“نداء الأرض”: انقذوا نبع الطاسة ونهر الزهراني من الحفريات والصفقات

 

كامل جابر

دبّت “جمعية نداء الأرض” من مقرها في عربصاليم (إقليم التفاح) الصوت واستنفرت لجانها في أعقاب انطلاق ورشة حفريات ضخمة في محلّة “النْقَيْب” في جرجوع تردد أنها مشروع لتخزين مياه نبع الطاسة قرب حومين الفوقا.

 وأعربت الجمعية من خلال رئيستها الناشطة البيئية الأبرز في الجنوب، المربية الدكتورة زينب مقلد عن قلقها “في ما يخص المشروع الذي يننفذ حالياً وبسرعة على نبع الطاس. علماً أن المكان خال من المياه”. وطالبت بتقديم “ايضاحات من القيمين على المشروع حول المستفيدين من تنفيذ هكذا مشروع، وعن الجهة الممولة، وعن الجهه المنفذة؟ لأن المشروع غامض جداً ومن حقّ الناس المجاورين للنهر أن يعرفوا ما يدور حولهم وما يجري”.

 وطلبت الجمعية في بيان أول إلى “سكان عربصاليم وجرجوع ان يتنبّهوا لما ينّفذ من اعمال حولهم”.

وفي بيان آخر توجهت فيه رئيسة الجمعية إلى أهالي عربصاليم “الحريصين على بقاء النهر والتنوع البيولوجي، الرافضين تحويله إلى مجرى للصرف الصحي، أن يطّلعوا على الحقائق حول نهر الزهراني ونبعه الرئيس، نبع الطاسة”.

واضافت في بيانها: “يؤكد علماء الجغرافيا في ما يتعلق بالأنهر اللبنانية، أن نهر الزهر الزهراني يتمتّع بخاصّية فريدة، وهي أنّ نبعه، نبع الطاسة، هو من الينابيع الدائمة الغزارة، والتي لا تتأثّر بمواسم الجفاف كغيرها من الينابيع في لبنان. كما انّ نبع العسل الذي ينطلق منه نهر الكلب هو من أبرد الينابيع اللبنانية. لقد استخدمت مياه النهر قديماً في ريّ مدينة النبطية، ثم توالت المشاريع العشوائية من منبعه، من دون مراعاة لقدرة النهر، ولا لمصلحة القرى المحاذية له، حتى لم تبقَ قطرة ماء واحدة تنطلق من باب النبع؛ ولولا وجود عدد من الينابيع الرافدة المستقلة عن نبع الطاسة، لما بقيت قطرة ماء واحدة في المجرى، ولماتت كلّ الاشجار عند ضفافه، وهي الدليل الوحيد على بقاء شيء من الحياة في هذا النهر المنكوب”.

وتابعت: “ماتت الأسماك كلّها بعدما كانت تشكّل مصدر رزق للناس على ضفافه، ورحلت الطيور وتصحّرت الأراضي، ولم يعد بقدرة الفلاحين إيجاد ماء لريّها، واختفت اللوبياء السوداء التي كانت تشتهر بها جرجوع وتنسب اليها، وسكتت رحى المطاحن والمطروف ولم نعد نشمّ رائحة الزيت البكر تفوح من النهر فتصل الى البيوت ..أمّا متعهدو المشاريع، فكانوا كدولتهم شديدي الذكاء، يستغلون انشغال الناس بهمومهم المعيشية والأمنية فينفذون مشاريعهم “على السّكَّيت” حتى من دون دفع مليم واحد من التعويض على المستحقّين. ولمّا يزل كل سكان جرجوع يحتفظون بسندات اراضيهم ممهور عليها “يحقّ لها الري من مياه نبع الطاسة أو من القناة الشرقية أو الغربية وهو ما بدا واضحاً بتنفيذ (الأنبوب) القسطل ١٦ المنفّذ في العام١٩٨٢ في إبّان الأجتياح الإسرائيلي المشهور في ذلك العام.

ما من نهر في لبنان عومل بالقسوة التي عومل بها نهر الزهراني. سُحبت كل مياهه من المصدر، أي من باب النبع، ودُمرت بيئته، ذلك لأنّ من حوله سكاناً مهذبين ومسالمين يؤثرون الأبتعاد عن المشاكل، حتى ولو أدى بهم الامر إلى تضييع حقوقهم.

كلّ الانهار اللبنانية، من الشمال إلى الجنوب، تصل مياهها ألى البحر، إلاّ نهر الزهراني فقد خنقوه من مطلّ رأسه، من النبع.

تشرب منطقة شرق صيدا بأكملها من مياه الزهراني ونهر الأَوّلي أقرب إليها من حبل الوريد، وعندها بئر ارتوازية في مجدليون قوتها تعادل قدرة نهر الزهراني (كما أخبرني أحد مسؤولي المصلحه) ولكنهم لا يشغلونه حرصاً على توفير المازوت، ويرتوون من مياه الزهراني لأنها على الجاذبيه، أو لأنهم يخشون من إغضاب “سيّد المختارة” ولا يجرؤون على المسّ بمياه الأولي وهي الأقرب…

كما وأن مياه الزهراني تغذّي ٥٤ بلدة، منها ٥٢ فيها آبار ارتوازية، فإذا كانت المصلحة لا تريد تشغيل الآبار فلماذا حفرتها؟! أم أنّ التغذية من الزهراني أسهل؟ أو كما يقال: المال السائب يعلّم الناس الحرام”؟

في كل الاحوال، لقد أثبتت الأحداث الأخيرة وانقطاع الكهرباء الدائم عندنا في اقليم التفاح، وكيف أنّ الناس تدبّر أمرها بالطاقة الشمسية، ان المياه أهم بكثير من الكهرباء، فهي شريان الحياة ،ولا يمكن العيش بدونها”.

شكراً للمسؤولين تذكّرهم أننا من دون كهرباء! خذوا كهرباءكم وأعيدوا لنا نهرنا الحبيب الذي لا يحلو لنا إلا العيش على ضفافه. لقد بذلنا أرواحاً كثيرة في أقليم التفاح لنحافظ على فرادة هذه المنطقة المميزة ولن ندعكم تحرموننا منها بمشاريعكم العشوائية الكسبية، وهذا ما نودّ أن تفهموه جيّداً.

وعلم أن جمعية نداء الأرض وحولها العديد من أهالي المنطقة وسكانها أطلقوا أكثر من تحرك لوقف “المشاريع الصفقات” معريين عن أسفهم لتجاهل قيادتي “حركة أمل” و”حزب الله” من خلال سلطتهما في بلديات الإقليم لكل ما يجري، أو “الموافقة على ما يجري”.

وكان مجلس الإنماء والأعمار قد أقام سداً قرب منبع نبع الطاسة لتخزين أكبر كمية من المياه هناك، بيد أن أمطار شتاء العام  2008 جرفت السدّ “الصفقة” ولم يعد له من أثر، ولم تفتح لجنة تحقيق واحدة لمعرفة مصير الأموال التي هدرت وسرقت.

 

الصور: (جمعية نداء الأرض)