د. دلال عباس تقرأ في أدب يسرى مقدّم

كامل جابر

النبطية- 25 تموز/ يوليو 2022

اقامت جمعية تقدم المرأة في النبطية والمجلس الثقافي للبنان الجنوبي أمسية أدبية في مركز الجمعية قرأت في خلالها الأستاذة الدكتور دلال عباس في أدب الكاتبة الأستاذة يسرى مقدّم من خلال كتابيها: “الحريم اللغوي” (2010 عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر) و”صباح الخامس والعشرين من شهر ديسمبر” (2020 عن شركة المطبوعات للتوزيع والنشر) بحضور حشد من الفاعليات الثقافية والتربوية والاجتماعية.

تقديم من المربية الأستاذة غادة مقلد تحدثت فيه عن تجليات الكاتبتين  يسرى المقدّم ودلال عباس في الأدب والثقافة والتربية.

ثم تحدثت الأديبة يسرى مقدّم، فقالت: “سعيدة أنا بوجودي بينكم وسعيدة بأن يحتفى بكتابي في مقر جمعية تقدم المرأة في النبطية، ثم سعيدة وشكورة أيضاً لأنكم أتحتم لي استحضار تذكارات الزمن الهانئ المنقضي، زمن زمالتي وصداقتي بالكثيرات منكن في مدرسة الزهراء، ثم لاحقاً في مدرسة فريحة الحاج علي وفي دار المعلمين والمعلمات. وهنا أود أن أقول: عقبال أن تصبح جمعية تقدم المرأة جمعية ناشطة للإنسان السعيد بثنائيته، يعني خارج أيّ فرز أو تصنيف بين امرأة أو رجل، فالزوجيّة بحسب ابن عربي أكمل وأغنى وأعظم، لا سيما “وأن الاثنين أصل الواحد”، أعني بذلك “النفس الواحدة” التي ورد ذكرها في سورة النساء/ الآية الرابعة: “اتقوا الله الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق فيها زوجها”. أسوقُ حديث النفس الواحدة لعلاقته بمفهوم الآخر الذي من دونه يظلّ عالم الذات في عتمة وسبات وزمنها يدوم ساكناً بلا حراك، ومكانها مقفر وموحش، تعمى عن آخرها/ مفردها، كأنها عدم أو لا أحد، فلا تصير ذاتها، ولا تعي فرادتها واختلافها فلا تمسسها، طبعاً شهوة إلى الحب وإلى المعرفة، كلاهما حاجة لا تقوم بمعزل عن الآخر الذي به تتلمس الذات رغبتها وتدرك شهوتها ليخصب العالم ويقول المثنى صادقاً: “أنا شرط الحياة”، فسبحان الله الذي أنعم على خلقه بالغيرية وعلمهم المثنى من كل شيء. مقتطف من كتاب الحريم اللغوي * في مدح الكتابة ليتحرر التعبير من أسر التهميش والتبعية والإلحاق والدونية. للكتابة السردية، الروائية منها على وجه الخصوص، أن تشبه التجوال في غابة بكر بوصفها، أي الغابة، فضاء بلا خارطة، وهو إلى ذلك فضاء مغلق مجهول، غامض وممتع في آن، ذلك أن للتجوال في المجهول نكهة المغامرة – أوليست الكتابة بحد ذاتها، مغارة ممتعة- نفرّ إليها لنتحرر من إكراهات الواقع المعقد الكابت والمقيد؟ ففي الكتابة كما هو الحال في القراءة، نغافل هذا الواقع، نسقطه لنقيم بديلاً منه، واقعاً افتراضياً أعدل وأرحم وأجمل بصرف النظر عن صدقه أو كذبه أو حتى أسراره. فالنص السردي سواء كان رواية أم سيرة ذاتية، شبيه بالغابة قد يرهبنا ولوجها أو يسعدنا، يخيفنا أو يستهوينا، وقد يتخلّق لنا أحياناً عالم مخملي واضح المعالم والمسالك والدروب لنفرح داخله ونسعد. وربما، أقول ربما، يتصور لنا أننا نلج عالماً مغلقاً، مركباً بسماء كامدة، ونجوم مطفأة، ذلك أن للوقائع الافتراضية أن تفتقر إلى الوحدة والانسجام.

