المبدع بصوغ مداعباتك، شطحات أفكارك، سعة اطلاعك وموسوعيتك الفنية…”.
بلدية النبطية
وألقى صادق اسماعيل كلمة بلدية النبطية فأعلن أن “نقابة الفنانين في لبنان، تقدمت من خلال نقيبها الصديق الأستاذ نعمة بدوي، وكذلك الجمعيات المشاركة في هذا المهرجان، بتمنٍ على بلدية النبطية في أن تطلق اسم الفنان حسام الصباح على أحد شوارعها، وهذا الأمر يشكّل فخراً واعتزازاً لرئيس البلدية وأعضاء المجلس البلدي ولأهالي المدينة، بيد أنه بحاجة إلى قرارات إدارية وإجراءات لوجستية، ومتابعة تحتاج إلى بعض الوقت، نتمنى من الله أن يوفقنا وإياكم لتحقيق هذا الأمر في القريب العاجل”.
وأضاف اسماعيل: “لن تنسى النبطية اسم ابنها الفنان حسام الصباح، ابن حيّ السراي، تربّى فيها وترعرع، وصال وجال في حقولها وتلالها قبل أن تكتسحها نهضة العمران. ثم راح يرفع اسمها في سماء الوطن وفي العالم العربي فناناً مبدعاً أصيلاً. فباسم المجلس البلدي لمدينة النبطية، رئيساً وأعضاءً، قرّرتِ البلدية، منح الراحل وسام التميّز والإبداع تقديراً لعطائه وإبداعه وتميّزه. إلى جانب ذلك، تصدر البلدية طابعاً خاصاً ومغلّفاً تذكارياً من إبداع الفنانة التشكيلية الدكتورة خولة الطفيلي رسماً والإعلامي الصديق كامل جابر تصميماً وطباعة، “تحية إلى حسام الصباح، شعلة أضاءت سماء الوطن”. نشكر فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون على منحه الفقيد الراحل وسام الاستحقاق الوطني، والشكر موصول لوزير الثقافة الدكتور عباس مرتضى على اهتمامه ورعايته تقليد الوسام لعائلة حسام الصباح”.
نعمة بدوي
وتحدث نقيب الممثلين في لبنان نعمة بدوي فشكر باسمه وباسم النقابة فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لمنحه الراحل حسام الصباح وسام الاستحقاق بناء على طلب راعي المهرجان معالي وزير الثقافة عباس مرتضى، ورئيس وأعضاء المجلس البلدي لمدينة النبطية والجمعيات المشاركة في عذا المهرجان الوطني التكريمي تحية إلى الفنان الكبير.
وأضاف: “عرفتك فناناً مبدعاً خلاقاً مثقفاً تربوياً وأباً عطوفاً يفيض حناناً وإنساناً معطاءً نبيلاً كريماً. أدخلتني إلى دنيا عائلتك فأصبحتُ جدّو نعمة. معاً قاومنا الصعاب ونجونا من الموت عدة مرات واتخذنا من المسرح ملجأً. معاً وأحمد الزين ورفيق نصرالله ونقولا دانيال شيعنا “الشهيد ابن البلد”، ومعك عقوصنا “الدبور”، وعشنا في “زمن الطرشان”، وبحثنا مع الشدرواي عن “نزهة ريفية غير مرخص بها” وأعلنا “قيامة البنادق” في “بلاد العز”، مع مأمون البني كنت “جمال باشا” في “نورا”. ومع عاطف الطيب ونور الشريف في “ناجي العلي” انتظرنا “حنظلة” وما زلنا ننتظر زيارة القدس. وعشت مع الدرجاني “حلم رجل مضحك”…”.
