برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى.. النبطية ببلديتها وهيئاتها الثقافية والتربوية تكرّم المربي حسن كحيل

برعاية وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى

النبطية ببلديتها وهيئاتها الثقافية والتربوية تكرّم المربي حسن كحيل

 

كامل جابر

رعى وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى ممثلا بالدكتورة دلال عباس حفل تكريم المدير الأسبق لثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في النبطية المربي الأستاذ حسن علي كحيل، بدعوة من بلدية مدينة النبطية وحشد من الأندية والجمعيات، في قاعة ومسرح ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية في النبطية، حضره النائب ناصر جابر، وممثل النائب هاني قبيسي مستشاره الدكتور محمد قانصو، محافظ النبطية الدكتور حسن فقيه، رئيس اتحاد بلديات الشقيف  الدكتور محمد جميل جابر، رئيس بلدية مدينة النبطية الدكتور أحمد كحيل، ولفيف من مديري المدارس والأساتذة ورؤساء الأندية والهيئات الثقافية والاجتماعية وشخصيات تربوية وبلدية واختيارية وحزبية وفاعليات.

افتتاحاً النشيد الوطني وترحيب وتقديم من الإعلامي كامل جابر فقال: “للأعياد أهلّةٌ يَسترشدُ من يقظتِها ودورانِها مرِيدوُ الفرحِ والجمالِ، تَوقاً لمعانيها الإنسانيّةِ ولبهجتِها، وأنت يا معلّمَ الأجيالِ، كنتَ للنبطيةِ هلالَ التربيةِ والتعليمِ والثقافةِ والبهجةِ، أنرتَ من أقواسِكَ ودوائرِكَ الضوئيّةِ طريقَ الباحثينَ عن الضوءِ، الساعينَ إليهِ بكلِّ إرادةٍ؛ لذا ستبقى يا أستاذنا العزيز، حسن كحيل، عيدَ أفكارِنا وذاكرتِنا وقلوبِنا طالما أنَّ الوفاءَ نبراسُ كلِّ أصيلٍ، أو حافظٍ للجميل.

نأتي إليكَ اليومَ ليس لأنَّ العيدَ حلَّ قبل أوانِه، بلّ لأنّكَ العيدُ الدائمُ فينا، ولكي نتباركَ من عمرِكَ المبذولِ على دروبِ الصعابِ والتضحيةِ حبّاً بالعطاءِ والخيرِ من دونِ مللٍ أو كللٍ. جئنا لنكحّلَ قلوبَنا بسيرتِك الفذّةِ التي لم يشبْها فسادٌ أو مكاسبُ ذاتيةٌ أو بحثٌ عن مجدٍ فضفاضٍ لا يدوم.

نأتي إليكَ مدفوعينَ بكلِّ الحبِّ والتقديرِ والامتنانِ، إلى بيادِرِكَ المغروسةِ بالحنطةِ الخيّرةِ وببركةِ كلِّ فصلٍ من فصولِ الحياةِ، وبَذْلِكَ من أجلِ ثانويةٍ مثالٍ للتعليمِ والتربيةِ والنجاحِ، بالرغم من تلكَ الظروفِ القاسيةِ التي أحاطت بدورتِك التعليميةِ قرابةَ ثلاثةٍ وعشرينَ عاماً متواصلةٍ، من قصفٍ وتدميرٍ وعدوان، ومن فوضى واجهْتَها بالإصرار والالتزامِ بالمعاييرِ التعليميّةِ، ومع ذلك، فقد أدّيتَ قسطَك للعُلى مرتاحَ الضميرِ والبالِ، وبَانَ زرعُكَ ثمراً نقطفُ من شهيِّهِ كلّما أردنا أنْ تكونَ الحياةُ جديرةً وأجملَ وأفضلَ وأنجعَ. وها أنّكَ منحتَ للعالمِ الكبيرِ حسن كامل الصباح، الذي تحملُ الثانويةُ اسْمَهُ كلَّ حقٍّ مستحقٍّ فيدومُ اسمُه مطرَ البذلِ فائضَ البللِ، والنجاحِ والديمومةِ.

