عناية جابر: الشعراء يرحلون بصمت وخلفهم صدمة وحزن

«إذا لمست قلبي ولو بريشة يصرخ من الألم».

بهذه العبارة على صفحتها الفايسبوكية اختتمت الشاعرة والتشكيلية عناية جابر (1958 – 11 أيار/ مايو 2021) مسيرة حافلة بالشعر والإبداع الفني التشكيلي والغنائي وفي الإعلام، قبل أن ترحل فجراً بهدوء تام، عن 63 عاماً  مخلفة صدمة وحزناً بين محبيها وأصدقائها وفي الوسط الثقافي والفني ككل. وللشاعرة اللبنانية الجنوبية باع طويل في الأدب والثقافة والفن التشكيلي وحتى في الغناء، إذ جمعت هذه المواهب بروح واحدة، على مدى ربع عقد من الزمن.

بدأت رحلتها عام 1994، مع إصدارها ديوان «طقس الظلام» لتتسع في ما بعد رقعة اصدارتها، من «مزاج خاسر»، «ثم أنني مشغولة»، «استعد للعشاء»، و«أمور بسيطة»، و«ساتان أبيض»، و«جميع أسبابنا»، و«لا أخوات لي»، و«لا أحد يضيع في بيروت».

تلقت عناية جابر علومها الأولى في مسقط رأسها «السلطانية» (جنوب لبنان)، استكملت دراستها لتنال إجازة في العلوم السياسية من «الجامعة اللبنانية»، وتدخل بعدها عالم الصحف والدوريات المحلية والعربية، وتكتب كناقدة في الشأنين الثقافي والفني. الى جانب تمرّسها في عالمي الكتابة والشعر، اتجهت صاحبة «ساتان أبيض»، الى عالم الغناء، وقامت بتقديم عدد من الأغاني القديمة بصوتها المرهف أمثال :«يا ليلة العيد»، و«ما دام بتحب بتنكر ليه»، و«على خده يا ناس ميت وردة»، على مسارح «الأونيسكو» و«المدينة» و«دار الأوبرا» المصرية.

عرفت جابر بمناخاتها الشعرية التأملية والتعبيرية التي تأخذنا الى عوالم العزلة والإنكسار وأحوال الجسد بعد الإشتياق والحنين، بلغة مرهفة وجريئة في آن معاً.

نعم، شكّل رحيلها المفاجئ بسكتة قلبية بعد معاناتها مع المرض، صدمة في الأوساط الثقافية والفنية في لبنان، وبحسب موقع “الميادين”، فإن أحد أصدقاء الراحلة قال إنها وجدت ميتة نتيجة أزمة قلبية في بيتها في شارع الحمرا حيث تعيش بمفردها. ونعاها أصدقاؤها ومحبوها من شعراء وفنانين على صفحاتهم، ببالغ عبارات الحزن.

كتب المسرحي والشاعر يحي جابر:

رصيف شارع الحمرا .

ضاحكة: “انت ما بتحب شعري”

ضاحكاً: “وانتِ كمان ما بتحبي شعري”

ضاحكة: “انت ليه مابتحبني اساساً؟”

ضاحكاً: “وانت كمان ما بتحبيني من أساس الأساس.

ضاحكة: ” بطلت تمرق عالسفير. ميّل نشرب قهوة “

ضاحكاً: “انزلي عالويمبي. في نميمة ناطرتك للأحتساء”

اليوم ماتت “عناية جابر” وانعطفت عند المفرق كدخان سيجارتها..

انا مازلت على الرصيف..

الحياة مزحة كموتكِ الآن.. ولا اضحك .

وكتب عون جابر:

” إنّه الصباح.. عربة بريد مبكرة”

عناية جابر

وحملت عربة اليوم نبأ رحيلها، فأردانا بسهام من الحزن والأسى، العالم أقلّ طرافة الآن .المبدعة الجميلة الظريفة اللطيفة الشفّافة غادرت بعد أن لمّحَت في آخر بوست قائلة :

“إذا لمست قلبي

ولو بريشة

يصرخ من الألم “.

