لبنان في عيون روسية …معرض قريب في موسكو

arabic.sputniknews

زهراء الأمير

يحل معرض “فنانون روس رسموا لبنان: كوروليوف، بليس وبورادا” ضيفاً على العاصمة الروسية موسكو، في 24  من ابريل/نيسان الحالي، برعاية السفارة الروسية في بيروت والسفارة اللبنانية في موسكو، من تنظيم الباحثة الروسية اللبنانية تاتيانا بحر، وصاحب المعرض الدائم للطوابع البريدية خليل برجاوي والصحافي اللبناني عماد الدين رائف.

يضم المعرض الأول من نوعه في موسكو نحو 470 قطعة أصلية، للفنانين الروس بافل كوروليوف وفلاديمير بليس، وسابينا بورادا وزوجها ميخائيل، الذين كانوا من عداد المهاجرين الروس الذين مثلوا الجالية الروسية القيصرية في بيروت، التي كانت قد تشكلت بمعظمها من المشاركين في الحركة الروسية البيضاء وعائلاتهم مطلع عشرينيات القرن العشرين.

وبهذا الصدد، قال أحد منظمي المعرض الصحافي اللبناني  عماد الدين رائف، لـ”سبوتنيك”، ” فكرة المعرض للباحثة الروسية اللبنانية الأستاذة تاتيانا بحر، التي كان “بيت المغترب الروسي” قد استضاف معرضها الأول في موسكو قبل سنتين، وكان بعنوان “الروس في لبنان” وخصصته لمناسبة الذكرى السبعين على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين الاتحاد السوفياتي والجمهورية اللبنانية. وكانت في الوقت عينه تزود الموسوعات العلمية الروسية بالسير الذاتية لشخصيات بارزة من المهاجرين الروس، الذين لعبوا أدواراً مهمة في الحياة العلمية والفنية والثقافية في لبنان والمشرق العربي”.

وتابع قائلاً “تقاطعت بحوثها الطويلة مع بحوث لي تتعلق بالثقافة الاوراسية، حين كنت أعمل لأكثر من خمس سنوات على إعداد برنامج ثقافي إذاعي أسبوعي. وفي المحصلة تبين أن الكثير من الرسومات واللوحات التي رسخت في أذهان أجيال من اللبنانيين رسمها مهاجرون روس، وقد طبعت هذه الرسوم والتصاميم على صفحات الكتب المدرسية والقواميس وأوراق العملة واليانصيب وغيرها. فكان لا بد من الكشف عن هؤلاء المبدعين الذين قدموا ابداعهم للبنان وعاشوا فيه وأحبوه، والطريقة الأفضل للاضاءة عليهم هي عبر أعمالهم والتعريف بها عبر معرض هو الأول من نوعه”.

وأوضح أن أهمية المعرض تكمن في تعريف الروس واللبنانيين معاً بحقبة فنية ثقافية غنية عاشها لبنان بريشة روسية امتدت من ثلاثينيات القرن الماضي إلى عتبة الحرب الأهلية في العام 1975. وقد رسم الفنانون الروس فيها مئات الأعمال الفنية والتصاميم، التي تجسد المناسبات المهمة والآثار المختلفة العصور وتتحدث عن تطور الدولة اللبنانية التي كانت سباقة في الشرق الأوسط إلى ميادين ثقافية واقتصادية مختلفة. فالطابع البريدي، مثلا، يؤرخ لتاريخ لبنان الحديث منذ الاستقلال، إلى اليوم. وكان لا بد من الاستعانة بخبير عريق في الطوابع البريدية وهو الأستاذ خليل برجاوي الذي يملك معرضا دائما للطوابع في مدينة النبطية اللبنانية. وبالتالي ستكون جميع المعروضات من مجموعته.

وأكد رائف أن هذا المعرض يقرب المسافات ويعزز التفاعل الثقافي بين المثقفين الروس واللبنانيين، وخاصة عشاق الطوابع البريدية والعملات والفنانين والباحثين في التاريخ. إنها فرصة مهمة للتلاقي، وقد بادر اليها البريد المركزي الروسي عبر بطاقة بريدية تذكارية، وطرحها في الأسواق الروسية منذ 31 آذار/ مارس الماضي تمهيدا للمعرض.