أستاذ حسن علي كحيل، المربي الكبير، شكراً لك على تسعينَ سنديانةً وأربعةٍ أخرى، مع مزيدٍ بعمرٍ مديدٍ، أورفتَ على جباهِنا ظلَّها الفريدِ، ومنحتنا من عتيدِها كلَّ ثقةٍ وعُنفوان، وأرسيتَ من جذوعِها المتينةِ أُسُسَاً تعليميّةً مُثلى وتحتذى، أو يجب أنْ تحتذى.

أستاذ حسن، شكراً لك على كلِّ هذا المنحِ العابقِ بالحبِّ والزهرِ الفوّاحِ وعطرِ الأقاح”.

كلمة الجمعيّات والهيئات المشاركة

بعده ألقى الأستاذ ماهر الحاج علي كلمة الجمعيات والهيئات المشاركة فقال:

“سلام على أهل الذمم والهمم والشيم والشمم، سلام على أصحاب الوفاء المحتفلين بأستاذهم من صديقات وأصدقاء، زميلات وزملاء، أندية وجمعيات أتشرف بالكلام باسمها في هذا الاحتفال البهيج. سلام عليك أيها المعلّم العلم، يا قامة الماضي السعيد، وجهك البهيّ، بل التسعون كوكباً تحمل ثقل الجنى. هي التسعون تدثّرت برداء الحنين، وأقبلت لتروي ظمأ الأيام المقيمة في كلّ زمان ومكان، تحاكي الذاكرة وتسترجع اليوم كلّ ما كان.

أتراني، أستاذي الكبير، سأختصر القول؟ أم أوغل في العودة لزمان عبر، كنت فيه سيّداً من أسياد العلم والتعليم؟ لذا وجدتني أطرق بابك وألج دارك لأعبر بين علمك وحكمتك، فأبصر النور واسترجع معك تلك الذكريات المكللة بالحب والحنان والوفاء.. وماذا أقول فيك؟ في رائد مكارم العلم والأخلاق؟ أأبعث الذكريات لعهد تربوي جمل وطاب؟ وما تنفع الذكريات، حين أعود لاستعيد وجهاً كريماً أغناني علماً وثقافة؟ أأسعى إلى إظهار صفاتك الكريمة؟ ولك من ماضيك وحاضرك ما يغني؟ وقد يكون في هذا الغنى ما يجنّبني هوس العاطفة فأبقى على حقيقة الصادق.

لقد اعترشت أستاذي فنّ التعليم منذ مطلع شبابك، وجلست على عرشه متوّجاً بالفكر، فرحت تنسج العلم من خيوط الموهبة، وتخطّ على اللوح تلك الكلمات المضيئة بأنوارك، وكأنها ألحان تنقر على أوتار القلب، أو زغردة تتراقص على نغمات ناي عتيق..

لقد انقطعت إلى التعليم في تقشّف العبّاد، بعظمة المعلّم العلم، فما استنفدك جهد، بل بقيت على فيضك، كما الليالي السديّات حاملاً هموم تلاميذك حتى في الليالي الحالكات. أتذكر أستاذي طفلاً تدرج في دروبك؟ لاهثاً على طلب علم السرتفيكا، بين تلة الرويس ومدرسة النبطية الرسمية للصبيان في لحظات هي زمان مضى وتراقصت أضواؤه، فتوهّج نوراً نثرته على تلاميذك.. لأنت دائماً أيها الكبير في ضلوعنا الخافقة، وحنايا وزوايا ثانوية حسن كامل الصباح التي تعتزّ اليوم بك، فاتّسعت ضلوعها لتضمّ مديراً لها، بارعاً ومقداماً في ذلك الزمن السعيد..

