كامل جابر
أن تضع بين يديك تحفة من تحف الذاكرة أو التاريخ، كأنك امتلكت نصف العالم بين يديك، فكيف بك وأن تشهد ولادة الميداليات الماسية لاستقلال لبنان؟ لا يمكنك عندها إلا أن “تشهق” وتنعتها ـبالبريق الذي يلمع من عينيها “المجد”، أو تسمّيها باسمها “المجد”.
أما لماذا المجد؟ فلأنها من حيث المعنى تختزل أكثر ثلاثة عناوين ترتبط باستقلال لبنان، بذاكرة اللبنانيين، بما يتعلمه أبناؤنا في مدارسهم، بما يحتفي به لبنان كل عام، ثلاثة رموز تختصر حكاية الإستقلال وهي: قلعة راشيا (الوادي) “قلعة الاستقلال” التي فيها اعتقل من نادى بالاستقلال وتمسّك به، وفي طليعتهم رئيس الجمهورية الشيخ بشارة الخوري، ورئيس الحكومة رياض الصلح، وغيرهم. و”بيت الاستقلال” في بشامون، البيت المتواضع (الذي كان يعرف ببيت حسين الحلبي)، وهو المكان الذي انتقل اليه وزراء حكومة الاستقلال الذين نجوا من الاعتقال في العام 1943 وصار مقراً للحكومة اللبنانية الشرعية آنذاك، وما زال أول علم لبناني محفوظاً فيه، وتحت سنديانته سقط شهيد الاستقلال الوحيد الشهيد سعيد فخر الدين. أما الثالثة فللوحة لبنان التي تخلّد جلاء الجيوش الأجنبية عنه تكريساً لمعنى الاستقلال الحقيقي، “لوحة الجلاء” الموجودة عند ضفة نهر الكلب.
ميداليات ثلاث من أصل أكثر من عشرة جرى اختبارها تخليداً لمعاني الاستقلال برموزها المكانية، إلى أن استقر الرأي على الثلاث الآنفة الذكر، وهي ميداليات تولد من بلد الاستقلال، عشية الاحتفاء بماسيته، أي بذكرى مرور 75 عاماً على استقلال لبنان، وهذا ما يمنحها مجد الولادة اللبنانية التي كنت شاهداً عليه أو عليها (المجد والولادة)، في المصنع الشهير لصناعة الميداليات في لبنان، مصنع شركة “عبسي” المتمثل بقيادة حفيد الأب والجد، المهندس عبدالله عبسي، الذي راح هو ونجله محمد، بالإضافة إلى عمال المصنع المتخصصين، يحقّقون متعة اللحظات الجميلة لولادة هذا المجد الماسي، وتسنى لي أن أحضر الولادة، أنا والصديق الخبير في عالم المسكوكات والعملات والميداليات الدكتور طوني عنقة، بل ونتشارك ولادة هذه الرمزيات الجميلة، من اختيار النحاس والفضة والذهب، إلى الصهر والقطع، إلى التنظيف والتلميع، إلى القوالب التي تحركها مئات الأطنان من الضغط “الهيدرولكي”، لكي توشم الصفائح السميكة فتولد الميدالية تلو الميدالية، ومعها يولد المجد الذي يرصعه ماء الذهب أو الفضة، أو خليط الذهب والفضة، أو هذا النحاس الجميل النقي، المعروف بالنحاس الأحمر، ثم تستحم كلها بماء “البركة” قبل أن تنتقل إلى اللمسات الأخيرة التي تمسح عنها غبار الولادة، ثم تستقر في حاضناتها من “البلاكسي” الشفاف وعلبها التي تحمل عناوينها وتاريخها 22 تشرين الثاني 2018…
إنها متعة ما بعدها متعة، والمتعة الأكبر أن تنال حظك من ميداليات تخّلد اللحظات وتخلد العيد الماسي لاستقلال لبنان (1943- 2018)، تخلّد 75 عاماً من الاستقلال، الرقم الذي يزين الجهة الخلفية من الميداليات، وإليها تاريخ 22 تشرين الثاني 1943 المكتوب بخط يد رئيس الجمهورية بشارة الخوري.
موصفات الميداليت بحلتها النهائية
يصدر من الميداليات الثلاث الأساسية، 200 مجموعة بسعر 80 دولاراً أميركياً للمجموعة الواحدة، وهي مسكوكة من نوع “برووف” بسماكة ثلاثة ميليمترات قبل السك وبقطر 35 ميليمتراً من معدن النحاس والنحاس الأحمر، يتراوح وزن كل واحدة منها بين 24.5 غراماً و26 غراماً، وفيها ميدالية الجلاء مذهبة، وميداليتا قلعة الاستقلال في راشيا وبيت الاستقلال في بشامون من النحاس الأحمر النقي.
ومجموعات من الميداليات الفضية من عيار 999 وتزن كل واحدة 30 غراماً على ألا يتعدى سقف الإصدار 50 مجموعة، مرصعة من الخلف بحجر براق، في إشارة إلى العيد الماسي للاستقلال، على أن تكون سعر المجموعة الواحدة المؤلفة من ثلاث ميداليات فضية 200 دولار أمريكي. وللمرة الأولى، سيتمكن الراغبون في اقتناء مجموعة ذهبية، الحصول عليها بعد حجز مسبق وستكون مواصفات كل ميدالية من الذهب عيار 14 قيراطاً، وتزن كل واحدة نحو 45.11 غراماً، سيتم ترصيعها من الخلف بحجر براق، على ألا يتعدى سقف الاصدار ثلاث مجموعات فقط، وقد بيعت إحداها بسعر بلغ نحو 5000 دولار أمريكي.