«ثلاثون عاماً يا حنظلة»، النبطية تحيي ذكرى ناجي العلي بمعارض فنية

 

في مناسبة الذكرى الثلاثين لاستشهاد رسام الكاريكاتور الفلسطيني الفنان ناجي العلي، اقامت مدينة النبطية (جنوب لبنان) معارض فنية تحية لهذه المناسبة تحت عنوان: «ثلاثون عاماً يا حنظلة» نظمته بلدية مدينة النبطية وجمعية بيت المصور في لبنان ومع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد ورابطة ترشيحا الاجتماعية برعاية الإعلامي الأديب طلال سلمان، وبحضور حشد من الفاعليات الثقافية والاجتماعية والتربوية والحزبية.

وتضمّن المعرض أعمالاً كارياتورية للفنان الفلسطيني ماهر الحاج، ومعرض خشبيات لرسوم ناجي العلي ولوحات عن فلسطين للفنان باسم نحلة، ومعرض طوابع عن فلسطين لمعرض خليل برجاوي وأعمالاً فنية ومغلفات حول ناجي العلي وحنظلة.

وقبل افتتاح المعارض، تحدث رئيس جمعية بيت المصور، نائب رئيس فرع المجلس الثقافي للبنان الجنوبي في النبطية الإعلامي كامل جابر فقال: سنة كاملة مرت على لقائنا الأول ها هنا تحت لواء الشهيد الفنان ناجي العلي، لا لنسجل موقفاً إعلامياً تضامنياً بل لنعلن انتماءنا إلى نضال الشهيد ناجي العلي وفنه وموهبته وقضيتة التي كرس عمره لها واستشهد يافعاً من أجلها. ومن هنا، من مدينة النبطية والجنوب برمته نعلن أن القضية الفلسطينية بمختلف نضالاتها الإنسانية المحقة تشكل لنا على الدوام رسالة وفاء وانتماء وانتساب، ومن أجلها نقرّ أن ناجي العلي مناضل من درجة شهيد، ظل حتى آخر رمق يرسم من حبر دمه، وللأسف لم يخمد مداده نتيجة وهن أو ضعف أو تردد، بل أريد لريشته أن تسكت عن الحق وأسكتت بكاتم للوصت. لكن ثلاثين عاماً مرت يا حنظلة وجذوة ناجي العلي فينا لم يجف ريقها».

وأضاف: «باسم المجلس الثقافي للبنان الجنوبي وجمعية بيت المصور في لبنان ومعرض خليل برجاوي لطوابع البريد نثمن عالياً مشاركة بلدية مدينة النبطية في كثير من نشاطاتنا على قاعدة تنمية الثقافة والفنون ودعم القضايا الوطنية والإنسانية والاجتماعية؛ وكذلك رابطة ترشيحا الاجتماعية التي يشكل اشتراكها اليوم في أعمال تحية ناجي العلي في ذكرى استشهاده الثلاثينية فاتحة نشاطات مشتركة من المؤكد أنها ستثمر وعياً وثقافة وعطاء. أشكر للفنانين ماهر الحاج وباسم نحلة ولمعرض خليل برجاوي على أعمالهم الفنية الثقافية الهادفة التي تشكل توأمة لأهدافنا وقضيتنا الاجتماعية الإنسانية».

 

وتحدث رئيس رابطة ترشيحا الخيرية طارق فتح الله آغا فأشار إلى «أن حنظلة أدار ظهره ووجهه قبلة واحدة هي أولى القبلتين ولم يكن يدري أن هذا العالم العربي أدار له ظهره وحفر فيه بالسكين ليموت حنظلة في بريطانيا العظمى التي قتلت فلسطين وشعبها قبل أن يخر صريعاً. إنها ذكرى مؤبمة ككل ذكريات فلسطين هي كسواد الليل ولكن لا بد للصبح من فجر».

وألقى كلمة الجبهة الديموقراطية عضو قيادة لبنان ومسؤول منطقة صيدا فؤاد عثمان فقال: «نلتقي اليوم في الذكرى الثلاثين للفنان الشهير الراحل المناضل الكبير ناجي العلي، أحد أهم الذين عبروا عن فلسطين وقضية وطن وشعب وعدالة وحرية. شكراً لكل من ساهم في إحياء هذه المناسبة».

