عن سعيد الاسعد.. والناس

عن سعيد الاسعد.. والناس

أمضيت نصف يوم في الجنوب، وتحديداً في بلدة الزرارية، للمشاركة في وداع واحد من أرقى اللبنانيين، الطبيب الناجح قبل أن يترك الطب إلى العمل الدبلوماسي السفير السابق سعيد الاسعد.

كانت فرصة يجللها الحزن، وان غالبه الفرح بهذا الجنوب الاخضر الذي يتبدى منبثقاً من قلب الظلم الطويل والاحتلال الاسرائيلي العاتي الذي استطال قبل أن تتمكن المقاومة المجاهدة من طرده وتحرير الارض بالإرادة ودماء الشهداء وتضحيات الناس، كل الناس لاستعادة حقهم بالحياة الكريمة.

واضح أن للسفير الذي هجر مهنته الاصلية كطبيب ممتاز، نجاحاته الدبلوماسية المميزة فقد خدم في عواصم لدول عدة، عربية واجنبية، بينها المغرب حيث تربطه صلة نسب بأسرته الحاكمة، فهو والامير الراحل عبدالله ابن الملك محمد الخامس، عديلان اذ أن كليهما من اصهار الراحل الكبير رياض الصلح.

جاء جمهور الناس الطيبين للقيام بواجب التعزية تتقدمهم عواطفهم تجاه الراحل الذي تخلى عن “البكوية” وعاد إلى الناس الطبيعيين، فاختاروه نائباً قبل أن تطغى الزعامات الجديدة على الحياة السياسية فتلغيها.

توالى تدفق المعزين، فيهم وجهاء وأعيان بينما الغالبية من ابناء الزرارية والمدن والقرى المجاورة، ما بين صيدا وبنت جبيل ومرجعيون وحاصبيا والنبطية وصور، فضلاً عن سياسيين متقاعدين وطامحين إلى الوجاهة السياسية.. وعلى الجدار المقابل، قبل الوصول إلى الضريح حيث كان مقرئ يتلو بعض آيات الذكر الحكيم، علمان مع شعارات لا تلتقي عادة على جدار واحد: “حزب الله” و”الحزب الشيوعي”.

في الداخل كانت السيدة بهيجة الصلح، تحيط بها بعض شقيقاتها والصديقات، تتلقى العزاء.

كان المعزون يتوقفون مرتين: الأولى امام نجل الفقيد المهندس ـ القائد رياض الاسعد، والثانية امامي للومي على توقف “السفير”… واحسست بالخجل يغالب الحزن على الفقيدين الكبيرين، بقدر ما احسست بشيء من الزهو لان ذاكرة الناس هي التاريخ الاصدق والباقي شهادة للذين غادرونا من الاعزاء الذين سيبقون معنا لأمد طويل..