زاهي وهبي
وقال الشاعر زاهي وهبي: “هذا المتبتل للفن عشق التمثيل وما أخذته بهرجة الأضواء. أتقن أدواره وما افتتن بمراياه. ظلّ لصيقاً بالأرض، بالعشب، بالتراب، بالكادحين والفقراء. وظلّ عاشقاً لعطاشى كربلاء. كأنه وجد توازنه النفسي والروحي تحت خيمة عاشوراء. هنا في النبطية التي هزم حيدرها جحافل الاحتلال صار حسام علامة فارقة من علامات المدينة التي سكنته مثلما سكنها، حملها في حلّه وترحاله، وبقي مصراً على العودة إليها مهما تأخّر الليل وعمّ الظلام. وشاء الله أن يكتب خاتمته على الطريق ذاتها التي أفنى ردحاً من عمره عليها، ذهاباً إلى آخر الحلم وإياباً إلى الينابيع الأولى، ينابيع الجنوب السخيّ بالمياه والدماء، الكريم بالإبداع والمبدعين…”.
رفيق علي أحمد
وقال الفنان رفيق علي أحمد: “إن صحت مقول للإيمان عين واحدة، وللعقل عدة عيون فإن حسام حسيني بالإيمان والعقل لذلك كان الحسين قدوته على طريق الحق، مصلحاً ثائراً على الظلم والجهل والتخلف والفساد، من أجل الإنسان، كل إنسان أينما كان… لعب دور الحاكم المستبد كاشفاً ظلمه وطغيانه كما لعب دور خليل الكافر، الراعي المسلوبة حقوقه من قبل سلطة رجال الدين. كما لعب أدواراً اعتمر فيها عمائم رجال الدين ملسمين ومسيحيين”.
وتابع: “حسام متفان بوفائه للأصدقاء، فأثناء مراسم دفن الكبير يعقوب الشدراوي طلب أهله من حسام أن يقرأ فقرة من الإنجيل لأنه كان أقرب الناس إليه. عاش معلماً مرشداً لكل من حوله. كاداً على عياله، ثائراً مقاوماً، فناناً مؤمناً بأن الفن مقاومة. عاش ضحوكاً، ساخراً ورحل حراً متحرراً صابراً متصبراً. عاش وما غرته الدنيا ورحل كمن يقول: يا دنيا غرّي غيري”.
نقولا دانيال
ثم تحدث الفنان نقولا دانيال فقال: “نحن اليوم نكرمك يا حسام في جنينة وليس في صالة مقفلة، فدون أن توصي عرف أبناء مدينتك أنك سترضى وتطمئن وترتاح بين الخضرة والماء كي تهيم روحك مع النسيم يا محب الأرض وعاشق الطبيعة. لكن اعذرنا إن لم نوفك حقك، فما كنت ترسله لنا من كلمات عطرة مخطوطة على أوراق نضرة، نبادلك إياها الآن بكلمات مكتوبة على أوراق خرساء ذابلة لكنها صادرة من القلب، لا مبالغة فيها ولا تكلف لأننا نعرفك كم أنت بسيط وزاهد حقيقي وكم أنت صادق وشفاف..”.
واضاف: “يكفي أن نلقي نظرة على الشعلة التي صممها الصديق كامل جابر وله الشكر على كل نشاط يقوم به، هذه الشعلة التي تضم أعمال الراحل العزيز حتى نقف على مدى مثابرته وإصراره وعلى مدى اجتهاده في العمل نوعاً وكمّاً. عمل في التمثيل والاخراج والكتابة والدوبلاج وإدارة الانتاج والعمل النقابي ودرّس ووجّه وأدار وكان ناجحاً في كلّ أعماله كادحاً لا يجفّ عرق جبينه، حاملاً شعلة الفن والثقافة حتى أضحت الشعلة المضيئة أشبه بالشجرة الوارفة المثمرة. قضى حسام حياته كالنافخ في الناي، يكابد ويجاهد ويعاند عازفاً لحناً صعباً جميلاً. بقي صامداً حتى النفس الأخير مصرّاً على وضع النوتة الصحيحة في مكانها الصحيح لكي يكتمل اللحن…”
مشهور مصطفى
وكانت كلمة للمخرج مشهور مصطفى قال فيها: “هذا الممعن في العفوية والمخضّب بالطيبة والكرم، الثابتة قدماه في أرض اليقين والوفاء، كان وحده جبهة من جبهات الإبداع. وكنت لوحدك رغم إحاطتك الدائمة بالرفاق والأصدقاء وحيداً في محراب ذاتك تتلو صلاتك الدائمة عندما يغيب الإيمان. لا أحد سواك يكشف عن سرك الذي كنت تبث تباشيره حيناً في سلوكك وفي أعمالك الفنية وفي تلميحات ضحكاتك المجملة بالمعاني الكثيرة أحياناً. رحيلك المفاجئ الذي لم نقوَ على وقعه، استحضرك فينا بقوة، واستحضر كل خصائصك وأعمالك وإبداعاتك وقذفها في وجهنا دفعة واحدة حتى أننا لم نقوَ على التقاط أنفاسنا… مهلاً علينا، تمهل رويداً، ترفق بنا، كما عهدناك رقيقاً مترفقاً ودعنا نستجمع قوانا ونلملم ذكرياتنا وجراحنا، ودعنا نستفيق من الصدمة…”.
