وطنية –
احتفلت الأوساط العلمية والثقافية والأدبية في العاصمة الأوكرانية بكتاب الاعلامي عماد الدين رائف “1897 قصص أغاتانغل كريمسكي البيروتية”، الصادر عن “رياض الريس للكتب والنشر”، وذلك لمناسبة مرور 120 سنة على كتابة كريمسكي قصصه في بيروت العثمانية.
وللمناسبة، نظمت السفارة الأوكرانية في لبنان ومكتبة ف. فرنادسكي الوطنية الأوكرانية والمركز الثقافي اللبناني في أوكرانيا حفلا لعرض الكتاب في قاعة المجلس العلمي في المكتبة، في كييف، التي بالكاد اتسعت للعدد الكبير من الحضور من أعلام الاستشراق والدبلوماسيين والباحثين في الشؤون العربية والأوكرانية، والمثقفين والفنانين والناشطين والإعلاميين، وأمناء المكتبات والمتاحف الأدبية ودور النشر، وأساتذة وطلاب اللغة العربية وآدابها في جامعات كييف، اضافة الى ممثلي الجاليات العربية في أوكرانيا. وترافق الحفل مع معرض خاص للمخطوطات والطبعات النادرة لكتب كريمسكي من تنظيم إدارة المخطوطات في المكتبة.
بوبيك
انطلق الحفل بكلمة ترحيبية باسم الجهات المنظمة، من المدير العام لمكتبة ف. فرنادسكي الوطنية الأوكرانية عضو المجلس العلمية في الأكاديمية الوطنية للعلوم فلاديمير بوبيك، لافتا إلى الأهمية الكبيرة لصدور الترجمة العربية لقصص الأكاديمي أغاتانغل كريمسكي البيروتية، وقال: “إنها مبادرة رائعة للإطلالة على العمل الطويل للأكاديمي أغاتانغل كريمسكي في ميدان التمازج الثقافي الأوكراني مع الأمم الأخرى”.
وحيا بوبيك “جهود السفارة الأوكرانية في لبنان والمركز الثقافي اللبناني في أوكرانيا، برئاسة المخرج السينمائي اللبناني غسان الغصيني، ولجنة العلاقات البرلمانية الأوكرانية اللبنانية، في ميدان تعزيز التفاهم المتبادل بين الشعبين وتنظيم أطر التنمية بين البلدين”.
هريميتش
من جهتها، أشارت الناشرة والكاتبة الأوكرانية المعروفة البرفسورة مارينا هريميتش إلى أن “العلاقات الثقافية بين أوكرانيا ولبنان ليست مستجدة، بل تعود إلى أكثر من قرن من الزمن، وقصص أغاتانغل كريمسكي البيروتية دليل على ذلك”. وأشارت إلى “أن قسم المخطوطات في المكتبة الوطنية الأوكرانية يضم الأرشيف الشخصي لكريمسكي، وفيه المخطوطات الأولى لمسودات قصص كريمسكي التي أنهاها في بيروت ربيع العام 1897، وقد نشرت هذه القصص في مجلة “المجتمع الجديد” سنة 1906، كما نشرت القصص في إصدار منفصل سنة 1919.
ولفتت إلى أن “كريمسكي فتح عيون القراء الأوكرانيين على ملامح الحياة في الشرق، عبر قصص اجتماعية مليئة بالملاحظات الإثنوغرافية، تركز على العلاقات الثقافية بين المشرق وأوروبا من جهة، والتأثيرات الثقافية الفرنسية والروسية واليونانية والإسلامية المتنوعة في بيروت العثمانية عموما، وعلى البيارتة المسيحيين خصوصا”.
سفير اوكرانيا في لبنان
واعتبر السفير الأوكراني في لبنان إيهور أوستاش عبر “سكايب”، إلى “أن الترجمة العربية لقصص بيروتية، تظهر صلة أحداثها بيومنا الحاضر”، لافتا إلى مصير كريمسكي الذي عانى طويلا من الحكم السوفياتي ثم قضى وهو قيد الاعتقال”.
