هي الحرب الحياتية الفنية الوجودية، خاضها بتطرف، فناناً وأكاديمياً… خاضها في المحترف وفي المساحات الفنية من بيروت إلى سان بطرسبورغ وباريس، مروراً بعمان ودمشق وليس انتهاء بالوردانية. خاضها ليخلُد، وها هو يدخل هذا الخلود! أليس «الذي يرحل من دون أن يختفي، خالداً»، كما كتب سون تزو في «فن الحرب»؟
علي شمس (مواليد الوردانية ــ 1943 ــــ 2018) جمع مروحة من التخصصات قبل أن يسلك درب الفن. حصل على إجازة في الفلسفة وعلم النفس عام 1972، ثم على دبلوم دراسات عليا في الفنون التشكيلية عام 1974. تابع دراسته التخصصية في كلية سان بطرسبورغ للفنون الجميلة عام 1980، ثم قصد باريس لدراسة تخصصية جديدة في المدرسة الوطنية العليا للفن عام 1984. عاد استاذاً للفنون التشكيلية في الجامعة اللبنانية (كلية الفنون والعمارة) حيث درّس مواد مختلفة أبرزها مادة التشريح الجمالي للإنسان، ومادة المنظر الطبيعي في قسم الفن التشكيلي (رسم وتصوير).
عُرضت أعماله في مختلف بلدان العالم، من لبنان الى روسيا وفرنسا وبريطانيا، مروراً بسوريا والأردن ومصر، حيث حاز جائزة التحكيم في «بينالي القاهرة الدولي» عام 1994، إلى جانب معارض في الكويت والشارقة ومسقط وغيرها. وقد تخطت مشاركاته الوطنية والدولية المئة معرض. أمضى عمره يرصد انعكاسات الضوء، وكانت عينه مسلّطة على الطبيعة والحقول والبحار والأفق الأرجواني وسائر تجليات الطبيعة التي رسمها بتعبيرية تجنح غالباً إلى التجريد.
أي كأس مريرة أن تنعى تلميذة أستاذها؟ نسأله: هل وجدت الخلود «حياةً متجددةً باستمرار» كما كتبتَ في وصف لوحاتك؟ قلتَ مرةً «لوحتي هي ابنة النور والفرح، هي السلام الداخلي والصمت المنشود. هي العطش للحبيب». وقلت أيضاً: «لوحتي هي طريقتي في الحياة!»، فهل كنت تعلم أنها طريقك للخلود أيضاً؟
هل كنت تعلم أن الحبيب خلود، وأن الطريق لوحة وريشة ولون وثلاثة قلوب تنبض على إيقاع لونك: فاطمة، ديمة ورامي، إلى جانب طلاب كثر يحيَون اليوم بما زرعت بهم من أمل بفن أصيل. فن يتحدى التجارة والسوق والعرض والطلب. فن يتبنى التأليف بوصلةً، والتأليف في فكرك «ألفة»، والألفة بالنسبة إليك «عشق» كما كنت تردد باستمرار!