توفيت الأديبة اللبنانية الرائدة إملي نصرالله عن عمر يناهز 87 عاماً، بعدما خسرت معركتها مع السرطان، على أن تقام مراسم الدفن غداً الخميس في زحلة (البقاع)، وفق ما نقلت «الوكالة الوطنية للإعلام».
بعد يوم من إصدار «دار هاشيت أنطوان ــ نوفل» كتاباً جديداً لها بعنوان «الزمن الجميل» (رسوم جان مشعلاني)، فارقت إملي الحياة تاركة أرشيفاً غنياً بالمقالات والروايات والقصص، وبصمة بارزة كمحاضرة وناشطة في مجال حقوق المرأة. العمل الجديد عبارة عن رحلة جديدة ثرية تأخذ فيها الكاتبة القراء إلى لبنان في خمسينيات القرن العشرين، ويتقاطع فيها الشخصي مع العام ليتجاوز السرد الصحفي والأدبي حدود المقابلة إلى رحاب الوطن والمجتمع، على حدّ تعبير الدار في البيان الذي أصدرته أخيراً. بأسلوبها الدافئ، ونصّها الغنيّ من دون بهرجة والكثيف من دون استعراض، تجول بنا في عوالمها الخاصة وتجربتها ولا نشعر بالغربة. تذكّرنا بأسماء نسيناها وتقدم لنا أخرى لا نعرفها، من خلال وجوه قابلتها وحاورتها؛ هنّ نساء في الأغلب. مناضلات، كلٌّ على طريقتها، جهاراً أو صمتاً: من إدفيك جريديني شيبوب إلى الملكة فاطمة السنوسي، وسيدة الرائدات إبتهاج قدورة، ومغنية الأوبرا اللبنانية الأولى سامية الحاج، حتى البصّارة فاطمة، ومارتا الطالبة الثمانينية في «الجامعة الأميركية في بيروت».
ولدت إملي في 10 تموز (يوليو) من العام 1931 في قربة كوكبا الجنوبية ثم نشأت في الكفير، قرية أمّها. بدأت دراستها الإبتدائية في المدرسة الرسمية في الكفير، ثم تابعت دراستها الثانوية في «الكلية الوطنية» في الشويفات (جبل لبنان)، ومنها انتقلت إلى «كلية بيروت الجامعية»، ثم إلى «الجامعة الأميركية في بيروت» حيث تخرّجت في العام 1958. في السنة السابقة لتخرّجها، تزوّجت من ابن زحلة الكيميائي فيليب نصراللّه ولهما أربعة أولاد، هم: رمزي، ومها، وخليل، ومنى.
خلال تلك الفترة، بدأت حياتها المهنية من بوابة الصحافة بانضمامها في العام 1955 إلى «دار الصيّاد». هناك، عملت مع سعيد فريحة وكتبت في زاوية «الدور والقصور» متجنبة السياسة ومتعاملة بجفاء مع السياسيين والحزبيين. في العام 1962، أصدرت أولى رواياتها «طيور أيلول» التي نالت فور ولادتها ثلاث جوائز أدبية. وفي 1987، ترجمت روايتها «الإقلاع عكس الزمن» ما فتح الباب أمام ترجمة أعمالها إلى الهولندية والألمانية والتايلاندية والفنلندية وغيرها.
من مؤلفات نصرالله نذكر: روايات «شجرة الدفلى» و«الرهينة» و«تلك الذكريات» و«الجمر الغافي»، إضافة إلى عدد من القصص القصيرة منها «روت لي الأيام» و«الينبوع» و«المرأة في 17 قصة» و«خبزنا اليومي» و«لحظات الرحيل»، و«الليالي الغجرية» و« «الطاحونة الضائعة» و«أوراق منسية» و«أسود وأبيض» و«رياض جنوبية» و«الباهرة» و«شادي الصغير» (قصة أطفال)، وغيرها.
في رصيد الراحلة جوائز عدّة، من بينها جائزة الشاعر سعيد عقل، وجائزة مجلة فيروز، وجائزة جبران خليل جبران من «رابطة التراث العربي في أستراليا»، وجائزة مؤسسة IBBY العالمية لكتب الأولاد على رواية «يوميات هرّ». منحها رئيس الجمهورية ميشال عون، الشهر الماضي،وسام الأرز اللبناني برتبة كومندور تقديراً لعطاءاتها الأدبية، كما حصدت في العام 2017 وسام معهد«غوته» الفخري الرسمي باسم جمهورية ألمانيا الاتحادية لتميّزها في إثراء الحوار الثقافي بين الحضارات.
وكرّمت نصر الله أيضاً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2017 في مركز جمعية «التخصّص العلمي» في بيروت من قبل «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» وجمعية «بيت المصوّر» و«مؤسسة نجوى القلعاني» و«المنبر الثقافي» (التابع لجمعية التَّخَصُّص والتوجيه العلمي) و«جمعية تقدّم المرأة» في النبطية و«معرض خليل برجاوي لطوابع البريد».