كامل جابر
يبدو أن الطبيب الدكتور أحمد مراد اختار وجهاً جديداً من وجوه الثقافة السياسية البعيدة هذه المرة عن تراجمها اللبنانية التي تُختصر بشعار “إن لم تكن معي فأنت خصمي” أو بالأحرى “فأنت عدوّي”. خيرٌ فعل الدكتور مراد إذ لجأ إلى الكتابة الثقافية السياسية بامتياز التي لم تتجاوز ذاكرته وتربيته مذ نشأ وترعرع بأنفاس النضال اليساري في “عيترون” الحدودية التي تشبه بتفاصيلها التاريخية وذاكرتها مختلف القرى الحدوديّة اللبنانية مع فلسطين المحتلة، بل تلامس القضية الفلسطينيّة إلى حدّ التوأمة.
مرة جديدة يستحضر الدكتور مراد الذاكرة الموجعة، لكنها الذاكرة البطلة المقاومة الثائرة، على مختلف صنوف الظلم والاغتصاب، وهنا اغتصاب الأرض والحقوق الإنسانية للشعبين اللبناني والفلسطيني على حدّ سواء.
عن دار “الفارابي” تصدر رواية مراد “التوأمة” في نيسان 2021، بعد روايته الأولى «الألبوم… صفحات ووريقات من الذاكرة» 2016. كتاب التوأمة من الحجم الوسط ومن 397 صفحة. أمّا لوحة الغلاف فللفنانة أحلام عباس.
على الغلاف الأخير كتب الدكتور مراد: “الحدث الفلسطيني في العام 1948، زلزال لا تزال تردّداته تتفاعل، والمنطقة لم ولن تعرف السكينة…
التوأمة تحاكي جانباً مظلماً من مأساة مواطنين لبنانيين، لم يغادروا فلسطين وبقوا في داخل الأراضي المحتلّة، فتقطّعت أوصالهم، وكذلك صلاتهم بعائلاتهم في لبنان، وتعذّر لمّ الشمل…
في بادئ الأمر أطلقت دولة الكيان الصهيونّي عليهم اسم (عرب فلسطين)، ولاحقاً حصلوا على الجنسية “الإسرائيلية”.
ليس لهذه الرواية بطلً، بل كلّ أفرادها أبطال بتكاتفهم وتعاضدهم وتضحياتهم؛ مات بعضهم واستُشهد آخرون، والبقية منهم ما زال أفرادها أحياء يُرزقون حاملين مظالمهم. قرن ونيّف من الصراعات والحروب، وشعوب المنطقة لم تجنِ منها غير الويلات. من جيل لآخر استمرّت القضية ولم تمتْ، والحلّ في نهاية المطاف لن يكون إلاّ بأنسنتها، كونها السبيل الوحيد لتحقيق السلام.”
وبانتظار تراجع اجراءات الوقاية من جائحة كورونا وتراجع الاصابات، يطلق المجلس الثقافي للبنان الجنوبي، من النبطية هذه الرواية متعاوناً مع أندية وجمعيات، ضمن احتفال يتناول الرواية وعمقها وتفاصيلها، القيّمة حتماً.