بما يخصني تحديداً، تشكيل النص في الكتابة أو استيعاب النص في القراءة، فالحياة الواقعية على ما نكتشف، أوسع وأعمق من أن يتمّ استيعابها بعيني كاتب مفرد!

نحن نكتب الروايات والسير أو نقرؤها ومرادنا في الحالين الإمعان في ما ينأى بنا عن إملاءات الواقع المعقد الذي تصعب مواجهته.

وبناء عليه، تغدو للكتابة وكذلك للقراءة وظيفة السردية الاستشفائية. نعم للكتابة أحياناً أن تشفي! أوليست الكتابة مرآة صادقة ترينا من أنفسنا وجوهنا الحقيقية، تكشف عن عمق أعماقنا، تناوش لاوعينا، تحرّضه لنمسك به ونصافحه ونتصالح مع أنفسنا، ثم لنا بعد ذلك أن نمضي إلى مغامرات سردية جديدة بشجاعة الواثق من شفائه.

أخيراً لسؤال الأمومة أن ينال نصيبه:

لمَ يقيد عيش الأمومة بالصمت؟

على صفحتي الفايسبوكية كتبت منشوراً- منذ عامين- بمناسبة عيد الأم قلت فيه: “تكتب النساء في عيد الأم عن أمهاتهن، ويتنافسن في تعظيم عواطفهن الجارفة حيال الأمهات المكتفيات بدور الأمومة حصراً. في سبيله ينفقن أعمارهن عازفات عن وجوههن الأنثوية الأخرى امارة على التزامهن صورة الأمومة كما تمجّدها الأعراف الاجتماعية السائدة، حتى إذا ما حان الكلام عن عيشهن الخاص لأمومتهنّ سارعن إلى إطفاء النور والسقوط في العامّة، ليبقى السؤال اللجوج عالقاً: لمَ تتكتم النساء الأمهات عن البوح بمكابداتهن في عيش أمومتهن؟ فهل في هذا العيش المسربل بالكتمان ما يوجب الصمت حرصاً على براءة صورهن الأموميّة من أيّة شائبة؟

بعدها تحدثت الأستاذ الدكتورة دلال عباس فأشارت إلى أن “يسرى مقدّم كانت قد نشرت قبل كتابيها “الحريم اللغوي” والخامس والعشرين من شهر ديسمبر” كتاباً عنوانه “مؤنث الرواية: الذات، الصورة، الكتابة” خصصت نصفه لفصل سمّته “شبهة الكتابة” للحديث عن أدب المرأة لتقول: “من يكتب من؟” و”من يعبّر عن من؟” وأسئلة مشابهة لتتوصّل إلى أن لا مناص للكتابة الإبداعيّة من التورط في ثنائية جنسويّة لا مكان فيها للشبهة والالتباس. أما النصف الثاني من الكتاب أو فصل “مقاربات” فقد عرضت فيه لأعمال سبع روائيات وشاعرة واحدة، قرأت أعمالهن قراءة نقدية. وقد اعتمد هذا الكتاب مرجعاً نقدياً لدراسة الرواية بصورة عامة، في رسائل وأطاريح جامعية حول الروائيات العربيات.

وأضافت د. عباس عن كتاب الحريم اللغوي ليسرى مقدم:

منذ أنْ غنِمتُ كتاب “الحريم اللغويّ” قراءةً، استوطنتْ ذاكرتي صورةُ هنرييت زميلةِ الدراسة الجامعيّة، الخرافيّةِ الجمال الحادّةِ الذكاء والاجتهاد، وما حاصرها من استهجان واستغراب وعباراتٍ تستنكر اجتماع الجمال الظاهريّ والداخليّ، كأنَّ جمالَ الشكل نقيضٌ لجمال المعنى، وكأنَّ الفِكَرَ المبتكرةَ يُضيرها أنْ تكون جميلةَ الإخراج…

