الأردن – صالح حمدوني
لم اتخيل ان لقائي القصير به لاول مرة سيكون بداية علاقة ممتدة وعميقة كل هذه السنوات.
كان الحفل الذي نظمه اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني في اخر شهر ايار 2009 للفنان خالد الهبر في الاونيسكو /بيروت مناسبة لألتقي بالمصور الفوتوغرافي والمصمم باسم نحلة. كنت منهمكا بتصوير الحفل الاول الذي احضره للمبدع خالد الهبر، والذي احفظ اغانيه عن ظهر قلب. خلال الحفل -وكعادة المصورين-كان يلتقط الصور بحرص شديد. حرص على اللقطة وحرص على لا يزعج الحضور بمروره المتكرر من امامهم.
تبادلنا حديثا سريعا وتعارفنا. كان شغوفا بالتصوير. أسئلة عديدة عن الكاميرا والعدسات والفلاش. شغف احبّه واحترمه. ودعاني ليلتها لان ازوره في النبطي، واغراني باقتراحه ان ينظم جولة تصوير حولها.
ولانني شغوف ايضا بالتصوير، ولان للنبطية في ذاكرتي مكانا خاصا يرتبط بمقاومة الاحتلال واحتضان مخيم اللاجئين الفلسطينيين الذي دمرته اسرائيل في سنة 1978، كما ارتبطت بصمود قلعتها التاريخي (قلعة الشقيف) ..لذلك كله قررت زيارته فيها.
حقيقة توقعت لقاء عاديا، جولة تصوير عادية، حواراً اثناء ذلك عاديا.
مثل كل الناس الطيبين، غمرني بلطفه وكرمه، ودفء عائلته الجميلة..فامتدت العلاقة وكبرت وصرت حريصا على لقائه في كل زيارة لي الى لبنان.
باسم مصور فوتوغرافي، وقبل ذلك وبعده هو مناضل حقيقي. لم يترك ساحة نضال وكان يمكن ان يكون فيها الا وكان..فاعلا ومنظما ومصورا.
باسم نحلة صاحب وعي حقيقي،وعي مرتبط بموقعه الطبقي (وليس الطائفي).وهو يعي ذلك تماما وحريص عليه بقوة.
نما ذلك الوعي وتجذر خلال سنوات نضاله رفقة رفاق اخرين، باسم ابن لبنان تماما كما هو ابن فلسطين..وأيضا هو ابن كل المقهورين في الارض.
التزم باسم بقضايا شعبه، تبنى المقاومة فكرا وسلوكا.. دفع ثمنا كان عليه ان يدفعه ولم يبخل..دافع في كل الميادين عن شعبه وقضاياه المطلبية وصوّر..سكنته الايقونات الثورية، جيفارا وناجي العلي وحنظلة وهوشي منة.. ايقونات صارت مرشده ودليله حين تصير الرؤية ضبابية.
في صوره يحاول ان يبتدع ايقونات يومية، من كل تظاهرة او اعتصام او اضراب او احتفال، يحاول ان يلتقط صوراً تدوم عمرا اطول، اضافة للتغطية العادية للفعالية.
باسم مصور ثوري.. قلبه دليله وعينه مؤشر الى الطريق الذي قرر ان يسلكه مع رفاق دربه، نحو الضوء الذي يؤمن انه قادم.
تابعته يوميا خلال انتفاضة لبنان الاخيرة..والمستمرة حتى الساعة.
في صوره هدوء وثورة..ترقّب وطمأنينة، استعداد وشجاعة.
#صالح_حمدوني