أميمة وزاهي وهبي ينثران قصائد وأغنيات الحبّ والحياة والوطن في النبطية

تميزت أعياد أيار، العمال والشهداء والتحرير، هذه السنة، في مدينة النبطية باستضافة صاحبة الصوت الملائكي العذب الملتزم أميمة الخليل وشاعر الحب والثورة زاهي وهبي في “قصائد وأغنيات للحب والحياة، للوطن والإنسان” بدعوة من المجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية بيت المصور في لبنان وجمعية تقدم المرأة في النبطية وجمعية التنمية للإنسان والبيئة، في قاعة ومسرح ثانوية حسن كامل الصباح الرسمية بحضور وجوه ثقافية وتربوية وأكاديمية وأدبية واجتماعية.

استهلت اللقاء الشاعرة والإعلامية لوركا سبيتي بكلمة (ننشرها كاملة لأهميتها في تكريم الضيفين وبلاغتها اللغوية والشعرية) قالت فيها: “اقف بينكم وروحي يقلقها مثقلة ترقُب طول الدرب وحدة المنعطفات يرهقها وهن جناحيها وصفاقة الريش ويحفزها حلم لجوج ان وراء هذا الحلك الدامس ينبجس فجر اخاذ وخلف تلك الجرود القاحلة تنبسط مروج خصبة وتمتد افاق رحبة ..اعرفكم فردا فردا فقد رايتكم مرارا في مرآة ذاتي وسبرت اغوار حياتي فالتقيتكم وتسلقت سلالم تعبي فكنتم اليد التي تلقي التحية وتمسد القلق وتودع على امل اللقاء..وترحلت في تاريخ بلادي فكنتم على تلالها السنديان والريح وفي اثلامها الملح والقمح وفي صحاريها واحات النحيل غابات..

يا رفاق رحلتنا نحو الانسان شاقة ولكنها تبدأ من هنا من هذه الاحتفائية الثقافية والابداعية والوطنية….وصنع الانسان فينا يبدا باعتراف بسيط:انا انسان انا حر وانا مبدع.. والخيط بين الحب والخوف شفاف ورفيع وبين الخنوع والاباء مسافة ضئيلة..ونحن ابينا ان نحارب كي لا نستسلم ورفضنا شرب ماء الظلم مهما عطشنا كي لا نشارك في القتل.. عانقنا الشمس وراقصنا الرياح وعند كل مفترق تركنا كمشة حب تدل على مرورنا وتزيدنا يقينا باننا سائرون ابدا نحو الضوء.

في الحقيقة اطلت في تحيتي هذه  قاصدة الهرب مما يجب علي فعله اصلا وهو تقديم شخصيتين معروفتين ومشهورتين ..لهما حيوات مثقلة بالقضايا مضمدة بالخلق والابداع ومضاءة…و ولكن ليس هذا سبب ارتباكي فبعض الاضواء حراقة صح وكنها رؤوفة واصابعي تعرف جيدا كيف تتعاطى مع الشموس ..سيربكك حتما لو كنت مكاني ان تحمل رأسك وتضعه امامك وتبدا بخضه الى ان يثمل وفتحضر الذاكرة وساكنوها بكامل حلولهم”.

وعن الفنانة أميمة الخليل قالت: “أميمة مجرد ان تذكر اسمها تحضر الحدائق المخضرة..لا ليست الحدائق بالظبط بل البراري الشاسعة التي لم تسوّر ولم تشذّب وترتب… سكنت الوجدان وصارت بحجمه، امتدت تجربتها بخفة على خط زمني مستقيم فكانت مستقيمة بقدره ..منذ طفولتنا وحتى اليوم ما زالت هي ذاتها لا تجاعيد في روحها ولا في صوتها الرقراق… لم تكبرابدا وصوتها لم يتعب على الرغم من انه غنى للمتعبين والمقهورين والكادحين والمقاومين..هم كبروا وتعبوا وفقدوا الأمل واحبطوا وتراجعوا وسقطت قضاياهم ومعها الاغنيات وهي ظلت العالية العصفورة التي لم تصبها رصاصات الحروب ولم يغرها ذهب الأنظمة ولم تستثيرها اضواء الشهرة وتجرها الى سوق النخاسة  ..ظلت تؤمن بالحرية التي هي التوجه الدائم نحو الحقيقة ذاك التوجه الذي لا ينتهي ابدا، وبالانسان الذي يحكمه وعيه ويسيره قلبه الصافي وبالحب كحل اخير ووحيد للحياة….

وأضافت عن الشاعر زاهي وهبي: “ثم ماذا عنه… وماذا سأقول فيه.. وهو سيد الكلام… يطعوج اللغة كما يريد… طيّعة بين يديه وراضيه به… يعاملها بحنان مفعم، وقد يقسو عليها، وقد يفاجئها حد الرعب.. وقد يرتفع بها ويحلق عاليا ليطال أطراف السماء، وقد يسقط فيها ولا يرتطم.. يؤنسنها… ارأيت يوما قصيدة ترقص؟ تتبرج؟ تعرف القبلة؟ تصادق قمراً؟ تجري من تحتها الانهار؟ تغني؟ قصيدة لها اطفال يثرثرون؟ يلعبون الغميضة، يشتاقون، يكبرون بلا أب ويصيرون اجمل الآباء؟؟؟؟