المزاوجة بين اللغة الجميلة وإعمال العقل موهبةٌ ربّانيّةٌ لا تتأتّى إلاّ للمصطَفين، ويسرى ابنتي حينًا وأمي حين الفزع، صاحبةُ الكتاب، مصطفاةٌ عقلاً وموهبةً أدبيّةً عزّ نظيرها، منذ صغرها وهي طُلعة تحيل ما تراه وتشعر به وتقلّبه في عقلها إلى فِكَر. كم أضْفتْ من رِفعةٍ إلى نصوص الآخرين التي قرأتْها نقديًّا قراءةً أعلت من قيمتها الحقيقيّة؛ كما تبيّن لنا من خلال كتابها الأوّل “مؤنّث الرواية“.

لقد خرج هذا النص أعني كتاب “الحريم اللغويّ” بقلمها معجزًا لغةً ومضمونًا، لم تُصِغه على مثال سابق، التقطت فكرةً غيرَ مسبوقةٍ وأخرجَتْها بهذا الأسلوب الرائق الجميل، ورؤيةٍ إلى التراث بعينٍ ثاقبة، لم تضيّع بَوْصَلة الكلام، مدركةً أنَّ مكامنَ الخللِ بالنسبة إلى موضوع المرأة إسلاميًّا قابعةٌ في ركام التراث الفقهيِّ والتفسيريِّ الذي تمحور حول النصّ القرآنيّ مدّعيًّا شرحَه وتفسيرَه، فركنه جانبًا واستسهل الاستعانة بنصوص من خارجه.

لقد ابتعد الفقهاء والمفسّرون وتَبَعًا لهم علماءُ اللغة، الذين ادّعوا خدمة النص القرآنيّ للمحافظة عليه، ابتعادًا شبهَ كامل عن هذا النصّ، أدّى في النهاية إلى ما يشبه الانفصال عنه وهجرانَه وبناءَ منهج لانتاج الفهم والعلم الدينيّين على أساس “الرأي” و”الخبر. “وما تعدّدُ المذاهب والمشارب والخلافُ في ما بينها إلاّ بين ذلك الفهم التجزيئيّ للقرآن الكريم والتعاملِ العضينيّ معه، وإيمانٍ ببعض الآيات وكفرٍ ببعضها الآخر، والقبولِ بأحاديثَ ومرويّاتٍ وتأويلاتٍ وتفسيراتٍ تاريخيّةٍ ونظرياتٍ آحاديّة، بعيدةٍ كلّ البعد من النص القرآنيّ ومعارِضةٍ له جملةً وتفصيلاً في السياسة والأخلاق، خاليةٍ من إعمال العقل الذي حثّ عليه النصُّ نفسُه في مئات الآيات وخاليةٍ من مكارم الأخلاق، السببِ الأساسيّ لاصطفاء محمّدٍ )صلى( رسولاً نبيًّا…

أكثر من ذلك لقد تورّم الفقه التقليديّ وتضخّم وانتفخَ إلى أنْ أنتج ما أنتجه من فقه تكفيريّ صداميّ…

لقد اسودّت زجاجة الكوكب الدريّ، وهي تحتاج إلى عقولٍ فذّة جريئة لتنظيفها ومسح طبقات الغبار والدخان التي علقت بها، ولا تزال منذ تلك اللحظة التي وضع فيها الفقهُ نفسَه في خدمة الخلفاء- الأباطرة، مسوّغًا كلَّ ما هو نقيضٌ للنصّ الذي ادّعوا الحكمَ باسمه…

من هذا الفِقه السلطانيّ الإمبراطوريّ المحرّفِ الذي جعل الدين تحت سقف السياسة خادمًا لها، بدلاً من أنْ تكون السياسة تحت سقف الدين، ذلك الفقه الجاهليّ الذي سرق إرث البنت وأعطاه للعم، انبثقت القواعدُ النحْويّة المعتمِدةُ على مرويّاته المستعارة من النصوص التي جاء النص نفسه نقيضًا وناقضًا لها.