المعروضات تتوزع بين طوابع بريدية ومالية وضريبية وأغلفة وأوسمة وميداليات تذكارية وعملات ورقية ومعدنية ولوحات، وغيرها من الرسوم والتصاميم التي نفذها الفنانون الروس لحساب الدولة.

الفنان الاول هو بافل بروكوفييفيتش كوروليوف (بول كوروليف، 1896-1992)، وصل إلى لبنان في العام 1929، وعمل رساما ومصورا فوتوغرافيا، ونفَذ العديد من مشاريع التصاميم التطبيقية لدى المفوض السامي الفرنسي. صمم كوروليوف في العام 1942 الطابع البريدي الأول لاستقلال لبنان “الذكرى السنوية الأولى على إعلان الاستقلال”، الذي حمل رسم الأمير بشير الشهابي. أما الطابع الذي صممه كوروليوف في العام 1946، والمخصص كذلك لذكرى الاستقلال، فهو الطابع الأول الذي حمل رسم علم الجمهورية اللبنانية المستقلة. وبين العامين 1942 و1964 صمم كوروليوف أكثر من ستين مجموعة طوابع بريدية، وخالصة الأجرة، وضريبية، ومالية. وبناء على تصاميم كوروليوف طبع المصرف المركزي اللبناني الأوراق النقدية بين العامين 1942 و1950، كذلك طُبعت تذاكر اليانصيب، السندات المالية الحكومية، خرائط لبنان، وثائق الجيش، معاملات الوزارات المختلفة، وأوراق اعتماد السفراء اللبنانيين في الخارج. كما رسم كوروليوف الرسوم التوضيحية لأكثر من 150 كتابا مدرسيا وتطبيقيا، وصمم العملات المعدنية اللبنانية، التي تم التداول بها بين العامين 1961 و1981. وسيعرض في المعرض، تصميم أصلي لوسام الاستحقاق الوطني اللبناني من تصميم كوروليوف.

وحظيت أعمال كوروليوف في ميدان الرسوم التطبيقية والتصاميم بشهرة واسعة في دول أخرى إلى جانب لبنان، مثل، سوريا، العربية السعودية، العراق، إيران، الأردن، الكويت والإمارات العربية المتحدة.

الفنان الثاني هو فلاديمير فلاديميروفيتش بليس (ف. بليس، 1897-1974)، ضابط عسكري انسحب مع فرق الجيش الأبيض من القرم إلى غيليبولو التركية، ثم هاجر إلى بلغاريا، قبل أن ينتقل إلى بيروت في العام 1934. عمل رساما محترفا للخرائط لدى سجل مسح الأراضي في لبنان وسوريا وكان عضوا في الجمعية التقنية الروسية. بين العامين 1953 و1961 أنشأ تصاميم عشر مجموعات الطوابع البريدية في لبنان كما عمل على عدد من المجموعات البريدية السورية.

وكانت لكوروليوف وبليس إسهامات كبيرة في تصميم الأرزة، الرمز الوطني اللبناني، وقد طورا في تصميماتها الكثيرة التي ظهرت على الطوابع البريدية والمالية بكميات كبيرة، واستخدمت تلك التصميمات حتى مطلع سبعينيات القرن العشرين.

ويضاف إلى كوروليوف وبليس الزوجان بورادا، ففي ستينيات وسبعينيات القرن العشرين، عمل المعماريان سابينا هنريخوفنا (عائلتها دوبروفولسكايا بالولادة) وزوجها ميخائيل يفغينيفيتش بورادا في لبنان. وقد صمما 12 مجموعة طوابع بريدية. وأثارت مجموعتهما المخصصة للذكرى المئوية على ولادة لينين ردود فعل جماهيرية واسعة ونقاشات في الصحافة آنذاك.