نفّذ الجيش اللبناني بواسطة الطوّافات العسكريّة وعلى مدى ثلاثة أيام، عمليّة نقل نحو 20 طناً من موادّ البناء، من مدرج ميروبا للطائرات الصغيرة إلى داخل محميّة جبل موسى للمحيط الحيوي، بغية استخدامها في تدعيم موقع أثريّ فيها وإنقاذه من التدهور العمراني الحاصل فيه جرّاء عوامل الزمن والمناخ.
تولّت تنفيذ هذه المهمّة طوّافات الجيش اللبناني التابعة لقاعدة بيروت الجويّة بالاشتراك مع “جمعية حماية جبل موسى” وبالتعاون مع مديريّة التعاون العسكريّ المدنيّ CIMIC. وتأتي هذه العملية المشتركة ضمن اطار مشروع “المشي عبر الزمن في جبل موسىA walk through time in Jabal Moussa” الذي تنفّذه جمعيّة حماية جبل موسى والمموّل من صندوق السفراء للحفاظ على التراث الثقافي Ambassador’s Fund for Cultural Preservation من خلال السفارة الأميركيّة في لبنان وبالتنسيق مع المديريّة العامّة للآثار في وزارة الثقافة، وبإشراف فريق عمل الدكتورة ياسمين معكرون بو عساف.
ويُعرف الموقع التاريخيّ باسم “موقع البيوت”، ويتكوّن من ثلاثة بيوت قديمة هُجرت نهائيًّا سنة 1965، وهي تمثّل فنّ البناء التراثيّ المحلّي وتطوّره عبر الزمن، إذ أنّ اثنين منها مؤلّفان من أقبية على طراز العقد، تعلوها طبقة ثانية مع قناطر تزيّن الواجهة، أمّا البيت الثالث فهو من طبقة واحدة من الحجر الخام، يعلوه سقف من طين.
وواجهت جمعية حماية جبل موسى، لدى تخطيطها لتدعيم البيوت، تحدياً كبيراً يكمن في صعوبة نقل الموادّ إلى الموقع الذي يقع على ارتفاع 1400م عن سطع البحر، إذ لا يمكن الوصول إليه سوى مشياً لمدّة ساعة على الأقلّ على دروب الجبل. ولولا مؤازرة طوّافات الجيش لكانت عمليّة التدعيم شبه مستحيلة. وتنتشر في جوار البيوت مئات الأمتار من الجِلال الزراعيّة، وفي ساحة البيوت توجد أشجار التوت الّتي تعود إلى حقبة صناعة الحرير من دودة القزّ، الّتي شكّلت نشاطاً اقتصاديّاً مهمّاً لسكّان الجبل.
وللتعويض على عدم وجود ينابيع في أعالي جبل موسى، شقّ سكّان الجبل شبكة من القنوات في الصخر والأرض لجمع مياه الأمطار داخل خزّان مبني من الصخر. ويُذكر أنّ محمية جبل موسى للمحيط الحيوي فى كسروان الفتوح – جبيل على مسافة ٥٠ كيلومتراً من العاصمة بيروت ويتراوح ارتفاعها بين ٣٥٠متراً و١٧٠٠متر عن سطح البحر ومساحتها ٦٥٠٠ هكتار، وهي ضمن شبكة محميّات المحيط الحيويّ التابعة لليونسكو. وتعمل الجمعية على حماية ثروة هذا الجبل البيئيّة والثقافيّة وتساهم حركة السياحة البيئيّة في تنشيط القرى الرئيسيّة المحيطة بجبل موسى – يحشوش، قهمز، نهر الذهب، غبالة، العبره وشوان، عين الدلبة وجورة الترمس- وتأمين فرص عمل لأبنائها.