الأحد 13/05/2018
تذكر مي عريضة كيف تحوّلت إلى سفيرة لكريستيان ديور في نيويورك يوم زارت المدينة برفقة النجمين السينمائيين بربارا ستانويك، وروبرت تايلور. التقط المصوّرون يومذاك صوراً لها وهي ترتدي ثوباً من تصميم ديور، ونُشرت هذه الصور في الجرائد، وكانت بمثابة إطلاق موضة “نيو لوك”. أمضت مي مع زوجها عشرين يوماً في نيويورك، ثم انتقلت إلى لندن حيث حلّت في ضيافة الرئيس كميل شمعون وزوجته زلفا لأسباب طارئة، وتابعت هناك أهم النشاطات الموسيقية والمسرحية، وافتتنت بمارغوت فونتاين، (بعد ثمان وعشرين سنة، استقبلتها في بعلبك حيث لعبت المسرحية نفسها مع نجم صاعد يُدعى رودولف نورييف). قال لها كميل شمعون: “لو ساعدني الله، ولو وصلت الى الحكم، سأعمل شيئاً من أجل قلعة بعلبك”. وبقيت هذه الكلمات محفورة في ذاكرتها. في صيف 1955، مرّت “فرقة الكوميديا الفرنسية” في لبنان، وقدمت على مسرح باخوس أربع مسرحيات كبيرة وفتحت هذه العروض الباب أمام تحقيق حلم بعلبك. وفى الرئيس شمعون بوعده، وشكّل لجنة بعلبك. ضمّت هذه الجنة ايليا أبو جودة، كميل أبو صوان، نينا جيديجيان، جان فتال، سليم حيدر، خليل هبري، جان سكاف، فؤاد صروف، وعيّنت إيميه كتانة رئيسة لها، واختيرت سلوى السعيد مسؤولة عن النشاط المسرحي، وعُهد إلى مي عريضة كل ما يختص بالحفلات الموسيقية.
تروي مَيّ عريضة مطالع المهرجان: نحن سنة 1957، إِيغور مُويـيـسِّـيـيڤ في لبنان، تطلب إِليه اللبنانيةُ الأُولى زلفا شمعون تدريبَ مدرّبين على الرقص فكان مروان وبديعة جرار، ثم تطلب إِلى عاصي ومنصور الرحباني تحضيرَ مسرحيةٍ غنائية وقَّعَت لها فيروز على عَقْدٍ بليرةٍ لبنانيةٍ واحدة تخفيفاً لمصاريف اللجنة فكانت “إِيّام الحصاد” لَيلتَين (31 آب و1 أَيلول 1957) بأَلحان الأَخَوَين رحباني وفيلمون وهبي وزكي ناصيف، وإِخراج صبري الشريف، وكوريغرافيا مروان ووديعة جرار، وتوفيق الباشا لقيادة الأُوركسترا، ومحمد شامل ومحيي الدين سلام للإِدارة، ودهشة الجمهور من عتمةٍ كاملةٍ على أَدراج هيكل جوﭘـيتر ثم شَعَّ نورٌ من أَسفل الأَعمدة أَطلَّت منه فيروز كما من فراغ الليل تُنْشد “لبنان… يا أَخضر حلُو عَ تلال”، وكان تصفيقٌ طويلٌ من جمهورٍ موشَّحٍ بدموع المشهد الرائع تَبِعَتْهُ أُغنية زكي ناصيف “طَلُّو حبابنا” ورقصة “هيك مشق الزعرورة” وغناء نصري شمس الدين.
وتوالَت بعدها إِلى هياكل بعلبك الاعمال الابداعية: لويس آراغون، جان كوكتو، إِيلاّ فيتزجيرالد، ﭘلاسيدو دومنغو، أُمّ كُلثُوم، فرَانْك سيناترا، هربرت ﭬـون كارايان، شارل مونش، ماتيسلاڤ روستروﭘوﭬـيتش، موريس بيجار، إِيغور مويـيسِّـييڤ، مارغو فونتين، جان لوي بارو، جنـﭭياڤ ﭘاج، مادلين رينو…
هذه حياة ميّ عريضة، بين الصدفة والحلم والنجاح والدراما والسفر والشهرة والعمل في الكواليس، والتقرب من قادة القصور. وفي السنوات الأخيرة توالت تكريماتها، في وقت أصبحت مهرجانات بعلبك اشبه بالنوستالجيا. وبرغم جهود لجنة المهرجانات، كان الحنين يبقى للحبيب الأول، أي أيام الستينات.
المصدر (المدن)
توفيت صباح اليوم(الأحد في 13 أيار/مايو، الرئيسة الفخرية لمهرجانات بعلبك الدولية مي عريضة عن عمر يناهز 92 عاماً.
وتولّت منصب رئيسة مهرجانات بعلبك الدولية منذ العام 1973 الى أن تسلّمت مركز رئيسة الشرف لاحقاً، لتستقيل منذ قرابة السنتين حيث عُيّنت مكانها السيدة نايلة دوفريج.
وكانت عريضة رئيسة الاتحاد اللبناني للتزلج على الماء، من العام 1953 حتى 1961.
ومن أبرز إنجازاتها أنها أشرفت على تنظيم مهرجانات بعلبك الدولية منذ اكثر من 50 سنة، وأدرج اسمها من بين اهم 100 امرأة في مركز مدير في اوروبا والعالم العربي، كما نظمت أول بطولة للتزلج على الماء في لبنان، بالتعاون مع الاتحاد اللبناني لهذه الرياضة.
وأنشأت مسرح مهرجانات بعلبك مع أعضاء لجنة بعلبك لمنح الطلاب فرصة التمرين على الأداء على خشبة المسرح عام 1968.
(النهار)
وزير الثقافة
ونعى وزير الثقافة غطاس الخوري، عريضة، وقال: “برحيل السيدة مي عريضة يفقد لبنان شخصية نسائية رائدة عملت على إبراز وجه لبنان الحضاري والثقافي وحفظ مكانة له على خارطة المهرجانات الدولية، ولا يمكن ذكر مهرجانات بعلبك الا ويكون اسم السيدة عريضة حاضرا في بالنا”.
واضاف: “مي عريضة عروس مدينة الشمس، المواكبة دائما لكل الفاعليات على مدرج جوبيتر وهيكل باخوس، حيث اثبتت انها السيدة الجديرة بقيادة المهرجانات ولجنته الى المستويات اللائقة محليا وعالميا”.
وختم: “نتقدم من عائلة الراحلة ومن لجنة مهرجانات بعلبك رئيسة واعضاء، وجميع اللبنانيين بأحر التعازي سائلين المولى ان يتغمدها بواسع رحمته، وان يلهم اهلها ومحبيها الصبر والسلوان”.
صوَر