أما نحن، تلاميذك، فحسبنا أننا قلنا وهتفنا: سلمت يداك وطال عمرك. فيا أستاذنا الغالي، هنيئاً لك ولنا هذا التكريم برعاية سامية من معالي وزير الثقافة القاضي محمد وسام المرتضى، والذي تقيمه بلديتنا الزاهرة بقيادة حكيم نطاسي بارع، الدكتور أحمد كحيل، بالتعاون مع باقة من الجمعيات والأندية في مدينتنا والجوار.

دعني أستاذي أقول لك أخيراً: الصدر بك مترع، وأنت الكثير الغلّة الرائع الفيض. تحت جناحيك حصاد ومواسم وسلال علم شهيّات، لكن صخرة الوقت تسدّ عليّ الباب لأترك الكلام عنك لأحبابك المشاركين احتفالنا هذا، فهم أهل جلاها وطلاّعو ثناياها. عشت، عاش الوفاء، وعشتم أيها الأحباء”.

كلمة ثانوية الصباح الرسمية

وألقى مدير ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية الأستاذ عباس شميساني كلمة الثانوية فقال:

“وأنت تتحدّث عن حسن كحيل، تسقط أمام اسمه كلّ الألقاب والتصنيفات، إذ لا تضيف إلى تاريخه النضاليّ والجهاديّ في التربية والتعليم مدماكاً واحداً، فهو المؤسّس بعد المرحوم الأستاذ جواد صيداوي، والباني الذي أطلق ورشة ثانوية حسن كامل الصبّاح الرسميّة، وفي أحلك ظروف وطننا السياسيّة والأمنيّة والاقتصاديّة والاجتماعيّة. واستطاع بإصراره وثباته وإرادته إلى جانب رفاق درب آزروه وآمنوا به، مخلصاً شفّافاً طموحاً وفيّاً للنبطية وأبنائها وعلمائها ومفكّريها ومقاوميها. فأخرج من شرنقة الصعاب فراشة الصبّاح تحوم حول مصباح موسوم باسم العالم الكهربائيّ المخترع حسن كامل الصبّاح ابن هذه المدينة العصماء الصامدة والمقاومة بالحبر والسيف والموقف المسؤول.

وها نحن اليوم نعيش في مجتمع تتآكله الأزمات الكارثيّة وفي وطن تتقاذفه رياح عاتية، وظروفنا اليوم لا تقلّ سوءاً عمّا سبق بل هي الأسوأ في تاريخ بلدنا الحبيب لبنان، ولكنّنا يا أستاذ حسن في ثانويتكم التي بذرتم فيها بذرة العطاء والتفاني والإيثار والصمود في وجه أعتى العواصف، لا نزال كما كنت أنت، نقاوم بإصرار وعزيمة وثبات، ونبحر ونواجه ونقاتل بلحمنا الحيّ، شتّى الصعوبات والمشكلات، لتبقى الثانوية منارة مضيئة في عتمة هذا الواقع المدقع، لتبقى ثانويتنا بطلابها الذي يحقّقون النجاحات والمراتب الأولى في مختلف الميادين العلميّة والتكنولوجيّة والرياضيّة والفنّيّة والثقافيّة، وها هم يتبوّأون مراكز متقدّمة في لبنان وفي الخارج على مستوى الإدارات والوظائف والطموحات السامية، وبهيئتيها الإداريّة والتعليميّة الذين يعضّون على جراحاتهم، ويدّخرون حبّات عرقهم الحلال لأيّامهم السوداء.

إنّ ثانوية حسن كامل الصباح، برغم المرحلة الشرسة التي تمرّ بها والتي تطال التعليم الرسميّ في لبنان، ستبقى برموزها أمثال المحتفى به أستاذنا حسن كحيل، وبإنجازات معلّميها وطلابها وإداراتها المتعاقبة، قامة عملاقة في عالم التربية والتعليم وبرجاً عالياً لا تصل أسفل نعليه ضفادع المستنقعات والنفوس الدنيئة.

بكم يا أستاذ حسن نفتخر، ارثاً زاخراً وغنيّاً، نسأل الله تعالى أن يمدّكم بالعمر والصحّة والعافية، وقد تعافى وطننا من محنته وخروجه من ظلمات القحط والقهر إلى نور الأمل وفضاء الفرح”.

