كامل جابر
10 حزيران 1950- 10 حزيران 2018
أن يكون القمر بدراً، أو يكون هلالاً، فإنه القمر، ووجهه في مسار مداره، هو وجه مرغوب ولا يقاوم…
أما الصخر المنحوت من قمم جبال لبنان، فهو ابن الريح والثلج والمطر، ما يعني أنه ابن العطاء لرقي لحياة، ولكي تدوم وتصير أنقى؛ وهو كذلك ابن العيون التي تعشق فتهيم بالدفء والجمال…
ومرسيل خليفة، في جنى أعمارنا، كان وما فتئ، القمر والمطر ورنين الحجر، الحجر الشفاف الذي إن صهل، اضطرمت نار وسطع نور…
العمر المديد لمن أغنى أعمارنا بثقافة الموسيقى والصوت، التي غمرتنا بسحرها، لا لتصيبنا بالخمول والخدر، إنما لتحرضنا على الحياة، وأي حياة؟ على الحياة الجميلة، وعلى الثورة والمقاومة والعنفوان، ما جعلنا نسمو نحو مناخات الكبرياء والتحرر من العبودية والانقباض والاهمال، والانتفاض على كل جور وتسلط. إنّك كذلك يا صدى الأرواح المنعتقة من القيود، المشرعة على الحضارة والثقافة والجود…
68 قمراً في سمائنا وأعمارنا…
مرسيل خليفة… كيف لنا أن نقاوم كل هذا الضوء، بعدما تغلغل إلى أرواحنا وأفكارنا، من صبوتنا إلى شبابنا ورجولتنا؟ يجيء القمر بينما نتخبط بلا سند أو ظهر، بين عشقنا لفلسطين والمقاومة وهما عطر وجداننا، ورغبتنا في وطن مثالي يتساوى فيه أبناؤه في الحقوق والواجبات، ونتطلع نحو القضايا العربية كسند لحركاتها التحررية وعنفوان شبابها ومثقفيها وفنانيها… جاء صوتك كالضوء، كالأمل، كالريح التي أيقظتنا ونحن غير نائمين، أنقول شدّت إزرنا؟ بددت صمتنا ونحن نهتف للحرية والثورة والاستقلال؟ يجيء صوتك، وتالياً أو قبلها، موسيقاك وألحانك لتكون بمثابة السلسبيل لعطش الصائمين والتواقين إلى الضوء والحب وكل أصيل…
مرسيل خليفة، أنت الصوت والموسيقى واللحن والكلام الجميل، المتقطر من أنابيق الشعراء (مفردها إنبيق: الكركة) زهراً مبلولاً، المسكوب في وجدادنا ماء زهر وورد وكأس حب نعبها لننتشي في هذا الإبداع اللامتناهي، المتفوق العابر للحدود والأوطان والأسلاك الشائكة والحصارات…
68 قمراً جعلت حياتنا أجمل، وأضفت إلى معاني السمو رغبة الارتقاء…
68 قمراً هي النور الذي اقتبسنا من وحيه ألوان الصفاء ورحابة الفضاء…
68 قمراً هي العمر الذي عشناه وهطلك نقاء، وتستسيغه أجيالنا بلا انكفاء…
مرسيل خليفة… كل عام وأنت القمر والمطر والشجر وأناشيد العصافير و”جوازات السفر”…