وقال: “يرتبط تاريخ لبنان ارتباطا وطيدا بتاريخنا، وعبر ترجمة قصص كريمسكي إلى العربية ستتاح للقراء اللبنانيين فرصة القراءة عن ثقافة أجدادهم بلغتهم الأم”.
وشكر أوستاش الزميل رائف على “جهوده في مجال إثراء التراث الثقافي للشعبين اللبناني والأوكراني بشكل متميز”، كما شكر كل من ساهم في إحياء المناسبة. وأمل أن يشكل هذا النشاط “أول الغيث في سلسلة نشاطات ثقافية تسعى إلى تعزيز وتنمية العلاقات الثقافية والفنية بين البلدين”.
رائف
وقدم الاعلامي رائف عرضا عن كتابه، الذي تضمن مقدمة وقسمين، الأول تحدث فيه عن حياة كريمسكي ومصيره، متوقفا عند الرحلة البيروتية وأهميتها في حياة كريمسكي العلمية، أما القسم الثاني فهو ترجمة القصص البيروتية والتعليق عليها.
واشار الى علاقته بكريمسكي التي بدأت على مقاعد الدراسة في الاتحاد السوفياتي السابق، وتعرفه إليه عبر كتاب “نظامي غنجوي ومعاصروه”، إلى أن تسنت له فرصة جمع مصادر القصص البيروتية قبل عامين في كييف، عبر حصوله على مجموعة مختارة لآثار كريمسكي وعلى صور فوتوكوبية للنسخة الأولى من القصص التي ظهرت على صفحات ثلاثة أعداد من مجلة “المجتمع الجديد” في العام 1906.
وتحدث رائف عن مصاعب البحث والترجمة، التي سبقتها عملية ضبط النص والحصول على نسخة إلكترونية منه، والتي تلقى المساعدة فيها من الكاتب والباحث الأوكراني أناتولي فيسوتا، ثم شرح عن العملية الطويلة لترجمة النصوص والتي استمرت نحو سنة ونصف السنة، والتعليق عليها وتوضيح غوامضها عبر مصادر مختلفة باللغات العربية والأوكرانية والروسية والفرنسية. وشكر الداعين والمنظمين ورعاة الحفل، على الحفاوة التي حظي بها في كييف.
فيسوتا
من جهته، عبر كاتب المقدمة الباحث الدكتور أناتولي فيسوتا عن تقديره الكبير لجهود رائف، وقال في كلمة شابتها لحظات عاطفية: “ما إن وصلت إلى يدي صور القصص البيروتية حتى غرقت فيها، لم أستطع أن أترك الأوراق حتى أتممت القراءة، فيها صور من الحياة اليومية لبيروت، وتفاصيل النقاشات بين أهل المدينة حول الأمور العامة والسياسية والمعيشية، والعلاقات بين الإرساليات المختلفة والمحبين لروسيا والمبغضين لها”.
وشكر فيسوتا رائف، “الذي أعاد إحياء هذه النصوص بالعربية بعد 120 سنة على كتابتها”، متمنيا “أن يكون عبر جهده وجهد رائف قد أضافا لونا جديدا في اللوحة الزاهية للتبادل الثقافي بين الشعبين الأوكراني واللبناني”.
فاسيلوك
وتحدثت الباحثة الدكتورة أوكسانا فاسيلوك من معهد الاستشراق الأوكراني، عن شخصية أغاتانغل كريمسكي والتركة العلمية الغنية التي خلفها في الدراسات الشرقية.
وفتحت الفرصة أمام المشاركين للاطلاع على معروضات نادرة رافقت الحفل من وثائق ومخطوطات وكتب بطبعاتها الأولى لكريمسكي تعود إلى بداية القرن العشرين، وهي من مقتنيات دائرة محفوظات مكتبة فرنادسكي الوطنية الأوكرانية، وقد تم عرضها للمرة الأولى تكريما لصدور الطبعة العربية من قصص أغاتانغل كريمسكي البيروتية، بقلم الزميل رائف.