«ذاكرة فلسطين بين الاحتلالات والشتات» يرويها الباحث نادر أبو الجبين في النبطية

تستضيف مدينة النبطية، بدعوة من بلديتها ومن «المجلس الثقافي للبنان الجنوبي» و«جمعية بيت المصور في لبنان»، السبت المقبل في 20 أيار 2017، الباحث والأديب الفلسطيني نادر خيري الدين أبو الجبين. وسيتناول الضيف الكريم «ذاكرة فلسطين بين الاحتلالات والشتات» وهو الخبير بهذا الشأن، إذ أصدر منذ سنوات كتاباً قيّماً، بل موسوعة تحكي عن «تاريخ فلسطين في طوابع البريد»، استطاع من خلالها تأكيد هوية فلسطين العربية وما مارسه الانتداب البريطاني ليمنحها هدية إلى الإحتلال الإسرائيلي، ثم يمر على تاريخ فلسطين وكل التحولات من خلال التوثيق بالصور والطوابع المختلفة، التي بدأت في العهد العثماني، وانتهت بالسلطة الفلسطينية.

ولد نادر خيري الدين أبو الجبين في الكويت سنة 1950 من أبوين فلسطينيين من يافا، وأنهى  دراسته الابتدائية والثانوية في الكويت، ثم أكمل تعليمه في جامعة تكساس متخصصاً بالهندسة المدنية. عمل مهندساً في الكويت ثم لجأ إلى الولايات المتحدة بعد حرب الخليج، واستقر بها. كان نشيطاً سياسياً ونقابياً في أثناء دراسته وعمله. وهو يشارك حالياً في عدد من الجمعيات واللجان في الولايات المتحدة، ويكتب ويحاضر فيها دفاعاً عن القضايا العربية. اهتم بجمع الطوابع منذ طفولته، وشارك في عدد من معارض الطوابع في الكويت والولايات المتحدة.

وهنا إطلالة على الكتاب الذاكرة والتاريخ من خلال مواد مستقاة من محاضرات وندوات ومواقع الكترونية:

يتضمن الكتاب «المدهش» ذو الحجم الكبير المكوّن من 500 صفحة ملونة، ويزن نحو 3 كلغ، كل ما يتعلق بفلسطين من طوابع ابتداء من العهد العثماني في فلسطين وانتهاء بالعام 2010، ومن ضمنها الطوابع التي تصدرها السلطة الوطنية الفسطينية.

ويشمل كذلك الطوابع العثمانية والمصرية في قطاع غزة، والاردنية وطوابع الانتداب البريطاني والمقاومة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفلسطينية، وطوابع الاتحادات والجمعيات، والانتفاضتين الاولى والثانية، والمجازر التي ارتكبت بحق الشعب الفلسطيني والطوابع التي اصدرها مؤيدو الشعب الفلسطيني في الدول العربية والاوروبية وأمريكا اللاتينية، وطوابع التضامن مع الشعب الفلسطيني.

فعلاً يسجل هذا الكتاب المجلد من خلال طوابع البريد، تاريخ فلسطين العربية، مروراً بكل محاولات تقسيمها، بدءاً بغرس المستعمرات الصهيونية الأولى في سبعينيات القرن التاسع عشر، ومنتهياً بالسلطة الوطنية الفلسطينية على أجزاء من أرض فلسطين. وهذا الكتاب هو الأول من نوعه الذي يعرض الطوابع الفلسطينية ويدرسها تفصيلياً، باللغتين العربية والإنكليزية، ويعلّق عليها من وجهة النظر العربية، بصورة أو بأُخرى.

صدر الكتاب في طبعة ثانية منقّحة ومزيدة في آذار/مارس 2011 بينما الطبعة الأولى في كانون الثاني/يناير 2001.

ويتميز بأنه يستخدم لغة غير مألوفة في سرد الحوادث التاريخية من خلال آلاف الطوابع البريدية التي جمعها المهندس نادر خيري الدين أبو الجبين على مدى 10 أعوام من مصادر فلسطينية وعالمية، إذ لم يكتف بالطوابع التي أصدرتها الجهات والمؤسسات الفلسطينية عن فلسطين، بل أيضاً تلك التي أصدرتها جهات عالمية. وفي هذا الإطار يقول المؤلف «الطوابع عندي قضية ورؤية».

يعرض الجزء الأول من الكتاب تاريخ البريد في فلسطين والطوابع التي صدرت فيها خلال مختلف العصور. بينما يعرض الجزء الثاني معظم، إن لم يكن كل، الطوابع التي أصدرتها دول العالم عن فلسطين أو عن القضية الفلسطينية أو حولها. وتعالج الأجزاء الثلاثة التالية موضوعات هذه الطوابع؛ فالجزء الثالث يظهر التضامن مع الشعب الفلسطيني لاجئاً ومقاوماً ومنتفضاً. في حين يعرض الجزء الرابع الطوابع التي تظهر القدس والعَلَم الفلسطيني وخريطة فلسطين والتاريخ المتعلق بها. ويعالج الجزء الخامس، الأخير، الطوابع التي تصور المعارك التي دارت على أرض فلسطين أو من أجل فلسطين، ويذكّر بالجرائم الصهيونية ضد الشعب الفلسطيني، من تهجير وتدمير المنازل والآثار وحرق المقدسات واعتقال رجال الدين والمدنيين الأبرياء وارتكاب مجازر التطهير العرقي.

وبينما يبدأ الكتاب – الموسوعة بعرض الطوابع الخاصة بفلسطين منذ العهد العثماني، فإنه يصل إلى حقبة الانتداب البريطاني فنلاحظ كيف «تروي» لنا هذه الطوابع سعي الانتداب البريطاني لتقوية شوكة الحركة الصهيونية وبسط سلطتها من خلال بعض الطوابع التي أصدرها بالعبرية.

ويدرج الكتاب الطوابع في فترة الحكمين المصري والأردني، وصولاً إلى سبعينيات القرن الماضي حيث سعت فصائل المقاومة الفلسطينية لإصدار طوابع تجسد شخصيات المقاومة وأحداثها، بالإضافة إلى اعتماد اللوحات الفنية التي تعبر عن ممارسات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني.

ثم يبين أبو الجبين كيف أن السلطة الوطنية الفلسطينية (بعد انتقالها إلى الداخل نتيجة اتفاق أوسلو)، اهتمت بشكل كبير بإصدار الطوابع التي تبرز الأماكن الدينية والأثرية بصورة خاصة، فضلاً عن المشاهد الجمالية وصور تمثل الانتفاضة الفلسطينية.

وهكذا يبدو أبو الجبين في كتابه – موسوعته كأنه اعتمد «هواية الملوك»، أي جمع الطوابع من أجل سرد الرواية الشعبية والتاريخية لفلسطين وشعبها.