النبطية في مئة عام: فوتوغرافيا الزمن الجميل

النبطية في مئة عام: فوتوغرافيا الزمن الجميل

 

بورتريه للمخترع الراحل حسن كامل الصباح، قائداً لكتيبة التلغراف التركي

 

كامل جابر

18بطاقة بالأبيض والأسود، تتناول عقوداً وأزمنة من تاريخ «عاصمة جبل عامل»، جُمعت من أرشيف مصوّرين راحلين أو هواة مهتمّين، أطلقت في العام 2018، في النبطية ضمن مبادرة ترمي إلى توثيق وحفظ الذاكرة الثقافية والاجتماعية والسياسية لمدينة النبطية.

بالتعاون بين «جمعية بيت المصوّر في لبنان»  «مركز كامل يوسف جابر الثقافي الاجتماعي» في النبطية أطلقت مجموعة “مجّانية” من الصور الفوتوغرافية النادرة عن مدينة النبطية، خلال قرن كامل يراوح بين أعوام 1890 و1990. في صورة نادرة لمدينة النبطية، مركز المحافظة السادسة في لبنان، في حيّزها الجغرافي المتواضع، تظهر بحيّ وحيد لا ثاني له، هو «حي السراي» ببيوته الملتمّة داخل سور من الجدران المتواصلة.

أما المساحات المحيطة المتبقية، فهي حقول وتلال تكتسحها اليوم مساحات الاسمنت والأبنية العالية. لم يُعرف مصدر هذه الصورة التي تظهر فيها بعثة أجنبية تخيّم (خيمتان) عند التخوم الشمالية الغربية لحي السراي (مقبرة النبطية حالياً) مع مجموعة من الخيول التي يبدو أنّها كانت وسيلة المواصلات في حينه. تعتبر هذه الصورة الأقدم للنبطية التي عثر عليها حتى الآن، وهي ليست أصليّة، أي بنكهتها المطبوعة، إنّما منسوخة عن مجموعة الراحل فؤاد دبّاس، فيما تشير التقديرات إلى أنّ تاريخها يعود إلى نحو العام 1890. وحملت الصورة كتابة فرنسية خطّت باليد Syrie, Village de Nabatieh en 1890 .

تظاهرة لأبناء النبطية وأحزابها رفضاً للحرب الأهلية (نيسان 1975)

هي 18 بطاقة بالأبيض والأسود، تتناول عقوداً وأزمنة من تاريخ «عاصمة جبل عامل»، جُمعت من أرشيف مصوّرين راحلين أو هواة مهتمّين، فضلاً عن مجموعة من أرشيف الباحث علي مزرعاني الذي جمعه من بيوت المدينة، وقد استُدل بالتواتر على بعض أصحابها، فيما بقي بعضها الآخر مجهولاً، لجهة هوية المصوّر أو المصدر. لكن يبرز هنا اسم مصوّر النبطية «سركيس» الذي ربّما يكون أرمنياً أتى إلى النبطية في زمنها الجميل ولم يكن له من منافس، مات ودفن فيها، ولم يُعرف بغير هذا الاسم. وهناك أيضاً المصوّر ماهر غندور، وصور متناثرة من أرشيف أو مجموعات المربّي الراحل حبيب جابر، وأرشيف الرئيس السابق لبلدية النبطية الراحل أحمد عبد الهادي الصباغ، ورياض شعيتاني، وأحمد فرحات، وكامل جابر.

فريق كرة القدم في «مدرسة النبطية الابتدائية» (1927)

الصورة العائدة إلى العام 1916، عبارة عن بورتريه للمخترع الراحل حسن كامل الصباح، قائداً لكتيبة التلغراف التركي. صورة نادرة أرسلها إلى والديه قبل عامين من انتهاء عهد الولاية العثمانية، التي تجنَّد في صفوفها عدد من أبناء النبطية، حيث حملت الصورة الثالثة (1917) من المجموعة المعرّف عن فحواها بثلاث لغات (العربية والفرنسية والإنكليزية)، صورتي بورتريه لليوزباشي عبد اللطيف الحاج فياض، واليوزباشي رضا رضا، المجندين في الجيش العثماني. ونرى في صورة معبّرة جداً أربع نساء من النبطية بجلابيبهن التقليدية عند «العين الجديدة» القريبة جداً من حي السراي، يملأن الجرار قبل عام من وصول المياه إلى النبطية بأنابيب من نبع الطاسة في إقليم التفاح في العام 1925.

اليوزباشي عبد اللطيف الحاج فياض، واليوزباشي رضا رضا (1917)

ونعاين في صورة العام 1927 أعضاء فريق كرة القدم في «مدرسة النبطية الابتدائية». تحمل هذه اللقطة في طيّاتها الواضحة دهشة الفريق أمام عدسة كاميرا «سركيس»، في الوقت الذي نعود فيه إلى صورة أخرى للمخترع حسن كامل الصباح، مُرسَلة هذه المرّة من الولايات المتحدّة حيث كان يعمل في شركة «جنرال إلكتريك»، في العام 1930.
في 8 آذار (مارس) 1942، احتشد كشّافة المدرسة الابتدائية مع الفرقة الموسيقية في صورة مميزة بعد احتفالهم بعيد الشجرة. وتظهر بين الأعوام 1947 و1948 و1952 ثلاث صور لسوقَيْ الحصير والغلّة والسوق الشعبية في «سوق الاثنين» الشهير في النبطية، وما تحمله من أزياء تقليدية. ثم نتنقّل خلال الأربعينيات والخمسينيات بين صورة نادرة لعاشوراء النبطية (1949)، وحقول التبغ (1948)، وتظاهرة طلّابية في نيسان في العام 1954 ضد معاهدة «الدفاع المشترك»، إلى دبكة جنوبية في عيد الشجرة (1954)، والخيّالة من أبناء النبطية (1936 ــ 1960)، والسراي العثمانية التي هُدمت في العام 1972، وانتهاء بتظاهرة لأبناء النبطية وأحزابها رفضاً للحرب الأهلية (نيسان 1975)، إضافة إلى آخر معاقل الحرف اليدوية في النبطية، الحدّاد العربي، في صورة التقطها كامل جابر لسميح جروان وهو يطوّع الحديد في محترفه قبل سنتين من إقفاله في العام 1990.

دبكة جنوبية في عيد الشجرة (1954)

دبكة جنوبية (خلفية البطاقة)

أُرفقت هذه البطاقات في جهتها الخلفية بصور للعملات اللبنانية في الأعوام التي التقطت فيها الصور أو الأعوام القريبة، المنوّعة بين العملة العثمانية ودولة لبنان الكبير والجمهورية اللبنانية، فضلاً عن أختام بريدية مميزة، وقد غُلّفت بعلبة فاخرة تراثية.