كلمة بلدية النبطية

وكانت كلمة بلدية النبطية ألقاها رئيسها الدكتور أحمد كحيل، جاء فيها: “… تحيّة إجلال إلى من رفع لواء العلم، وحمل سهام الفهم، وتسلّح بسلاح المعرفة وأطفأ نار الجهل. أستاذ حسن كحيل، كنت متميّزاً في مسيرتك العلميّة والتربويّة ويكفيك فخراً أنّك شربت من معين الحكماء. بك الأنوف تشمخ، وبك الجوارح تدعو أن بوركتَ وبورك مسعاك، دمت ذخراً، وحللت في الآفاق فخراً، سلمت يمينك على ما بذلت من سهر، وقرّت عيونك في ما أعطيت من جوهر.

حق علينا أن نشكرك في هذا اليوم، في هذا اللقاء التكريمي وفي كلّ مناسبة ومحطّة، وكلمات الشكر والعرفان مهما بلغت فهي لا تفي بحقك، نظير ما قدّمته للأجيال من عمل وجهد ووقت. ثمانية وأربعون عاماً في التعليم وفي إدارة ثانوية الصباح الرسميّة في النبطية التي خرّجت مئات الطلاب الذين أبدعوا في اختصاصات مختلفة ومجالات شتّى، عرفناه صلب الإرادة مجبولاً بالعنفوان، عملاقاً متواضعاً، مقاوماً لم تهزمه السنوات التي خلت مع أنّ ظروف العمل كانت قاسية جدّاً، بل جعلته أكثر صلابة لأنّ ضميره مرتاح وواثق ومعتزّ بما قدّمه للوطن وللمجتمع الجنوبيّ، النبطانيّ بالأخصّ.

الأستاذ حسن كحيل تاريخ يعبق بضوع الوفاء والمحبّة والتضحية، لم يساوم يوماً أو يرضخ، يرى الأمور بعين ثاقبة ويقيسها بميزان تجربته الوضّاءة، هنيئاً لك هذا الميدان الشريف الذي كنت من رجاله. لك منا أستاذ حسن كحيل، من النبطية التي عشقت، من أهلها ورجالاتها الذين أحبّوك كل التقدير والوفاء”.

كلمة وزير الثقافة المرتضى

بعده ألقت الدكتورة دلال عبّاس كلمة وزير الثقافة وكلمة تلامذة المحتفى به، فقالت:

“لو أنّ الوزير محمد وسام المرتضى، القاضي الفذّ النزيه الصادق المحترم، الذي يقول ما يؤمن به من دون وجل أو مداراة، كان من النبطية أو من هذه المنطقة لكان أيضاً من متخرّجي ثانوية الصبّاح، ولتحدّث عن الأستاذ حسن كحيل كما سأتحدّث عنه.

أقف هنا في هذا المكان الذي أحبّ لأتحدّث عن أستاذي حسن كحيل كما عرفته من دون زيادة أو تزويق أو كلام إنشائيّ، تلميذة له في المرحلة المتوسطة في مدرسة فريحة الحاج علي معلمتنا جميعاً، ثمّ في دار المعلّمين الابتدائيّة.. وعرفته معلّمة في ثانوية الصبّاح من العام 1971 حتّى العام 1985، قبل أن تقسم الثانوية إلى ثانويتين، وهو الذي ورّطني فحملت أعباء إدارة ثانوية البنات وأوزارها لمدّة ربع قرن.

كان معلّماً حقيقيّاً وهذه ميزته، وواحداً من قلّة من المعلّمين – من دون الأخذ بالحسبان درجاتهم العلميّة- الذين مارسوا التعليم التزاماً أخلاقيّاً ودِينا يدينون به، ودَيناً في أعناقهم لأنّ زكاة العلم إنفاقه، ورسالة اجتماعيّة ووطنيّة ونهضويّة وثقافيّة.