وأضاف: «حين نتكلم عن ناجي العلي فنحن نتحدث عن شخصية الإنسان الفلسطيني ببساطته وثوريته وطموحه وتطلعاته الوطنية، نحو وطن تم احتلاله وحقوقه قد اغتصبت؛ عن ابن المخيم بأزقته ورائحته، عن خيام نصبت كي تهدم لأجل العودة. نتحدث عن أمل زرعه فينا بقصائده المرسومة. كاريكاتوراته ولوحاته التي كانت صدى لفلسطين والعرب وصدى لكل حر في هذا العالم يرفض الظلم والتبعية والانصياع لإرادة ومشيئة المستعمر والمحتل».

وختم: «رحل ناجي العلي  عنا ولديه الأمل بعودة العقل والضمير، لكي تسود المسؤولية الوطنية وتسمو على كل الصغائر، فتقاتل الأخوة ليس له سوى نتيجة واحدة، فالجميع مهزوم والجميع خاسر وليس هناك من منتصر سوى عدو الطرفين الذي ما زال جاثماً فوق أرضنا. لن يموت حنظلة فها هو هنا في مارون الراس، في القدس وغزة، في كل زواريب المخيمات وأزقتها حاضر بيننا ينتظر ساعة النصر والتحرير».

وألقى المهندس ربيع طقش كلمة بلدية مدينة النبطية فقال: «لا زلت أذكر طيفاً من شرود صبوتي يختال على أجنحة السفير بعد تثاؤب الشمس أو قبل غفوتها، يبحث في الأرشيف عن ضجيج صمت وسطوع وجه متوار خلف كفين متعانقين، وتوقيع متواتر لضمير مستتر اسمه حنظلة. لا زلت أذكر مذ كنت برعماً معقوداً على صورة عمي الشهيد، أمتشق الحلم بفلسطين على قافية الضباب، وأزهر مثل البيلسان على ضفاف قصص رواها جدي عن حيفا والقدس. أذكر أني كنت أبحث عن ألواني اليافعة في لوحات حنظلة فلا أراها. كان ذلك قبل أن أعلم أن ناجي العلي كعمي، قد تلاشى شهيداً بين طيات الظلام مثل حبات المطر».

وأضاف طقش: «لا يهمني أن اعرف كم رسم وكم وقّع، تكفيني صرخة الوجد ورعشة الحنايا حين كنت أبحث عن المعنى المتناثر عن أطراف حنظلة لآستلقي على كبوة حلم، تشبه بعضاً من أملي بوطن ترسم عزته دماء الشهداء. حنظلة لن أبث إليك حزني على بعض أمة العرب، لكن سأزف إليك كل فترة نصراً من حدود ومن جرود حتى تبلغ فلسطين. انتصارات كانت كالشمس تخرج حافية قبلها خشية أن يقتلها عشاق الظلام، إلى أن جاءت وأرخت بدفئها على غربتنا وخوفنا وأيامنا المترعة بكأس الصقيع. إنني وفي يوم حنظلة، وباسم بلدية مدينة النبطيةأشكر للجهات المنظمة جهودها وللمشاركين الكرام حضورهم، واعداً بأن تبقى بلديتنا في موقع دعم أنشطة الثقافة المتنوعة إلى جانب دورها في إنجاز المشاريع الإنشائية والخدماتية».

وألقى الدكتور محمد فران كلمة راعي الاحتفال الأستاذ طلال سلمان والتي جاء فيها « أيها الاخوة والاخوات من منظمي هذا اللقاء لمناسبة الذكرى الثلاثين لتغييب الفنان المبدع – الصديق والرفيق والشريك في صنع مجد ” السفير” ناجي العلي.

يؤسفني، بل يحزنني أن تمنعني وعكة صحية ألمت بي على غير توقع عن الانضمام اليكم للمشاركة في هذه المناسبة العزيزة على قلبي، كما على قلوبكم، تحية لرفيق عمر كنا نتابع ابداعاته وكـأنها حداء للثوار، ودليل يأخذ إلى فلسطين، وريشة كأنها رشاش بل مدفع لا يتوقف عن صب حممه على العدو الاسرائيلي، كما على حلفائه بل شركائه من الحكام المتخاذلين، باعة الاوطان، عبيد الاحتلال والاستعمار والهيمنة الاجنبية، أية هيمنة وكل هيمنة.

إن ناجي العلي مبدع لا شبيه له ولا مثيل..

