المؤتمر الوطني الحادي عشر لإتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني

مرسيل خليفة يهدي نشيد “الخبز والورد” الى “الاتحاد”: كل الحروب خاسرة

كامل جابر

إنطلقت أعمال المؤتمر الوطني الحادي عشر لإتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني بحضور الفنان مارسيل خليفة ورئيس الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبدالله وممثل الحزب الشيوعي اللبناني عمر ديب ورئيس الإتحاد علي متيرك وأعضاء المجلس الوطني والمكتب التنفيذي للإتحاد وحشد من ممثلي المنظمات الشبابية والطلابية اللبنانية والفلسطينية.

وألقى رئيس الإتحاد علي متيرك كلمة جاء فيها :”أيها الرفاق، أيها الأصدقاء،
إننا إذ نواجه تحديات هذه المرحلة في ظل أزمة حادة يعيشها لبنان وطنًا ونظامًا ودولة وأجواء عاصفة تلف المنطقة والعالم تطرح علينا مسؤوليات جسام لمواجهة هذه المعضلات والمخاطر الراهنة والمحتملة كما تطرح على كاهلنا ضرورة تثبيت وصون الإنجاز التاريخي الذي تحقق بتحرير الأرض وتكريس هوية لبنان المقاوم العربي التقدمي وتحصين الوضع الداخلي وصون الحريات وحقوق التعبير وبناء الدولة الديمقراطية العصرية دولة القانون والحقوق والواجبات، لا دولة رعايا الطوائف واقطاعيات وزعامات متصارعة ومتحاصصة… ان استمرار هذا الشكل السياسي للنظام اللبناني يشكل استمرارًا لتربة خصبة موّلدة للنزاعات والحروب الاهلية ودولة ضعيفة البنية يسودها التنازع، ملتبسة الهوية، مرتهنة للخارج ويضبط هذا الخارج ايقاعها وفق مصالحه وتوازن صراعه، من هنا نقول ان العائق الاساس في قيام الدولة التي نريد هو عائق بنيوي قائم في النظام السياسي الطوائفي وكذلك المتمسكون به المنتفعون منه، وما عجز الميزانية وتراكم الدين العام وتراجع معدلات النمو وارتفاع معدلات الهجرة والبطالة وتراجع التقديمات الاجتماعية من سكن وتعليم وطبابة وضرب التعليم الرسمي وفي مقدمه الجامعة الوطنية اللبنانية الى انعدام فرص العمل وشح المياه وغياب النقل العام، وانتشار بدعة التعاقد الوظيفي وانتشار الاوبئة والمكبات العشوائية وارتفاع اسعار المحروقات والمواد الغذائية، الا مؤشرا واضحا على فشل هذا النظام الرسمي في إدارة شؤون البلاد، وليس هم هذا النظام الا تكريس تبعيته الى الخارج عبر اتباع سياسة اقتصادية فاشلة قائمة على الاستدانة وارتفاع معدل الدين العام إرضاء لسياسات صندوق النقد والبنك الدولييين والدول المانحة وفق شروطها الإقتصادية والسياسية”.

وأضاف: “إننا اذ نواجه هذه الصعوبات في ظل هذه التأثيرات السلبية نؤكد على التزامنا خيار المواجهة مع هذه السلطة الفاسدة، في ظل تحديات وأزمات كثيرة استطعنا تجاوزها بفضل وعي الإتحاديين وحسهم النقدي وحرصهم على اتحادنا وقناعتهم الراسخة بدورهم الوطني ووجودهم الذي أصبح حاجة وطنية موضوعية بسبب تركيبة هذه المنظمة الوطنية الجامعة وبسبب مساهمتها السياسية والاجتماعية والوطنية والفكرية الرائدة في امتداد تاريخها الطويل بين الشباب ما يؤهلها للعب دور شبابي وطني نهضوي يساهم في اخراج لبنان من أزماته العديدة والكارثية، وفي مقدمة شروط النهضة نهضة منظمتنا وتأكيد استقلالية قرارها وتميز ووضوح برنامجها السياسي والإجتماعي والشبابي من ضمن خط عام يرى المتغيرات بعين القدرة على استيعابها وتمثلها، وتجديد ادوات ووسائل النضال بحيث لا نفقد الهوية والدور المتميز، مراهنين في ذلك على الاجيال الجديدة، متطلعين الى المستقبل بعين الناظر لإنقاذ هذا الوطن”.

