بعدها فوزها بجائزة أفضل ممثلة في مهرجان “ادنبره” في اسكتلندا، وتقديراً لموهبتها ونجاحاتها المستمرة، كرمت بلدية مدينة النبطية وجمعية تقدم المرأة في النبطية والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية بيت المصور في لبنان، الفنانة القديرة حنان الحاج في احتفال أقيم في قاعة جمعية تقدم المرأة في كفرجوز، النبطي، وبحضور الأستاذ سعد الزين ممثلاً النائب عبد اللطيف والمحامي جهاد جابر ممثلاً النائب ياسين جابر، والأستاذ علي قانصو ممثلاً رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب الحاج محمد رعد، رئيس بلدية النبطية الدكتور أحمد كحيل ممثلا بالاستاذ صادق اسماعيل، رئيسة جمعية تقدم المرأة السيدة زهرة صادق، رئيس جمعية بيت المصور في لبنان ونائب رئيس فرع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية الإعلامي كامل جابر، عضو مجلس بلدية مدينة النبطية الدكتور عباس وهبي، المربية الرائدة سلمى علي أحمد، والمربية الدكتورة دلال عباس وشخصيات اعلامية وتربوية وثقافية، ممثلين عن جمعيات واندية مدينة النبطية، وفاعليات اجتماعية وثقافية وتربوية وحشد من عائلة الفنانة الحاج علي.
جابر
تقديم من الاعلامي كامل جابر فقال: “في الكتابة عن المبدعة حنان الحاج علي، تحار من أين تبدأ، من النبع أم من مجرى النهر؟ فالنبع مصدر الطاقة ومنفذها، والنهر هو الشريان الذي يدلق خيره في كل اتجاه، وحنان الحاج علي في مسيرتها الإبداعية شكلت النبع والشريان في آن معاً… ابنة هذا المنبت النبطاني الأصيل، الوطني الأثير، تختزل في ثقافتها نماذج المرأة المتفوقة من تربيتها إلى مسيرتها وأدائها، إلى بيتها وعائلتها ومسرحها وثقافتها وعلمها ودورها الريادي في التدريس وفي حمل صورة المرأة الجنوبية اللبنانية العربية إلى مختلف أصقاع الأرض لتقول كلمتها والثقة ديدُنها ونِيشانُها”.
وأضاف: “إلى دربها الطويل وباعها في تداول الثقافة، تطل علينا هذه السيدة الفاتنة بشخصيتها وموهبتها وهندامها بين حين وحين، لتعلق على صدورنا أوسمة الفخر، من أن هذا المعدن لمّا يزل بريقه يلمع وجوهره نادر أصيل، وما انتقالها إلى المسارح العالمية وفوزها بجوائز الأداء، إلا دليلاً دامغاً على أن النبع يفيض بعطائه، وما خرير المجرى أو سقسقة الجدول سوى الشخصية التي تدرك مقامات الصوت والإيماء لتعطي الفن حقّه، والثقافة ألقها، والعشق لما هي فيه الدليل تلو الدليل، على أنها خلقت للعطاء وللفن ولتجعل ضربات أفئدتنا تتسارع كلما نطق ناطق باسمها وبنجاحها وباستمرارها في تأدية الفن الذي يحمل الرسائل الإنسانية إلى العالم أجمع، وليس الفن من أجل الفن! ما يعني من أن هذه المبدعة الجميلة تعرف كيف تستخدم قامتها وصوتها وعينيها لتسلط الضوء على القضايا الإنسانية، ومنها قضية المرأة بمختلف عناوينها، من السيدة الجميلة العاشقة إلى الزوجة والأم والمربية والمثقفة في ميادين متنوعة، إلى الشهيدة أو أم الشهيد، في هذا الوطن العربي المتناحر على فتات العروبة والجبنة، ليسقط أبناؤه بأثمان بخسة، ومآرب لا تمت إلى وجدانهم بصلة أو إلى فقرهم المتنامي بأدنى ارتباط”.
