جبران خليل جبران
استدعيك واستميحك عذرا
“في وادي ظل الحياة, المرصوف بالعظام والجماجم, سرت وحيدا في ليلة حجب الضباب نجومها, وخامر الهوى سكينتها….”
قالها جبران منذ مئة عام, وما زلنا في وادي ظل الحياة, المرصوف بالعظام والجماجم…
منذ خمسة اشهر, وهروبا من الواقع العربي المرير, لجأت الى جبران,,, استعيد قراءة كل اعماله… استدعيته بعد حوالي نصف قرن من قراءتي الاؤلى له….
اخذ الطين يتحوّل بين اصابعي المتوترة من”عرائس المروج” الى ” الارواح المتمردة” الى “الأجنحة المتكسرة”….الى ” النبي” وحديقته….
اجمع الطين بين راحتيّ… يطل برأسه الطيني رومانسيا خجولا… ارتاح لرأسه على الكلمة المجنحة’… واعود الى واقعيتي في”ظل الحياة” وفي اليوم التالي اعود اليه و”اخرّبه” بعصبية… اعجن الطين مجددا بين راحتيّ واعيد تكوينه من جديد في محاولة تصالحية توافقية بينه وبيني وبين الواقع المأزوم… اكثر من خمس محاولات وجبران يرفض حلته الطينية…!!
وعندما انتهيت من قراءة كل اعماله بالعربية والانكليزية جالست جبران والطين جلسة “تصالحية” انصاع الطين واستجابت اناملي لجنون جبران وتصوفه و كالقابلة القانونية سحبت رأسه من كومة الطين و”لفيته بالنايلون”… ارحته وارتحت شهرا كاملا.
ومضى الشهر… كشفت الرأس الطيني واطلقت سراحه بين “دمعة و ابتسامة” و”العواصف” الذي هو كتابه الاخير باللغة العربية… توزع الطين بين قلب جبران وفكره بين ربيع الحقول و”يوحنا المجنون” بين “اعطني الناي وغني.. ومرتا البانية.
واخيرا بين الموتى و”حفّار القبور” نعم بين موتانا “الذين لم يجدوا من يدفنهم فظلوا منطرحين فوق الثرى ورائحة النتن تنبعث منهم” كما كتب جبران عن الحرب العالمية الاولى.
وبين جبران و”الاله المجنون”الذي علمه مهنة حفر القبور
اله مجنون؛ نعم انه الموجود في كل زمان ومكان وشغله يقتصر على”في الصباح اجدّف الشمس, وعند الظهيرة, ألعن البشر, وفي المساء اسخر بالطبيعة, وفي الليل اركع امام نفسي واعبدها…”.
ويعود جبران اليوم, بعد اكثر من مئة سنة من الحرب العالمية الاولى, ونستعيد معه ما قاله:
مات اهلي على الصليب
ماتوا لانهم لم يكونوا مجرمين
ماتوا لانهم لم يظلموا الظالمين
ماتوا لانهم مسالمين
جبران انت الاجمل تصوفا في حب الحياة وفي خمرة الصلاة والعشق اللامتناهي والكلمة المجنحة
جبران شكرا
جبران استميحك عذرا
عملي الاخير راس جبران
شربل فارس