وختم: “لتساهم اعمال هذا المؤتمر في تثبيت نضالاتنا العالمية ضمن إطار اتحاد الشباب الديمقراطي العالمي ضد العولمة المتوحشة، وليستمر نضالنا من دون كلل في سبيل مشروع نهضوي عربي حضاري ديمقراطي، في سبيل بناء لبنان عربي جديد سيد حر تسوده المساواة والعدالة الاجتماعية، في ظل نظام سياسي ديمقراطي علماني مدني يقضي على آفة الطائفية السياسية وسمومها، وفي الوقت نفسه الذي يغتني فيه بتنوع وتعدد معتقدات شبابه وابنائه.
ان تمسكنا بتلك الاسس والتوجعات لا يعفينا من ضرورة الادراك العميق لكل المتغيرات التي حملتها السنتين الماضيتين، كما لا يعفي مؤتمرنا من ابتكار وابتداع الاشكال والاطر المناسبة لجعل برنامجنا اوضح واكثر قدرة على التعبير عن مصالح الاكثرية الساحقة من شبابنا اللبناني ولجعل وسائلنا افعل في النشاط والتواصل والتنظيم، لجعل منظمتنا اكثر حضورا وتأثيرا في الصراع المتعدد الأشكال والميادين والأبعاد، معًا لتوحيد الجهود للحفاظ على تضحيات الاسرى وقدسية أمانة الدم من عبد اللطيف سعد الى مكسيم وحسن جمال الدين الى فضل بسمه وعلي نجدي وحسن كريم”.

وكانت كلمة للفنان مارسيل خليفة حملت في طياتها شيئاً من النقد العام والذاتي، وقال: “الى وليد صعب… إن الصرخة التي تتعالى في أعماقي هي صرخة ذلك الكورس الصغير تترنّم بأغنية مغمورة بالنور وبأمل وفرح كبيرين. كان ذلك من سنين في حي بيروتي عتيق رفقة ذلك الشاب الجميل الأخرق والمتحمّس: وليد صعب. أتذكّر ذات مساء في آذار بعيد أغنية في البال وفجأة تكثفّت السُحب وهبّت الرياح بشكل زوابع عنيفة فتدفقت سيول من المياه وأحسسنا بأن العاصفة إنما هبّت قصداً لكي تشاركنا في “سقوط القمر “أوّاه.. إيقاعات أغنية قديمة تنبعث من الأعماق في آذار الجديد. نغم خفيّ في نفسي أيقظه ذلك الشاب الجميل الذي كان يسابق الريح “فهوى” في الشارع الوطني.. يا وطني. قطرات من الرحيق تتدفق كالدموع وتجد في الأغنية النور الذي لا يطفأ. يا وليد كيف سكنتك فتنة الرحيل وجعلت الهواء ريحاً وطرت كالعصفور في مراوغة بندقية الصيّاد. فلا حيلة لك الاّ خفّة التحليق لتفلت من صيد مؤكد ولتدور في السماء حافي القدمين؟ كان صوت الريح يدخل من ثقوب الشبابيك وسرعان ما يتحوّل الى نايات باصوات متعددة”.

وأضاف خليفة: “ننتظر وعوداً من العاصفة ونغني لفرح الراعي بولادة حمل صغير وخوفه من ذئب يحاصر القطيع. وكانت الريح تستدرجنا الى قرانا البعيدة والى شتاء كثيف يغطي السفوح. فنطيع صوت القصب ونركض على طرقات مثقوبة بنعل الحذاء ترشح صوتاً مسرعاً والنوتة أمامنا نتدرّب على فكّ علاماتها. نعود الى بيوتنا في آخر الليل لتصدح الأغنية على أصوات القصف التي كانت تتردّد هنا وهناك. وكان الخوف والترقّب في الملجأ يفتحان باب المقام للّيل الطويل. وفي اليوم التالي نرى أثر إيقاع القذائف على حائط البناية ونكتب سيرة النسيان كدوّي أنغام. هل كنّا يوماً من الأيام شباباً هنا؟ كم كبرنا! وكم كان هذا الحلم أصدق من هذا الواقع.