وختم جابر: “تفخر مدينة النبطية، ممثلة ببلديتها وجمعياتها، لا سيما جمعية تقدم المرأة في النبطية والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية بيت المصور في لبنان، وكل من حضر هنا، أنك أيتها المبدعة المتفوقة الرائعة، منحتنا شرف تكريمك اليوم، وكل يوم، وأنك الفنانة المثقفة والمرأة المناضلة التي تحتذى”.
وألقت المربية الأستاذة غادة مقلد كلمة جمعية تقدم المرأة فقالت: “لم تنظر في المرآة وقالت أنا جميلة، اذن يجب ان أكون ممثلة، بل قالت: أنا انسانة قديرة، واثقة، تزدحم داخلي الأحاسيس والأفكار الهادفة فيجب ان اتشاركها مع الناس. اراد الاهل من الابنة الذكية ان تكون طبيبة، لم ترفض ولكنها درست الفنون بالموازاة، فتفوقت بالمسرح ولفتت اليها الانظار اساتذة الفن الرفيع حتى وقفت على خشبته بكل ثقة وبعد دراسة معمقة في الخارج. اعتبرت المسرح المكان الوحيد الذي تعبّر فيه عن نفسها وعن شريحة كبيرة من مجتمع رافض للظلم والقمع، وسلب الذات الانسانية فكان حضورها المتين، على خشبته شرقاً وغرباً، وبأكثر من لغة، حالة صوتها حالة، حركات ذراعيها حالة، وكان جمهورها دائما نخبوي راق، ملتزم بالفن الهادف”.
وأضافت: “سيدتي، يا ذات الحجاب الثمين، فيه وطأت بخطى ثابتة المسارح المتنوعة فابدعت في زمن الاسفاف المسرحي، وتسليع المرأة إلى أقصى الحدود. وبه اقتحمت مجتمعاً فنياً مستهجناً إن لم يكن مستنكراً، وقفت واثقة، تفوقت جديرة، ابدعت متميزة، حتى تشرفت بك جائزة افضل ممثلة في مهرجان ادنبره، وانت تتبخترين فخراً، بموهبة فذة، بعقل راجح، بقلب دافئ ومسيرة نقية داخل هذا المنديل الجميل…”.
ماهر الحاج علي
بعدها تحدث الأستاذ ماهر الحاج علي باسم العائلة فقال: “يسعدني ويشرفني أن أعتلي هذا المنبر الكريم ممثلاً لعائلتي الموقرة، وذلك لكي أشرح مشاعري على مسارب الفن والجمال وأن أبحث في الحنايا عن التي ناءت تحت عبء الجمال… لقد أُعطيت حنان منذ النشأة الأولى بداءات الجمال، ومن على خشبات المسارح ما زالت ترعى فنها الأصيل، وكأن العمر بدأ معها مرحلة جديدة، لترتسم على محياها إمارات النعمة الكبرى.. هذه الفنانة الكبيرة ما أعجلها وما أعجبها، إذ هل الجمال أو لاح بارق في محيّا! هذه الممسكة بعصا السحرة تمتلك المسرح، فإذا المسرح حياة وعصارة حياة، أما المأخوذون، أصحاب المتع، وعشاق الحسن فعلى انخطاف ودهشة”.
