من مرسيل خليفة إلى غابي زغيب

أستاذ «غابي زغيب» عازف القانون

كنّا هنا يا «غابي» منذ قليل، تجمعنا الموسيقى ودوزان القانون ومقام «الراست».

هل نستطيع أن نعيد الصورة الموسيقيّة الى عناصرها الأولى بطريقة لا تمدح العزف إلاّ على دوره في تقطيع الأوتار؟ سنجد صعوبة بالغة ان حاولنا سماع النوتات الأولى وللتأكّد من صحّة الدوزنة فقد اختلطت الألحان والتبس البعيد على القريب.

من فرقة النهضة بـ «جبيل» بقيادة الاستاذ حليم اللقيس على العود وكنت عازف الكمان الوحيد رفقة غابي زغيب عازف القانون واسطفان الحسيني عازف الاكورديون وجوزيف عيدموني ضابط الايقاع وصولاً الى شاغور حمّانا وحفلات الصيف الصاخبة. لم نكمل ولادتنا منذ الاقتلاع عن المنطقة بسبب الحروب الصغيرة والكبيرة.

كانت مدينة جبيل آنذاك كبيرة علينا حين كنّا صغاراً، حيث أخذتنا الموسيقى الى اختباراتنا الأولى ومنها ابتدأت رحلتنا وذهبت بنا الى بداية طريق آخر ومنها ذهبت الى أغنياتي الأولى والى عذاب غربة طويلة.

فماذا تفعل الموسيقى اكثر من الدفاع عن ذاكرتنا والمكان المكسور وعن عناد الأمل بالرجوع؟
لن أنسى تلك اللحظة عندما رأيت العود في منزل «غابي» وامتلكتني رغبة جارفة في العزف وانتظرت بعدها سنوات طويلة لأتعلّم النقر على الاوتار.

اتذكر يا غابي كيف كنّا نلتقي في حي الصنوبر نعزف ونغني، وكان جان زغيب «خيّك» الأصغر يقودنا بمعيّة صديقنا الياس غانم. وكم كنّا نشعر بخشية خفيفة من انقطاع وتر الآلة وكم دربتنا هذه الامكنة الحميمة على طاعة النغم.

لست هنا يا غابي لأذكرك بغياب جان المفاجىء في ريعان شبابه بل لنتذكر حكاياتنا الموسيقية على اولى الخطوات.

اليوم في غيابك اعزف لك مقطوعة من مقام الراست على الوتر مباشرة.
غابي زغيب شكراً لك.

مرسيل خليفة