“تصبحون على وطن”

مرسيل خليفة

الصور بعدسة رامي رزق

(في إفتتاح مهرجان بعلبك ٥ تموز ٢٠١٩)

كنت أعدّ سنواتي على الأصابع وأرتبها على هوى الموسيقى. أستعجل عاماً آخر كي أكبر أكثر وآتي إلى مهرجان بعلبك .

ولم تكن الطريق واضحة للولد الذي كنته فاستعيض عن المشوار بالسماع عبر الأثير لما تبثّه الإذاعة اللبنانية والوحيدة آنذاك من أعمال المهرجان .

ثمّ “وِلْعِتْ” الحرب وَكَنَسَّتِ المهرجان لسنين.

أذكر أنني التقيت بمدينة نيويورك عازف البيانو الكبير “جيورجي ساندور” آخر تلامذة المؤلِّف الموسيقي المجريّ “بيلاّ بارتوك “، حيث كان يُدَرِّسْ إبني “رامي” في أكاديمية “جوليارد سكول” فسألني عن بعلبك وناسها وقلعتها ومهرجانها. وكان قد عزف في أوائل الستينيّات من القرن الماضي رفقة الأوركسترا السيمفونيّة المجريّة الكونشرتو الثاني لبارتوك في مدينة الشمس .

“لن أنسى” قال “جيورجي ساندور”، تلك الليلة المفعمة بالحب والنّور وذلك القمر المكتمل يهلّ على القلعة الساحرة. لن أنسى محبّة الناس الذين منحوني شريعة القلب.

وكان يضّخ في الكلمات بلكنة فرنسية سحر تلك الليلة والتي حفرت عميقاً في وجدانه. وكان قد تجاوز التسعين من عمر سريع .

وفي ٥ تموز لسنة ٢٠١٩ افتتحت مهرجان بعلبك رفقة الاوركسترا الفيلهارمونية اللبنانية مع المايسترو لبنان بعلبكي وكورال سيدة اللويزة بإدارة الأب خليل رحمة وموسيقى وأغنيات بطعم الحب .

أشعلنا شمعة في ليل دامس ودسنا على جغرافية السياسة والسياسيين وبرامج الحروب الصغيرة والكبيرة .

-تصبحون على وطن- على صهوة حلم مبلّل برذاذ الطفولة .

نقنع أنفسنا بأنّه ما زال هناك أمل !!!

ونريد أن نقنع أنفسنا بأنّه ما زال هنالك وطن !!!

“تصبحون على وطن”.

*الصُوَرْ من “رامي رزق” في ليلة افتتاح مهرجان بعلبك بعمل “تصبحون على وطن” في ٥ تموز ٢٠١٩.