وأضاف: “فن حنان من عصبها، من خبايا العروق، حتى إذا خلصت عهد الضنى، كانت العافية، مسرحيات حنان الحسان كسرب العنادل، لا يمكنك تمييز واحدة عن مثيلاتها، مسرحياتها مزيج رائع من رقي ومن فن، وكأنها عصارات ربيع في كأس من ذهب، على فمها سكّرة لا تذوب، فالحلاوة والطراوة والنداوة، مزمنات.. انها مجموعة فنون جميلة، ففيها: الرسم والنحت والموسيقى والرقص والغناء، وفيها الشعر.. لقد مدت للمسرح بساطه الأخضر، وقوارير للطيب والفن والحياة، فيا ابنة العمّ:
لك الآفاق العذاب، ولنا الفخر إذ عبرتِ حدود الأمم، ونلتِ الاستحقاق المشرف: جائزة أفضل ممثلة في أدنبره- اسكتلندا، سيري بخطاك الثابتة، فدنيا الله كبيرة، وفنك واعد واعد، ألا انثريه أحلاماً عذاباً وارزعيه جمالاً وشباباً…
جناحك الخيال، فلا يروعك المدى
سلاحك الجمال، فلا تخشين العدا
جوبي الليالي ولا تبالي
فكل شيء لزوال
سوى الهوى والفن والجمال”
صادق
وألقى عضو المجلس البلدي المهندس صادق اسماعيل كلمة رئيس بلدية النبطية فقال: “النبطية حاضرة جبل عامل ولاّدة منذ أيام الشيخ عبد الحسين صادق والشيخ سليمان ضاهر والشيخ أحمد رضا والعالم حسن كامل الصباح وصولاً اليوم إلى تكريم الممثلة حنان الحاج علي. مسارات إبداع ونتاج إنساني عمقه الغنى الفكري والثقافي والبعد الإيماني والديني. النشأة في هذه البيئة لعبت دوراً كبيراً في بناء شخصية حنان الحاج علي التي أسماها الصديق كامل جابر “الممثلة بمنديلها الحر حتى اليانبيع”، واسمحوا لي هنا أن استعير من الكاتب أنسي الحاج صفة “الرسولة”، لأزيد بذلك صفة الرسالة، وأضعها إلى جانب القناعة الحرة لدى ممثلتنا القديرة”.
واضاف اسماعيل: “من خلال متابعتنا المتواضعة لمسيرة حنان الحاج علي الفنية رأينا فيها تلك الرسولة، رأيناها تحفظ الوصية الأساس: المقاومة الفكرية والثقافية. ففي “عائد إلى حيفا” جسدت حنان أسئلة غسان كنفاني حول قدرتنا على حفظ أجيالنا الآتية من الضياع. والضياع الأخطر هو الضياع المعنوي، ضياع الانتماء وضياع القضية، لتحلّ محلها الأنانية والمادية والعبثية. ومع هذه الإضاءات أرى روح زينب (ع) التي أوكلت إليها مهمة حفظ العيال والأطفال”.
وتابع: “أعود لأرى حنان الحاج علي المقاومة تجتهد مع زوجها المخرج والممثل روجيه عساف لتلم شمل كل الشباب اللبناني الموهوب في الطيونة عندما كان يعرف بخطوط التماس، لتتحول هذه البقعة المعتمة في تاريخ لبنان الحديث إلى مناداة تضيئها تجارب الشباب المسرحية وابداعاتهم، وإلى مسرح محترف للأطفال يحترم عقل الطفل وحواسه ويفتح أمامه كل الفاضاءات الجميلة، ليتحول بذلك دوار الشمس إلى خندق يقاوم الأمية الثقافية والتصحر. ومباشرة بعد حرب تموز 2006 رأينا حنان في مسرحية “بوابة فاطمة” في لحظة تراجيدية كثيفة تخاطب الغزاة، تلعنهم وتنذرهم بالشؤم، فتذكرنا بالخطبة الزينبية في مجلس يزيد. إذا هي حملت الإرث العاملي وقضية الهوية والانتماء ورفض الظلم إلى كل العالم لتعود ممكللة مسيرتها بالجائزة العالمية في ادنبره”.
حنان الحاج علي
ثم تحدثت الفنانة المكرمة حنان الحاج علي فتناولت بعض فصول تجربتها الابداعية. وعلاقتها بعائلاتها، لا سيما جدتها “فاطمة” التي ألهمتها في حكايا المسرح وشجعتها على اعلائها والانتساب إليه. وأعربت عن سعادتها في أنها سوف تعرض مسرحيتها الأخيرة على مسرح ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية “لكي يتسنى لأحبائي وأبناء مدينة مشاهدة آخر أعمالي، ولأعيش معكم هذا الحب وهذا الفن وهذه التجارب التي تبحث في القضايا الإنسانية ودور المرأة في بيئتها”.
واخير قدّم صادق باسم أبناء النبطية وبلديتها درعاً تقديرية “عربون محبة ووفاء للفنانة حنان الحاج على موهبتها ونجاحاتها وإبداعها الفني والمسرحي والثقافي”. ثم كانت صور تذكارية.
تصوير عباس علوية