شاعرنا احترف الشعر باكرا.. مذ نبعت الماء من تحته واختلطت بطين خياله.. مذ غفا على قصص  الحاجّة بنت السيّاد أمه عن الأنبياء والأولياء، عن الزير سالم  وعنترة، مذ رضع لبن الطهر.. مذ بدأ يسأل.. عن الحياة والموت والوطن والناس والحب.. بَحبَش كثيراً عن الاجوبة.. على الشفاه وفي البيوت المضاءة وعند المفارق.. وعند عابري السبيل وحتى في جيوبه وكنا نراه…صح، نمشي معه ونبحث ايضا..الطفل الاسمر تاه وتوهنا.. لا بد بانه لم يجد ضالته حتى كتب.. لم يرأف بنفسه ولم يجنِ عليها ايضاً… الوحدة والعزلة والغياب والضجر والقلق كانت جميعها لحافه.. حتى كتب… خلانا في البيت سنوات ننتظر اجوبته وهو يطرح اسئلة لا تعد ولا تنتهي على” أكثر من 750 مبدعاً عربياً في شتى الميادين والمجالات الفكرية والأدبية والموسيقية والمسرحية والسينمائية والتلفزيونية والتشكيلية والفقهية، فهمنا “بيت القصيد” لقرابة 350 مبدعاً  وراء الشاشة.. ونحن ننتظر اجوبته… الى ان ناجى الله: بأن يا الله، كيف تصلح الوردة ذاتها للحب والجنائز؟ للحياة والردى؟ لميلاد الجلادين وأضرحة الشهداء؟ كيف يا زاهي كيف كتبت كل هذا الفرح والجمال وانت ترى شعوباً مغلوبة وحمّالين أنهكتهم أحلام اليقظة؟ هذه صنعة الخلاق، من قلب الاسى يطلع الحب ومن دمع العفن يولد الحياة.

تعالا يا حبيباي .. يا وطني.. ويا طعم الارض في الكلام والمغنى المسرح لكما”

وشكر الشاعر زاهي وهبي “حضوركم العزيز الذي يجعل من هذه الأمسة أكثر دفئاً، شكراً لمحبتكم ووجودكم، لا سيما الجمعيات المنظمة لهذا اللقاء. كلما أتينا إلى النبطية نشعر بفرح غامر، وهذا كلام ليس للمجاملة، بل ان الجوّ في النبطية مختلف دائماً، فللقصيدة هنا والبعد الثقافي نكهة مختلفة، إذ أن من يأتون فلكي يستمعوا وليس لتأدية طقس اجتماعي، تحية إلى النبطية، هذه المدينة التي أنجبت علماء وأدباء ومفكرين كباراً، في ميادين مختلفة، من الأدب والشعر والفن، إلى الشهداء ولا ننسى ونحن في شهر التحرير والمقاومة، كيف أن هذه المدينة حوّلت ساحة عاشوراء (1983) إلى محرقة للصهاينة والغزاة. نعم نحن في شهر المناسبات العزيزة، من عيد العمال إلى عيد الشهداء إلى عيد التحرير، ومن المصادفة أنني أنا وأميمة من مواليد هذا الشهر. وأريد هنا أن أعبّر عن سعادتي أن اللقاء مع أميمة يتجدّد في سواء على المنبر هنا في لبنان، أو من خلال الأغنية عندما يحمل صوتها وإحساسها الرائعان كلماتي، أو عندما نتحاور في البرامج والتلفزيون، وهي عملة نادرة بالفن والصداقة والإنسانية، وبكل الصفات النبيلة التي تحملها”.

وشكر للشاعرة لوركا سبيتي “التي صعّبت علينا المهمّة، إذا أنها رفعت السقف، بالمحبة أولاً وبالكلمة والبلاغة بعدما حوّلت المذياع إلى قنينة عطر ووردة. شكراً لك لوركا، فأنا عندما كنت أسمعك اليوم شعرت أن هلال رمضان غدا بدراً… شكراً لكم جميعاً”.

من جهتها قالت أميمة: “ليس جديداً عليّ هذا الحب الكبير وهذا الحضن الذي يشعرني دائماً أنني بين أهلي”. وتناولت العلاقة بين الكلمة واللحن والصوت مع الشاعر زاهي وهبي. وأضافت: “في جنوب الشهداء والمقاومين لا بد من تحية للشهداء وللناس هنا، للأمهات اللواتي تحملن ولمّا يزلن، وتحية خاصة لإنسان كنت أنا على علاقة شخصية به، وقد فقدناه من يومين، وعنيت به الصديق المهندس محمد الرضي، ونبدأ من “أرض الجنوب” من حبيب صادق ومرسيل خليفة”.

وبعدما أنشدت قصيدة أرض الجنوب، تعاقبت هي والشاعر زاهي وهبي على مجموعة من القصائد والأغنيات، إذ غنّت أميمة: “العائد… مررت أمس على الديار” لموسى شعيب، “تكبّر” لمحمود درويش، “غداً” لزاهي وهبي، “عصفور طل من الشباك” لنبيل هادي، “نامي نامي يا زغيري” لنقولا دانيال ومقطع من “أعرف بلاداً” لزاهي وهبي وألحان هاني سبليني، ومقطع من قصيدة “أمي” لزاهي وهبي وأنشدته مع الملحن أحمد الخير، شو بحب غنيلك” لجرمانوس جرمانوس وهاني سبليني وختمت مع “الكمنجات”.

أما قصائد زاهي فكانت: “الجنوب… في الجنوب تستلقي الشمس على الجبال…”، “بقيّة الله”، “ضع وردتك هنا”، “غداً”، “أعرف بلاداً”، “أمي” التي ستغنيها قريباً أميمة من ألحان الموسيقي أحمد الخير والموجود بيننا، “جسد علماني” لحنها وغناها شربل روحانا…

بعدها أولم رئيس جمعية بيت الطلبة علي شكر وعقيلته نادين في ديوانهما “ديوان العز” لأميمة وزاهي وأحمد الخير وعدد من المنظمين والدعويين…

تصوير زياد الشوفي وعلي مزرعاني.