لم يكن من الكثرة من المعلّمين الذين سرقوا مدّخرات تلاميذهم المعنويّة والإبداعيّة بإهمالهم وقلّة اكتراثهم؛ عرفته تلميذة ومعلّمة ومديرة. لا أذكر أنّه أضاع ساعة واحدة من ساعات التدريس التي كانت في ذلك الحين ستّين دقيقة قبل أن يُؤكل عشرُها ثمّ ربعها ثمّ ثلثها.

في العام 1962 كنّا خمس تلميذات من بين تلميذات صف البروفيه نتسابق لنقف أمام اللّوح لتسميع دروس الكيمياء والفيزياء أو الطبيعيّات أو حلّ أعمال الجبر والهندسة، ومن لا يصلها الدور في الوقت المحدود المخصّص للتسميع تبكي قهراً. معلّم يتفانى ويتفنّن في الشرح، وتلميذات يتسابقنَ جذلات ليُسمعنَه ما فهمنه من شروحه.

في العام 1962 نالت تلميذته الأولى في متوسّطة البنات علامة في مادّة الرياضيّات في الامتحان الرسميّ لشهادة البروفيه أعلى من علامة الأول في مدرسة البنين، وكانت تفاخر وهي في دار المعلّمين وهو معلّمها هنالك أيضاً، أنّها تلميذته، كان يجب أن تتخصّص في الرياضيّات، لكنّهم وضعوها في سفينة اسمها دار المعلّمين، وتركوها في الهجيرة تبحث عن المرسى كما تُرك حسن كحيل وأقرانه المتفوّقون يقلعون أشواكهم بأيديهم أيّام كان جبل عامل والنبطية إحدى حواضره لا يزال مهملاً غير مدرج على لائحة أسياد هذا الوطن الذي كان يصرّح وزراء التربية فيه عن لا جدوى فتح مدارس رسميّة فيه تكلّف الدولة نفقات هي في غنى عنها.

في هذا الوطن الذي لا يعامل فيه الناس كمواطنين بل كرعايا عمل الأستاذ حسن كحيل مديراً نزيهاً صادقاً متفانياً، يعلّم الطلاب ويوجّه المعلّمين بسيرته قبل لسانه؛ وللمدير في المدرسة الرسميّة أكثر من دور، عليه أن يظلّ متحفّزاً للردّ على تدخّل وزارة التربية وزيراً وموظّفين في شؤون المدرسة، أي في تطويع القوانين والقرارات متى شاؤوا وكيفما شاؤوا، وعليه أن يكون مستعدّاً لتدبيج ملحمة يردّ بها على استفزاز مفتّش من ذوي النفوذ، يريد أن يلصق به تهمة لأنّه رفض أن يعيّن معلّماً فاشلاً قريباً من ذلك المفتش رئيساً للنظّار عنده، ويرد على طلبات النواب والمتنفّذين، التي لا يقبلها عقل ولا منطق ولا قانون. أحد النوّاب قال له صراحة خالف القانون في قضيّة معيّنة وأنا أحميك. وأن يردّ على انتقادات أولياء التلاميذ وهم رفاقه وجيرانه وأهل بلدته، يعتقدون أنّ الله قد خلق أولادهم ثم كسر القالب بعد خلقهم، كي لا يكون أحد على شاكلتهم.

وعليه أن يتحمّل مسؤولية الطلاب في أثناء القصف الإسرائيلي داخل المدرسة وخارجها. ثمّ يقسم وقته للإشراف على فرعيها في دير الزهراني وجُبَع، ليكون للذين تهجّروا من النبطية والقرى المتعرّضة للقصف الإسرائيلي مدرسة في مراكز تجمّعهم.

لم يكن لديه في حياته من همٍّ بعد عائلته سوى الثانوية، تعهّدها غرسة بعد انتقال مديرها الأول الأستاذ جواد صيداوي إلى بيروت ففرنسا، وتركها شجرة باسقة يتّسع ظلّها لمئات المعلّمين والطلاب. وها هو الآن بيننا، يستمع إلينا، في هذا المبنى القصر، نقول له: سيبقى جميلك في أعناقنا وأعناق الآلاف الذي مرّوا في هذا الصرح العلميّ والثقافيّ منّةً نردّها كلمات نكتبها عنك في سيرنا وفي سيرة بلدتنا ومنطقتنا. أطال الله عمرك، لك حبنا وتحياتنا”.