تلك المرويّات الموضوعةُ في عصر القسمة الحادّة بين الحرائر والجواري، وتشيئ المرأة إلى سلعة تتداولُها الأيدي؛ عصرِ تأليف الكتب التي تعلّم الجاريةَ فنَّ الغواية، وما كان لفقه الجواري إلاّ أنْ يُنتج نحوَ ]علم النحو[ الجواري، فعلماءُ النحو غيرُ ملومين؛ لم يصفوا إلاّ ما رأوه وعاشوه، كقول ابن الروميّ:» لا يصف إلا ماعونَ بيته «عن ابن المعتزّ إنَّه في هذه العقود الأخيرة خرج من يزيح الغبار ويمسح الدخان العالقَ بالمصباح، وجاء تفسير الطباطبائيّ على سبيل المثال لا الحصر كاشفًا عوراتِ التفاسير السابقة، ووضع بعضُ الفقهاء المجدّدون على استحياء أبوابًا معتمدين العقلَ حَكَمًا في قراءة المرويّات  )المنهج،» فِقه المرأة « جديدة سمّوها الذي اعتمده العلماء الاجتهاديّون السابقون( صديقي الشيخ البهائي وعلماء المدرسة التي ينتمي إليها… وصولاً إلى المبدعين الذين أكّدوا على الفصل بين النصّ المقدّس والمعارف الدينيّة غير المقدّسة.

إنَّ ما أبدعته يسرى من إشارة إلى مواطن الخلل في القواعد النحْويّة، يُصنَّف من دون غلوٍّ أو محاباة في خانة إبداعات هؤلاء، رأت ما لم يرَه أحدٌ قبلَها، وسيكون منطلقًا لمن سيكتب بعدها، وسيفتح بابَ الكلام على مصراعيه…

لقد أدركت أحدَ مواطنِ الخلل في بَحْرَةِ التراث الفقهيّ وتاليًا النحويّ الراكدةِ، الآسنة، المسطّحة، السهلة، الناجزة، المسوّرة بجدران عالية ومحكمةٍ من السكون والركود والكلام الواهي كخيوط العنكبوت. التقطت من الأعماق المظلمةِ درّةً ستعمل في ما يلي من الأيام على إعادة تشكيلها وتحويلها إلى حِلىً سحريّةٍ تحيلُ النساء جميعًا حرائرَ، فتُطوى حينها صفحةُ عصورِ الجواري

القديماتِ والجديدات.

ثمّ عن كتاب الخامس والعشرين من شهر ديسمبر فقالت:

إلى يسرى الحبيبة..

كلماتٌ مباشِرةٌ خاليةٌ من التّزويق والخطابيّة. منذ اليوم الأوّل الّذي تعارفنا فيه منذ أكثر من نصف قرن .أنا الحديثةُ العهدِ بالتّعليم، في المدرسة النّموذجيّة التّابعة لدار المعلّمين في النبطيّة، وأنت الطّالبةُ الأكثرُ تفوّقًا بين طلّا ب دار المعلّمين، والأجملُ بين جميلات الدّار، نما الودّ بيننا، ربّما لأنّ كلًّا منّا وجدت في الأخرى الوجهَ الّذي تريده ولا تريده، بعدها شرّقنا وغرّبنا، وتباعدت مساراتنا، ومن دون سابق إنذار كان لنا لقاءٌ بعد سنواتٍ امتدادًا للّقاء الأوّل؛ كأنْ لا فترةَ ولا انقطاع.

كنتِ لا تزالين تبحثين كيومك الأوّلِ عن المعاني الكامنة وراء الأشياء والأحداث والخيبات…

في أحلك الظّروف رأيتُك، ابنتي وأمّي ومعلّمتي وتلميذتي، كيف تجمّعتِ المتناقضات؟ لا أدري، جلّ ما أعرفه أنّني أتهيّب الكتابة لكِ وعنك..