نحن من لامست قلوبنا كلماتك نصرخ من ألم رحيلك فـ”الموت وجع الأحياء”.

خالص التعازي لعائلتها ومحبيها.

كتبت ماري قصيفي:

موت بليغ

المشبه: لبنان

المشبّه به: عناية جابر…(وأي واحد منّا)

وجه الشبه: غياب الجمال في وحدة قاتلة

وكتب الشاعر كامل صالح:

كان يمكنك أن تبقى في حالة التباس معها، لكن بما أنك تلقي التحية، وتبتسم، فهذا الطريق إلى اكتشاف إنسانة طيبة، حالمة، قلقة… شاعرة.

زاملت عناية جابر أيام عملي في السفير، كنت في الطابق الرابع وكانت في الطابق الثالث، تواصلنا على قهوة أحمد بزّون وأغنيات اسكندر حبش، وصمت عبّاس بيضون. وكنا نلتقي بالصدفة على درج جريدة السفير أو في غرفة الإخراج…

وداعا عناية جابر الشاعرة والصحافية… والطيبة

كتبت روزيت فاضل: عناية جابر لم العجلة؟ غيابك موجع جداً

وكتب الشاعر والإعلامي اسماعيل فقيه:

الشاعرة عناية جابر الى صمتها الأبدي.

كانت خير زميلة وصديقة ورفيقة الصحافة الثقافية والمقهى. وكم اختلفنا في تعريف القصيدة والشعر. وكم كانت خير جليسة في نقاشاتنا الشعرية الحامية في مقهى باريس. ولا أنسى اليوم الأول الذي جمعنا قبل عقدين ونيف وكانت تلهث بنفس متقطع بعدما قرأت قصيدتي (ربو الضحكات) وقالت لي، “ربوكَ ربوي”..

وداعاً صديقتي عناية

جمعت بين كتابة الشعر والصحافة، وممارسة الفن التشكيلي والغناء

كتبت في الشأن الثقافي والفني في عدد من الصحف والمجلات العربية، إلى جانب دراستها الغناء وتقديمها العديد من الحفلات في دار الأوبر المصرية و”الأونسكو” ومسرح المدينة في بيروت، وفي بلدان أخرى، حيث أدّت مقطوعات لأم كلثوم، وليلى مراد، وعبد الحليم حافظ وفايزة أحمد.

تذهب جابر في شعرها إلى مساحات جريئة في التعبير عن أحوال الجسد والبوح عن حالات الفقد والحنين والاشتياق والتذكر، وتوصيف أقصى درجات الانكسار والتشظي التي ولّدتها خسارات الحب، حيث تدوّن في إحدى قصائدها “من الغياب أصنع لكَ تمثالاً/ وعليه أن يستمر/ على هذا الوضع، بينما الغرفةُ تنظر إلى عُريي”.

كتبت جابر في قصيدة “حدث أحياناً أنّني أبكي” التي تضمّنتها مجموعة “ساتان أبيض”، قائلة:
بين أصدقائنا كلّهم

مات الذي نحبّه أكثر

ومشدود إلى موته سألناه

هل أحبّنا بدوره!”.

إنتقلت الى رحمته تعالى صباح 10/05/21 في لبنان المرحومة

الكاتبة والشاعرة عناية جابر

والدها المرحوم كامل جابر ووالدتها المرحومة لغات جابر

زوجها الأستاذ يونس صعب

أبناؤها: الدكتور كارل، سامر، وبلال صعب

اخوتها المرحوم المهندس طلال جابر، الأستاذ حسن جابر مدير المركز العربي في مدينة ديربورن.

المهندس محمد جابر، الأستاذ حسين جابر.

أختها عائدة جابر

سيوارى جثمانها الثرى في بلدتها السلطانية اليوم بعد الظهر.

يتم تقبل التعازي عن طريق منصات التواصل الإجتماعي أوعبر الإيميل

hjaber@accesscommunity.org

فارقت عناية جابر الحياة صباح الاثنين في 10 أيار/ مايو 2021، بعد صراع مع المرض، في منزلها الكائن في منطقة الحمرا في بيروت