انه أهدأ مما يجب في مشيته، في سلوكه، في صوته، في اغلاقه الباب على نفسه وهو يفكر وينحت مأساة جيلنا، ومن سبقه او لحق به، يهوم مع دخان سكائره، وينحني على حنظلته كأم تحنو على وحيدها- بطلها- أملها- مثلِها الأعلى، فيحاوره صامتا، وينطقه الموقف المبهر بغير كلام.

بضعة خطوط هي لكن الفكرة جليلة، مهيبة، عظيمة، تجعلك تتأملها صامتاً. السخرية فيها تأخذك إلى ضحك كالبكاء، والبساطة فيها تجعلك تؤمن أن الثرثرة الخطابية تضيع الموضوع، بل القضية. وان القضية عظيمة وجليلة بحيث أن خطين او ثلاثة تكفي لسرد تاريخها المأساوي الطويل.  الحقيقة لا تحتاج إلى حبال من النور ومكبرات الصوت. الايمان اقوى من ذلك كله.

أيها الاخوة

اعرف أن الكلام في غياب الشهيد المغدور ثرثرة.

لقد كان ناجي العلي يمشي، طول عمره، نحو الشهادة.. نحو فلسطين

ولكن المحزن، بل المؤسف، بل المخزي أن يُغتال ناجي العلي في ارض بعيدة، وان تحوم الشبهات حول بعض من سقط على طريق النضال، فساعد على تبرئة العدو الاسرائيلي.

على أن حنظلة باقٍ وهو الحادي والدليل إلى فلسطين التي كانت وستبقى الهوية باسم ناجي العلي والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».

ثم افتتحت المعارض الفنية وجال الجميع على أقسامها. وقدم رئيس رابطة ترشيحا الاجتماعية طارق فتح الله آغا درع مفتاح فلسطين إلى رئيس جمعية بيت المصور كامل جابر وسط حضور أعضاء الهيئة ألإدارية للجمعية. ووزعت على الحضور بطاقتين بريديتين للرسام السوري الفنان جمال الجراح يسلم الأمانة إلى حنظلة، والفنان الفلسطيني ماهر الحاج وبدا فيها حنظلة على كف ناجي العلي تحت عنوان “ثلاثنون عاماً يا حنظلة”.

وقال رئيس جمعية بيت المصور، كامل جابر، في حديث إلى «العربي الجديد»: «هذا المعرض الثاني على التوالي الذي نقيمه في ذكرى استشهاد ناجي العلي، ونهدف إلى تخليد ذكرى الراحل من خلال رسوماته التي تحيي القضية الفلسطينية دائماً، وهي بمثابة تجديد عهد للقية الفلسطينية التي ناضل من أجلها ناجي العلي».

بدوره قال الفنان باسم نحلة: «اشتركت بحوالي 50 لوحة من رسومات ناجي العلي لكن محفورة على الخشب بطريق الحرق بالنار، وهي تشمل الرسومات التي رسمها عن فلسطين أو القضايا الأخرى، لأنني أعتبر أن ناجي العلي هو خبزنا اليومي، وهو الوحيد الذي يبكينا ويضحكنا في الوقت نفسه من خلال رسوماته المعبرة، وأعتبره الأخ والأب الذي يحكي تفاصيل حياتنا ويعيشها حتى وهو تحت التراب».

أما رسام الكاريكاتور الفلسطيني، ماهر الحاج، من مخيم برج البراجنة لللاجئين الفلسطينيين في بيروت فقال: «ناجي العلي يعني الكثير للشعب الفلسطيني وهو من خلال رسوماته تنبأ بثورة الحجارة، وما زالت رسوماته تتنبأ بأحداث تحصل في أيامنا هذه، وهو يختزل الوطن بأكمله، ويختزل معاناة الشعب الفلسطيني برسوماته».

وأضاف: «أنا شاركت برسومات عدة من أعمال الفنان ناجي العلي بهدف إحيائها، وأدعو كل فنان فلسطيني لإحياء رسومات ناجي العلي، لأنها تعتبر جزءاً من حياة الشعب الفلسطيني، وكي نستكمل مسيرته علينا أن نستمر في رسم ما كان يرسمه ناجي».

وختم: «خصصت في رسوماتي جزءاً كبيراً لــ«حنظلة» الذي صار شعاراً للنضال في الوطن العربي».

 

تصوير: عباس علوية