المحتفى به الأستاذ حسن كحيل

وبعد منحه وسام التميّز والإبداع الذي تصدره بلدية النبطية للموهوبين والمميّزين في العطاء والإبداع، بمشاركة الفاعليات المختلفة، تحدّث المحتفى به الأستاذ حسن كحيل فقال: “مرحباً بكم في هذا اللقاء الجميل بوجودكم، الذي يقف الإنسان أمامه مقدّراً معتزّاً..

أفتخر بلقائكم، صدّقوني لستُ من خطباءِ المنابرِ ولا من أربابِها، أعملُ بالمثلِ القائلِ: ما ندمتُ قطّ على ما لم أقله. أريد أن لا أندم، لأنّ خيرَ الكلامِ ما قلَّ ودلَّ.

أحبّتي: شكراً على ما أوليتموني من شرفٍ ومحبّةٍ؛ لذلك حسدتُ نفسيَ كم أنا محظوظٌ بكم جميعاً.

من يستلم مهمّةً عليه أن يتقنَها وخيرُ الأعمال بالاكمال. سيجدُ أمامه الكثيرَ من الصعوبات، عليه تذليلها راجياً أن لا ينسى:

نصف الناس أعداء لمن      ولي الأحكام هذا إن عدل (ابن الوردي)

من لا يعمل لا يخطئ، ومن يخاف لا يتقدّم؛ كلّ عمل يلزمه الجرأة، ودوام الحال من المحال؛ لو دامت لغيرك ما آلت إليك، والإنسان مفطورٌ على حبّ من يعمل من أجله ولأجله.

شكراً أحبّتي، صدقوني، أقف عاجزاً عن شكر جميع الحضور. شكراً لمن قلّدني وساماً معنويّاً، رصّعتم صدري بحلّة ورديّة ثمينة لا أنساها. يكفيني لقاء أحبّة متشوّقاً للوقوف أمامهم مفتخراً. وأتحتم لي أن أستمع إلى كلمات أحبّة أفاضوا عليّ بحلّة نقيّة لا أنساها.

في الختام، أشكر حضوركم الذي لن أنساه. عذراً إذا لم أتمكّن من إيفاء كلّ ذي حقّ حقّه، ولو كلاميّاً. مردداً:

كأنّكَ من كُلِّ النفوسِ مُرَكَّب     فأنتَ إلى كُلِّ النفوسِ حبيبُ (القاضي التنوخي)..

كلّ عام وأنتم بخير، والسلام عليكم أحبّتي”.

بطاقة بريديّة تذكاريّة

في مناسبة تكريمه، أصدرت بلدية النبطية بطاقة بريديّة تذكاريّة، تكريماً للمربّي الأستاذ حسن كحيل وزعت على المشاركين في تكريمه.

تحمل البطاقة صورة بالأسود والأبيض، تعود إلى العام 1958، التقطت على درج المدرسة الابتدائية الرسمية للصبيان، “أمّ المدارس” بكاميرا الأستاذ حسن كحيل التي استخدم في تصويرها “المؤقّت” بعدما ثبّت كاميرته على حامل ثلاثيّ.

في الصورة الأساتذة الراحلين، من اليمين أمام: علي قديح/ حسين قديح/ أحمد فياض (بين قديح ووهبي)/ عبد الكريم وهبي/ خلفه وجيه بشارة وخلفه سمير صباح/ ميشال حداد (وراء علي قديح) وبطرس خواجة، إلى طويل العمر الأستاذ حسن كحيل في يسار الصورة أماماً.

وتحمل الصورة على ناحيتها الخلفية نبذة مختصرة عن المحتفى به المربي الأستاذ حسن علي كحيل.

تصوير المختار محمد بيطار