منير كسرواني
وقدم الفنان منير كسرواني كلمات رقيقة مهداة “إلى رفيق العمر حسام الصباح” ثم مجموعة ألحان عزفها على الناي يرافقه عازف البزق الفنان عدنان سلامة.
وقدّم عماد عواضة درع قناة المنار إلى عائلة حسام الصباح وقال: “باسم المدير العام لقناة المنار الأستاذ الحاج إبراهيم فرحات وأسرة المنار جميعاً نتقدم بباقة المواساة إلى العائلة والفنانين والأدباء والشعراء والممثلين بخالص العزاء”.
الوزير مرتضى
وألقى الدكتور ناصيف نعمة كلمة وزير الثقافة عباس مرتضى فقال: “لقد كلفني الوزير الاعتذار عن عدم الحضور اليوم من عائلته ومن محبيه ومكرميه الذين افتقدوه كواحد من أصدق الفنانين احساساً ومعايشة واقتباساً للأدوار التي مثلها وهو الذي تجسدت فيها حركة الثورة للإمام الحسين فعاشت فيه وفي قلبه ووجدانه، كما مدينة النبطية، مدينة الشهادة والريادة والقيادة الحكيمة”.
وأضاف: “إن تكريمكم اليوم لحسام الصباح وفي ظل ظروف استثنائية هو ترجمة فعلية تعبر عن أصالتكم ورؤاكم الواضحة في زمن المتاجرة والتطبيع والتهويد الثقافي ومظاهر الفساد والإفساد. ومن كانت رؤيته مساهمة في بناء الإنسان كبنيان ثقافي يسهل عليه أن ينتمي لهذا الجيل النخبوي الذي يتخذ حسام الصباح مثالاً يقتدى وأنموذجاً يحتذى ضمن مسارات وحدة متناسقة في مقابل التجزئة والتعدد والعبثية الضالة والمنحرفة. إن وزارة الثقافة اليوم، وفي ظل هذه الازمات المتتالية التي نعيشها هي معنية أكثر من أي وقت مضى، بالحفاظ على تراثنا وتاريخنا وثرواتنا الفكرية والتراثية”.
وبعد كلمة ختامية لنجل حسام الصباح، علي، تناول فيها محطات من سيرة والده، شاكراً “لهذا الحشد الوطني في تكريم والدي والتصويب على مسيرته ومطات في حياته،” قدمت الفنانة التشكيلية الدكتورة خولة الطفيلي أربع نسخ “متقنة” من لوحتها بورتريه “حسام الصباح” إلى عائلته وإلى وزير الثقافة وإلى نقابة الممثلين وإلى بلدية النبطية، وجرى بعدها عرض الفيلم الأخير لحسام الصباح “برسم البيع” ومدته 13 دقيقة من إخراج الطالبة في قسم الإخراج في جامعة LAU آية غندور بإشراف المخرج طوني فرج الله.
تصوير علي مزرعاني وعباس علوية