عماد حشيشو (الصورة) يافع وصادق ومتواضع وهشّ وموسيقي حقيقي وبشوش ومرِح… كل هذه الصفات لا تتطلب صداقة شخصية لملاحظتها فيه. يكفي أن يحضر المرء أمسية موسيقية يشارك فيها عماد، لتصله هذه الملامح، وهي من النوع الذي يُخجِل الموت ـــ لو كان منطقياً ـــ من الاقتراب منه. لكنه فعلها.
لا نعرف إن قرأ عماد قبل بضعة أيام في «الأخبار» تقريراً عن حوادث السير في السنوات الأخيرة في لبنان، لكنّنا متأكدون أن المعنيين لم يفعلوا، وإلّا لمنعوا التجوّل حتى إشعار آخر.
هكذا، وبقساوة مفرطة، توفي عازف العود اللبناني الشاب عماد حشيشو (1988 ــ 2018) أمس إثر حادث سير مروّع تعرض له في مدينته صيدا (جنوب لبنان). خسارة لأهله. لأصدقائه. لزملائه في العزف والسمع. خسارة لعوده. خسارة لمجتمع يفتقر إلى الأصيلين والعفويّين وغير الوصوليين والفنانين الصعاليك المتسكّعين هنا وهناك للاستمتاع لا للشهرة ولا للثراء.
منذ عشر سنوات، أو أكثر بقليل، راح عماد حشيشو يشارك في مشاريع موسيقية عدة. كان ألطف من أن يطلق هو المشروع. كل ما أراده هو المساهمة. المساهمة في أمسيات تحتاج إلى عود خجول أو بعض المساندة الغنائية الخلفية. عزف مع الشباب، في فرق الموسيقى العربية التقليدية الناشئة، كما في مشاريع الـ «هيب-هوب» المحلية، وكان عضواً أساسياً في «مجموعة أصيل» مع مصطفى سعيد. رافق نعيم الأسمر، وشانتال بيطار، وأمل كعوش، وفرقة «الطفار» و«كتيبة خمسة» كما عزف في كنف فرقة «مَيَال» وغيرها… لكن المشروع الأكثر التصاقاً بشخصيته كان فرقة «الراحل الكبير» التي سجّل معها ألبومها الوحيد «لا بومب»، ورافقها في أمسيات محلية وجولات خارجية. وها هي اليوم تنعيه بهذه الكلمات: «عماد حشيشو، صديقنا ورفيقنا والأخ الأصغر، فارق الحياة قبل قليل. قبل ساعات من الموعد المقرر لإطلاق أغنيّة مصوّرة كان بطلها. عماد من مؤسسي فرقة «الراحل الكبير»، وكان يحمل همّها وهمّ ما تؤديه وهمّ الترفيه عن رفاقه فيها في أوقات الضغط والتوتّر، في العروض والتسجيلات، على المسرح وفي السفرات. أمضينا معه الأيام الماضية بلياليها في عمل متواصل، توتّر وحماسة وفرح وضحك وجنون، وكنا كلّنا في انتظار لحظة النشر. لكن حادث السير كان أسرع من الفرحة … «حج» عماد، أنت الراحل الكبير».
ووري الثرى أمس في مقبرة صيدا القديمة، وتقبل التعازي اليوم وغداً في منزل الفقيد (للنساء)، وفي جمعية الأدب والثقافة بعد صلاة العصر (للرجال).