باللهِ، أيَّ يدٍ شَلَّتْ يدُ الزمنِ
وأيُّ فِكرٍ طَموحٍ لُفَّ بالكفنِ!
وأيُّ فجرٍ بهيٍّ، في ضياهُ صدى
حدْوِ الغروبِ بدا، والصبحُ لم يحِنِ
وأيُّ قبرٍ فسيحٍ غاص في أرَجٍ
كأنّه روضةٌ قُدَّتْ من العدَنِ
أنَعْشَ بدرٍ أرى يسمو على أَلَقٍ
أم درّةً لألأتْ في هامةِ الزمنِ؟
قالوا مضى حسَنٌ طَيَّ الترابِ فما
صدّقتُ أنّ الهدى يأوي الى سَكَنِ
أتحْبسُ الشمسَ أغصانُ النخيلِ وهلْ
يُصاب موجُ الإبى والطهرِ بالأسَنِ؟
نفسٌ تُلازمها الأعباءُ مثقلةٌ
بالحُبِ تَحملهُ عن كلّ ذي شجَنِ
تمُوجُ في بدنٍ حطّ الرّحالَ على
سقامه، فاغتدى يشكو من الوهَنِ
ثقْلُ الإباء طوى الجسمَ السقيمَ كما
تُحني الثمارُ حواشي غُصْنِها المَرِنِ
ما كان للموتِ نزْعُ النفسِ مِنْ حَسَنٍ
لولا اتكاءُ مراميها على البدنِ
ما بالُ طالعِنا نحسُ يحيطُ بنا
نفُرُّ من مِحنٍ نهوي الى محَنِ
تُقْنا الى الغيثِ، ما كادت بوادرُهُ
تَنْهَلُ، حتى استبدَّ العصفُ بالمزُنِ
رُمْنا تَسَلُّقَ دفءِ الشمس فانكسفتْ
وخلَّفتْنا لليلٍ باردٍ عَطِنِ
جئنا الى الصيف نهوى في نسائمه
نعومةً فانبرى في حرّهِ الخشِنِ
رُحْنا الى العيد فازداد الفؤادُ جَوَىً
وكان ليلُ الأسى، والعيدُ لم يكُنِ
ما بالنا، نقمةُ المقدورِ تصفعُنا
بحقدِ دهرٍ فنونَ الغدرِ مُتَّقِنِ
نقارعُ الحُزن بالصبر المَريرِ ولا
تكفُّ عنّا سهامُ الموتِ في الهُدَنِ
نبتاعُ أنفاسَناً دمعاً على عَرَقٍ
والموتُ يَسلبُها وَهْباً بلا ثمَنِ
نخالُ في الموتِ مرسى كلِّ ماخِرةٍ
لمُبْحرٍ بهياجِ الموجِ مُرتَهَنِ
نَتوهُ خلف مآسينا ونَحْسبُهُ
عدلاً يُجسّدُهُ الرحمنُ في سُنَنِ
سحقاً لبَرٍّ أمينٍ نرتجيهِ إذا
حالتْ مراسيهِ بين البحرِ والسفنِ
وبئس حكمُ قضاءٍ سُمُّ أسْهُمِهِ
يسري من الحسَنِ الزاكي الى حسَن
مصطفى سبيتي