صيدا- هوا لبنان
استضافت مدينة صيدا على مسرح “مركز معروف سعد الثقافي” الفنانة أميمة الخليل والشاعر زاهي وهبي في أمسية فنية تحت عنوان “قصائد وأغنيات للحب والحياة … للوطن والانسان”. بدعوة من “المركز” و”تجمع المؤسسات الاهلية” في صيدا، و”المجلس الثقافي للبنان الجنوبي”، و”جمعية بيت المصور في لبنان” و”جمعية التنمية للإنسان والبيئة”.
حضر الأمسية جمع من المدعوين تقدمهم رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب الدكتور أسامة سعد وعدد من الشخصيات والفعاليات الاجتماعية والثقافية والفنية.
استهل الأمسية الاعلامي الصحافي كامل جابر بكلمة عبر فيها عن تقديره لزاهي وهبي وأميمة الخليل، و مما جاء في كلمته:” ليس أصعب من الغوص في بحور اللغة والمفردات بحثاً عما يعبّر عن حبك وتقديرك لشخص ما، فكيف بك وأنت أمام قامتين من قامات الثقافة والأدب والفن، سكنتا العقل والقلب والوجدان، أغنتا حياتنا بطيب الصوت وعذب اللحن وفرادة الشعر، والكلام المنساب كالندى اللألاء على صفيحة صباح، ليهذب النفس، ويشذب السمع ويحررهما من شوائب النشاز…قامتا الصوت والشعر أميمة وزاهي، من أين أبدأ وإسماكما بداية ومتن وزبد وصفوة!”.
وأضاف: “نحن حينما نأتي إليكما، فلأننا نميّز بين الأصيل والملتبس، بين الطلّ والرشّ والطشّ، وبين الدِّيمة والهَطْلِ والعُباب.. ما يعني أننا نأتي إليكما لكي نستقي ونرتوي، نأتي إلى النبع الذي تفجّر منذ أمد الجدّ والإزدهار الفكري والفني، وسرى جداول رقصت لخريرها أزاهيرُ الحقول ورددت ألحانها أمهات الشهداء ورنّمت أناشيدها عصافير الجنوب والجليلِ، فتلك كلمة فرشتها القصيدة على صخرة صوّان، نصبت للعدو شرك مقاومة أبت الخنوع والإنكفاء، وهاتيك صوت تغلغل إلى أوردة الثوار فمشوا إلى يقين اليقين”.
وتوجه إلى الفنانة الخليل فقال: “على هديّ صوتها وذكائها، عبرت أميمة الخليل إلى عقولنا وقلوبنا لتتربع على عرش الأصالة بأداء جعلته التجارب والتراكم خمرة معتقة تسكر السهارى والمؤمنين على حدّ سواء، أما بلغة المعادن النفيسة، فدرّ ولؤلؤ يخبئه الحالمون إلى أزمنة القحط، كل الأزمنة، من الاحتلال إلى الاستغلال، إلى الشوارع المنتفضة على العبودية والحقوق المنهوبة والحريات المسلوبة.. وكذلك لإيقاظ المحبّين على قناديل السهر بعد ليال غاب عنها القمر، وصوتك يا حلوة صار دعاءً نفتتح به نهارات الكد والزرع ووحياً يواكب أحلام الحرية والديموقراطية والعنفوان…و”قلت بكتبلك، هيك بيعملوا العشاق..”، جفّ الحبر وتطاير الورق يا أميمة، وفي زمن التكنولوجيا و”الواتس أب” حيث تتكسر الأحرف والكلمات ويتبدد الشوق والهيام وتضيع المفردات، يبقى صوتك يا عذبة الصوت الشلاّل المنساب من علّ ليروي أيامنا وليالينا، أحلامنا وأمانينا فيسكننا المجد والعلياء”.
وعن الشاعر وهبي أضاف: “متلازمان على مرّ التجلّي، القصيدة والصوت، اللحن والموسيقى، فكيف بالقصيدة التي تحمل موسيقى العاشقين وأغانيهم في تفوّق البوح أو تعاظم الشوق والحنين، والعشق هنا حبيب وحقل، وطن وتراب، وأمّ عمّدت وحيدها بالدعاء المقدس قبل أن تبثّ به إلى أتون التجارب حيث تصنعُ الرجال. زاهي وهبي شاعر من زمن الثقافة والعنفوان، من سلالة المقاومة والثورة، وكذلك من تراث البهجة ورحيق الشوق، أديب مرهف قلمه طوعُ عقله وخياله الإيجابي الخلاق، نصير المرأة على اختلاف عاطفتها ومكانتها، الأمّ والزوجة والحبيبة والابنة، والمرأة المرأة، التي طرّزت أحلامه طفلاً، وعززت انتماءه الثوري والمقاوم فتياً، وعند اكتمال بدر العطاء، استدرجت قلبه إلى مخابئ العشق وسرائر الأحلام، وها أنها تستدرج قصيدته إلى اللحن والغناء، وما ذلك إلا لأنّ قصيدة زاهي وهبي قصيدة المعاني السامية ولدت اصلاً من رحم الموسيقى فأغوت الموسيقيين من متذوقي الكلمات العميقة المعنى والمبنى واللحن الشاعري الذي ذوب قلوب العذارى وأيقظ دلعهن وغواياتهن وأحلامهن”.
بعد ذلك تحدث زاهي وهبي متوجها في مطلع كلامه بالتحية الى شهداء المقاومة في لبنان وفلسطين، والى شهداء صيدا الذين سقطوا بمواجهة المحتل الاسرائليي، قائلاً: صيدا عاصمة المقاومة وبوابة الجنوب وعلى الرغم من كل ما تعيشه بلادنا لا يزال نبض هذه المدينة أسوة بكل مدن الجنوب ولبنان ينبض باسم فلسطين التي تتعرض لمزيد من العدوان الذي يتجسد بالمشاريع المشبوهة التي تحاك ضد فلسطين والشعوب العربية، وآخرها ما يحاك لها تحت عنوان صفقة القرن”.
وبدأ شعره من قصيدة في “الجنوب” التي ردّت عليها الخليل بأغنية “أرض الجنوب” للمناضل الأديب حبيب صادق، تلتها قصائد وطنية وقصائد حب ووجدان. وتألقت أميمة بمجموعة من الاغنيات منها “مررت أمس على الديار” لموسى شعيب، و”تكبر” لمحمود درويش و”غدا” لزاهي وهبي وغيرها من القصائد التي حملت توقيع كبار الشعراء. وشاركهما غناءً وعزفاً على آلة الكلارينيت الموسيقي الفنان أحمد الخير لا سيما في قصيدة “أمي” التي كتب كلماتها الشاعر زاهي وهبي ولحنها أحمد الخير.
وحياً وهبي خلال اللقاء روح الشاعر والإعلامي نبيل حاوي (نبيل هادي) “الذي رحل اليوم وترك فينا مناقبية وإرثاً أدبياً وإعلامياً، وهو من أثّر فيّ شخصياً مخلفاً الأثر الكبير عليّ خلال انتمائي إلى أسرة جريدة النداء التي عملت فيها مدة 6 سنوات”. وكذلك حيّت روحه الفنانة أميمة الخليل وأنشدت من كلماته “عصفور طل من الشباك”.
تصوير: عباس علوية