أسعدت قلبي يا آدم.. في كندا

د. إبراهيم بيطار
شابة من كاليفورنيا من التقطت الصورة. كانت تطالع خريطة المدينة حين اقتربتُ منها. بابتسامة عريضة جدا بدأت الحديث معها. فحذّرتني سريعاً بوجه بشوش ولهجة لطيفة: “لا أعرف الفرنسية قط!”. قلت لها لا بأس. لا أريد منك أيتها الغريبة سوى أن تؤرّخي لنا هذا اللقاء، أن تؤبّدي هذه اللحظة فحسب. الشاب بقربي، يدعى آدم (شحوري)، صديق قديم من أيام الجامعة، لم نلتقِ منذ سنوات. أصبح مهندسًا، باحثًا، وطيّارًا في كندا. سأكون شديد الإمتنان لو أمكنك أن تكوني وفيّة في التأريخ. امنحينا ذكرى بهيّة، كوني يدَ القدر الجميلة. وحسنًا فعَلَت وكانت هذه الصورة.

كما تعلمون يا رفاق، للقدر مشيئته التي لا نفوذ لنا عليها، وقد قرّر أن يجمعني اليوم بآدم لبرهة لم تكن طويلة. تناولنا طعاما آسيويا. شربنا القهوة. تحدّثنا مع النادلة اللطيفة. تنزّهنا قرب نهر السين. وفعلنا أشياء أخرى لن أخبركم عنها.

آدم من الرّفاق الذي تعزّزت علاقتنا حين فرّق الأطلسي بين فرنسا وكندا. جمعتنا، قديمًا في بيروت كرة السلة ونظريات الهندسة؛ ثم تعتّقت الصداقة لاحقًا مع الإبتعاد وسطوة الحياة وتعذّب الأرواح.
كانت السماء رمادية فوق باريس. لم تكن الشمس برفقتنا. لكن الصداقة تقاوم الجو الكئيب، أليس كذلك؟ من منكم يجهل بهجة اجتماع صديقين قديمين؟

أسعدتَ قلبي يا آدم وأسعدتُ قلبك. يا ربّان الطائرة، لقد قطعنا عهدًا قبل الفراق. سنحلّق معًا قريبا في سماء كندا، سنرتفع فوق الغابات، سنداعب الغيوم قريبًا، سننسى آلامنا، سنتجاهل معاناتنا البشرية، سنستعير من الطيور خفّتها لنترك أحزان الأرض، سنلجأ معا إلى السماء قريبًا.. لأن السماء، كما تعلّمنا صغارًا، لا تخيّب الأرواح قط.