يوم مناقشة كتابك “الحريم اللّغويّ” في صور، تعرفين كم استغرقني الوقت حتّى تمكّنت من كتابة تينيك الصّفحتين..  حين عرفتُ من ابنتي أنّ كتابك الجديد “صباح الخامس والعشرين من شهر

ديسمبر” قد صدر، حالت ابنتي مباشرة أو غير مباشرةٍ بيني وبين قراءته، قالت: “يسرى كتبت عن امّها وأنتِ تكتبين عن أمّك ستتأثرين بما كتبت، أجّلي القراءة”، لم اؤجّلها طويلًا، لم أستطع ذلك، قرأتك اوّل مرّة حابسةً أنفاسي، لم اكن أقرأ – قلتُ لكِ ذلك-  كنتُ أسمعُك، ليس تخيّلًا؛ كنت أسمعك تحكين لي عن أمّك وعن معاناتها. أقرأ بعينيّ، وصوتك في أذني، قَسَمًا كنت أسمع صوتك يعلو ويخفُتُ، منغمًا حينًا، وحينًا كأنّك تشرَقين بدموعك، تحكين لتتخفّفي من ثقلٍ أرهقَكِ حَملُهُ كلّ هذه السّنين..

وأتخيلُني أسألك على من تبكين؟ على أمٍّ أحببتها حضنًا دافئًا، ووليّةً معصومةً، أو إلهةً وثنيّةً تتضرّعين إليها حينًا، وتكفرين بها أحيانًا .. أم تبكين عليّ، وقد فعلتِها، أم على ذاتك تقرّعينها لأنّها لم تلتزم بما كنتِ تظنّين أنّك إن فعلته تتحلّلين من الصّورة النّمطيّة لشهيدات الأمومة، كي لا تكوني صورةً من أمّك . لحظةَ أو لحظاتِ قرّرتِ أن تكوني النّقيضةَ لها، اكتشفتِ أنّك لم تكونيها وإنّما صُرتِها، وأنتِ تتوهّمين أنّك تتحدّينها وتتحدّين الظّروف الّتي حكمت عليها بتحمّل ما لا تحتمله الجبال..

كان صوتك في أذني صادقًا غير مخاتلٍ ولا موارب، يُسمعني بوحَك راقيًا، مهذّبًا، وعتابَك حانيًا عليها، وتقريعَك قاسيًا على ذاتك بلغةٍ أقلّ ما يُقال عنها إنّها مُعجِزة.

يسرى..

يوم سألتِني على الملأ في المقابلة المتلفزة عن الأمومة تملّصت من الكلام عليها وظيفةً هي الأصعب والأشقّ، تهرّبت كي لا أحكي عن الضّريبة الفادحة الّتي حمّلَتْنيها تلك الوظيفةُ وجعلَتْ كلَّ ما يمكن أن يُعدَّ ربحًا في هذه الحياة باطلًا وقبضَ الرّيح في نظري.

نعم، الأمومة وظيفةٌ، مهنةٌ، لا تحتاج الى الدِّربة، بل إلى الحبّ، لذلك هي مُضنية للواتي يفضن حبًّا وهنّ يتأفّفن، للحرائر الحرّات الصّادق بَوحُهنّ مثلك، أنتِ يا من غلَبَ عقلُها الباطنيُّ وعيَها الفجّ )والقول لك(، والّتي صرفت عمرها بلا حساب وهي تفيض أمومةً تهبها لجميع النّاس..

يسرى أنتِ هربت منها )من أمّك (إليها، شاكستِها وخالفتِها، حاكمتِ نفسَكِ لمّا أردتِ محاكمتها، حاولتِ أن لا تكوني نسخةً مكررة عنها لكنّك صرتِها..

يسرى …

أنتِ اعترفتِ أنّك كرّرت الحكاية، عانيتِ وأكثرتِ ووقعتِ في ما هرَبْتِ مِنهُ، كنتِ وليّةً كما كانت، ولم تنجح محاولاتك للهرب من ضرائب الوظيفة المفروضة، عِشتِها بحبٍّ وصبرٍ، ومن دون سابق تصوّر وتصميم منك أردتِ التنزّه في الجنّة الّتي وُعدت أمّك بها.

الأمومة والأبوّة والتّعليم والاستشهاد والإيمان والنزاهة وكلّ ما هو جميلٌ وراقٍ في هذه الحياة هو فيض الحبّ.

سلامي لكِ.

بعدها وقّعت الأديبة يسرى مقدّم نسخاً من كتابيها للحاضرين…

الصور التالية بعدسة المختار محمد بيطار: