كامل جابر
الأحد في 21 آذار/ مارس 2021
نختار صورة “النسوة والجرار”، في مناسبة عيد الأم، المصادف في 21 آذار/ مارس من كلّ عام، وهي دليل متواضع لما تبذله الأمهات من جهد كبير في سبيل أولادهن وعائلاتهن…
تعود هذه الصورة إلى مجموعة من نساء بلدة زفتا (قضاء النبطية في جنوب لبنان) وقد التقطها أحد السيّاح الفرنسيين في سنة 1953. اللافت فيها، أن النساء يسرن حافيات الأقدام (معظمهن) في وسط الحقول والبراري، في خلال عودتهن من عين الماء المسماة ” عين المْسَيْجْعَة” بين زفتا والمروانيّة؛ بينهن فقط صبية واحدة لم تتجاوز العاشرة اسمها عليا نعيم أيوب من زفتا تعيش اليوم مع زوجها عبد الحليم بحمد من جبشيت وأبنائهما، وقد اعتمرت جرّة تناسب عمرها، وانتعلت “جزمة” تساهم في تسهيل مهمتها إلى جانب قريباتها وجاراتها، وقد تكون الوحيدة الذاهبة إلى العين لتعيش التجربة بعدما ألحت على أمها بالطلب “طلبتُ إليها أن تسمح لي بالذهاب إلى العين مع قريباتي وجاراتنا، فطلبت أمي بدورها من أبي أن يشتري لي من سوق النبطية جرة تناسب عمري، وجزمة تساعدني في سلوك البراري، وهكذا حصل. من حظي في ذاك اليوم، أن سائحاً فرنسياً عبر بالمكان والتقط لنا الصورة التاريخية في سنة 1953” تقول عليا.
كان السائح في زيارة أحد أعيان الجنوب وزفتا، حسين بك الدرويش، وقد أهداه نسخة مكبّرة منها، فعلّقها في دارته، نظراً إلى مدلولاتها المتعددة، ولاحقاً قام الأهالي بنسخها ونشرها. وكانت الصورة عنصر جذب وإلهام للعديد من الفنانين التشكيليين، فرسموها مضيفين إليها الألوان، وبعض اللمسات الخاصة.
بالرغم من الجهد المطلوب لهذه المهمّة، وما تحملها من مشقّات وتعب، كانت النسوة تأدّينها بكل رحابة صدر، كيف لا وهي الوسيلة الوحيدة للإتيان بمياه الشرب إلى البيوت والعائلة، بالطبع قبل وصول المياه إليها بواسطة الأنابيب.
في العام 2019، أصدرت “جمعية بيت المصوّر في لبنان” في مناسبة “يوم المرأة العالمي” الذي يصادف في الثامن من آذار من كلّ عام، بطاقة بريدية تحت عنوان “نسوة وجرار” للصورة التي يقترب عمرها من سبعين عاماً. كذلك صدرت بطاقة بريدية عن بلدية مدينة النبطية في العام 2005.
وقد تبيّن أنّ من في الصورة، من مطلعها وحتى آخر الطابور هنّ كل من: خديجة نجم (أم سجيع)، سهجنان عواضة، مريم عواضة (أم غازي) وبهيجة حمزة (أم بديع) والطفلة عليا نعيم أيوب.