هو رائد الطرب الاصيل، والمغني السهل الممتنع. لم يكن يلتزم بالنوتات بشكل منتظم خلال غنائه، بل كان يقولها كما يريد وبعفوية مدروسة. تشرّب الفن والأدب، وغدا علماً من أعلام الفن الحضرمي خاصة والعربي عامة، وأسس لنفسه مدرسة خاصة سميت بإسمه وتتلمذ على يده جيلُ بأكمله. لم يكن الراحل فناناً خليجياً فحسب، بل كان عربياً بإمتياز. تنقّل في العديد من المدن والعواصم منها القاهرة وبيروت وجمعته بالأخيرة العديد من الذكريات. سكن في بيروت سنوات عدة في منطقة الروشة، وفي العام 1958 غادرها بسبب الحرب. سجّل فيها أهم أعماله، وانتقل لاحقاً إلى عدن ومن ثم مدينة جدة السعودية. تغنّى الراحل ببلده اليمن وجماله وعاداته وتقاليده، وقدّم العديد من الاعمال التي دخلت القلب سريعاً. خطّ الراحل طريقه الفني بمفرده، وعُرف بإصراره على تقديم الفنّ الجميل حتى آخر لحظات حياته. من الناحية الفنية، إنطلق أبو بكر في الغناء عام 1956 وطرح الكثير من الالبومات. من أهمّ أغانيه «أمي اليمن» التي يخاطب فيها بلده قائلاً “أنـت المنارة، أنت الاصل والفصل والروح”. تلك الاغنية التي حفظها كل يمني غيباً، لا تزال من أهمّ الاعمال التي قدّمت لليمن. أما بالنسبة إلى الاغاني العاطفية، فقد منح الراحل جمال صوته لأغنيات دخلت التاريخ، وأبرزها «امتى انا اشوفك»، و«ما علينا» و«سرّ حبي فيك» التي أعاد راغب علامة تسجيلها قبل سنوات. صحيح أن الفنان اللبناني نجح في تقديم أغنية تعدّ واحدة من أهم أغنيات العصر الحالي، لكنه لم يوصل الاحساس الذي تميز به أبو بكر. في السنوات الاخيرة، قدّم دويتوات مع راشد الماجد (أحياناً أفكر ــ عام 2010) وحسين الجسمي (خير الكلام ـــ 2011) وغيرهما من المشاريع مع الجيل الجديد. برحيل أبو بكر، خسرت الساحة العربية واحداً من أهمّ الفنانين، لكن الأهمّ أنّه خسر صوتاً كسر القيود الخليجية التي حصرت بعض الفنانين ضمن ساحتهم الجغرافية.
المصدر: “الأخبار”