كنّا لا نعرف الاّ لغة الموّال والموّال مفتوناً بالحب. أين الحب؟ يركض الموال في أعقاب الحب وينادي: يا حب! لماذا لا تسمعنا؟ تعبنا من الأمل. منفيين في أصواتنا. يا حب! لا عمر يكفي لكل هذا الحب! للحكاية سطوتها وكلما جربت أن ادونها، تناقصت المفردات وتصاغرت عن قامة المعنى. كأنما الحكاية قدّت من غير لفظ. لا أدري ما الذي يشدني الى بيروت: مدينة الصراع المستمر بين النزوع التنويري والميول التدميريّة، وتلك الرغبة الثقافية المتأججة في إشعال شمعة ولعن الظلام في آن. لقد أدمنتنا الحروب، نحن حطبها وجمهورها بالشكل والواجهة. واختلطت الامور لينتصر المبدع في مأزقه وليتعرّى الآخرون في مآزقهم. لقد طغت السياسة على حياتنا طغياناً اخذ علينا كلّ مسلك وغمر بيوتنا وشوارعنا وكل زاوية من حياتنا بحيث ما عدنا نرى الاّ من خلال الطغيان. نحن بأمسّ الحاجة الى شيء من سلامة الفكر، الى شيء من الصحو، نرىى به ما الذي يحدث لأنفسنا ولأفراد مجتمعنا. الاضطراب السياسي قد أدّى الى قلقلة مريعة بالقيم في غمرة البرامج النظرية التي تتشدّق بها كل فئة يستشري فساد من السلطة المطلقة والرياء لا يفل عنه. اننا نقاسي شحّاً في الإبداع، وعلينا ان نخصّب هذه التربة ونهيب بشبابنا ان يتأملوا وينتجوا وبافتراضنا انسانية الفن أصلاً وجوهراً وسيكون سؤالنا: أجيداً ام رديئاً؟”.

وختم خليفة: “الانسان التواق الى التجربة، العاشق نبض الحياة، الذي يرى وسط الفراغ والسأم مبرراً لبقائه لأنه يسأل : ثم ماذا؟ ويحاول ان يجد الجواب في كل مرة لكي يسأل من جديد : ماذا بعد؟ كل الحروب خاسرة. حتى لو ربحت فأنت خاسر. كل البنادق محشوّة بالدموع. دموع الأمهات والحرب لا تنام ترصد الأحلام وتقتلها. يا اهلنا في الأقاصي إحذروا بكاء الرصاص. مزقوه، بعثرته، ولا تطلقوه كالمطر الهادر من السماء. لقد انكسرنا كما ينكسر السرو العالي. الأحلام تدفعنا الى السماء وبلادنا تدفعنا الى الخيبة ! لنشيّد الصُوَرْ التي صنعناها من حطامنا، نألفها ونجهلها كسرّ الحياة فينا، كامرأة نعشقها من صنع خيالنا. كنت للموسيقى رفيقاً، على الصحبة تعاهدنا، افهمها وتفهمني. اطلبها وتطلبني. ما ارحب الرؤية في حضرتها”.

وفي اللقاء أهدى الفنان خليفة نشيد الخبز والورد الى اتحاد الشباب.

وفي كلمة خاصة مسجلة وجهت الاسيرة المحررة المناضلة سهى بشارة تحياتها الى اتحاد الشباب وتمنت التوفيق لأعضائه في مؤتمرهم، مؤكدة ان الأهداف الرئيسة التي يتميز بها الإتحاد هي في كلمات أربع اتحاد شباب ديمقراطي لبناني وطالبت من الجيل الشاب التفكير الفعلي بمعنى كل كلمة من هذه الكلمات وشددت على ضرورة الابتعاد عن الطائفية والعمل لانتاج مجتمع ديمقراطي علماني حقيقي.

والقى ممثل الحزب الشيوعي عمر ديب كلمة تطرق فيها الى محطات رئيسية مر بها الاتحاد وعبّر عن فخره بنضالات شباب الاتحاد مؤكدًا حرص الحزب على استقلالية قرار هذه المنظمة الشبابية موضحًا ان الاتحاد هو المنظمة شبه الوحيدة الذي ينبع قرارها من قيادتها بخلاف المنظمات الاخرى التي تتلقى القرارات من أحزابها إسوة بنواب هذه الاحزاب التي تناظر قرار قيادتها.
وتحدث رئيس الاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين كاسترو عبد الله عن نضالات الاتحاد وشدد على اهمية استمرار الجيل الشاب على هذا الدرب في وجه السلطة الفاسدة.

وكانت كلمة كذلك لرئيس اتحاد الشباب الديمقراطي الفلسطيني يوسف احمد الذي وجه التحية الى الحضور وتمنى التوفيق للمنظمة اللبنانية في مؤتمرها وتناول يوم الارض قائلًا بالنسبة لنا كل يوم هو يوم الارض، مشيرًا الى ان الدم الفلسطيني المتدفق في خاصرة الوطن الجريح يروي ترابه يوميًا.

والقى كلمة طلاب الجامعة اللبنانية عدي عوض وكانت كلمة تعريفية لريم الخطيب
وعرض فيلم وثائقي قصير عن الاتحاد على وقع نشيد الخبز والورد.