يوغا الحوامل: طمأنينة استعداداً لموعد الولادة

 

سارة حطيط (المدن)

ساعة ونصف الساعة من الهدوء والارتياح. تتردد إلى مسامعهن عبارتان أساسيتان: نفس عميق، وأغلقي عينيك. يترافق ذلك مع العديد من حركات الاسترخاء وتقوية العضلات. لكنهن لسن بمفردهن، بل كل واحدة منهن تحمل جنينها، الذي يرافقها إلى صفوف اليوغا.
يلتحقن أسبوعياً في صفوف خاصة بالحوامل، يبذلن جهداً إضافياً للإستفادة من جميع الخطوات عند ممارسة هذه الرياضة. أولغا واحدة منهن. لكن صفوف اليوغا ليست أمراً جديداً بالنسبة إليها، نظراً لتعلقها بهذه الرياضة منذ سنوات.
تستلقي على الأرض، واضعة الوسادة بين فخديها، تحضيراً للحركات اللاحقة. وبعد اجتياز أولى الخطوات، تنتقل إلى المرحلة الأصعب. وإذ تلقي برأسها على الأرض تسند ظهرها بيدها وترفع جسدها المثقل بالجنين نحو الأعلى. “لا تتعبني هذه الحركات، أعشق اليوغا وأنا حامل”. إلا أن هذا الحب لم يأت من عدم، إذ “أشعر بالراحة والسكينة بعد الانتهاء من الحصة. كما تغيب كل عوارض فترة الحمل كوجع الأقدام وألم الظهر”.
تأثير هذه الرياضة لا يقف عند تخفيف الأوجاع الجسدية فحسب، بل تسهم في تقوية حس التواصل مع الجنين. “أشعر أنه يمارس اليوغا معي. عندما أرفع قدمي إلى الأعلى، يكون هو في الوضعية نفسها. نتحدث معاً من خلال هذه الحركات”. أولغا، التي تتمتع بليونة اكتسبتها من ممارستها الرياضة من قبل، بدأت يوغا الحوامل بعد اتمام شهرها الثالث، أي بعدما ثبت الجنين جيداً في الرحم. وتقول إن “ما أقوم به يشعرني بالأمان. فلا أمارس الرياضة لنفسي فحسب، بل لطفلي أيضاً”.
إلى جانب أولغا هناك العديد من الحوامل اللواتي يمارسن رياضة اليوغا، لكنهن يخضن التجرية للمرة الأولى. “اتبعت نصيحة الطبيب للتخفيف من وجع الحمل، والتحقت بصفوف اليوغا”، تقول رنا وهي في شهرها الخامس. إلا أنها تبقى حذرة ومرتبكة خلال الحصة. “أواجه صعوبة في القيام بالعديد من الحركات، وأتبع الخطوات السهلة والتمهيدية. فجسدي ليس معتاداً على الرياضة”.
هذا الاختلاف بين الأمهات، من حيث إتمام جميع الخطوات، يعود إلى اختلاف قدرة أجسادهن على تحمل التمارين. وهذا ما تؤكده مدربة اليوغا جوزيان عازار. فـ”إذا كانت الحامل تمارس اليوغا منذ مدة طويلة، ستكون التمارين سهلة عليها. أما إذا كانت جديدة عليها فأبدأ معها من الصفر، ولا أجبرها على القيام بأي حركة إن كانت تشعر بالألم”.
عازار، التي تعطي صفوفاً خاصة للحوامل في “Okmara house of yoga”، في منطقة الجديدة، توضح الفرق بين يوغا الحوامل ورياضة اليوغا. إذ تعتبر أن الحامل بحاجة إلى بعض الأدوات لتساعدها على الارتياح خلال التمارين، مثل الوسادة أو الطابة. كما “نبتعد من الحركات التي تضغط على الأوعية الدموية الرئيسية، التي يمكن أن تكون غير آمنة للطفل”.
بالإضافة إلى ذلك، فإن هذا النوع من اليوغا يستهدف “عموماً الظهر، لاسيما الجزء السفلي منه. فهو الذي يسبب الألم للحامل. لذا، تتركز الحركات على دعم عضلات الظهر التي من شأنها أن تُسهّل عملية الولادة، مثل العمود الفقري والحوض والوركين”، تقول عازار.
وتشرح مايا سنكاري، وهي مدربة يوغا للحوامل في “Beirut Sivananda Yoga”، أن “هذه التمارين تساعد على التنفس العميق والرتيب من أجل الشعور بالاسترخاء. وتؤمن فرصة للمرأة الحامل للتعرف إلى أخريات، كي يناقشن الصعوبات التي يمررن بها ويتشاركن العديد من المسائل المتعلقة بالحمل والجنين”.
تعتبر فترة الحمل من أصعب المراحل التي تمر بها الأمهات، بما تتضمن من خوف على الجنين وإرهاق جسدي ونفسي. وتؤكد سنكاري أن اليوغا “تأتي لتمتص كل ذلك، وتعلّم الحامل كيفية التركيز على ذهنها وجسمها. فتعزز صلتها بالجنين ويزداد تعلُّقه بها. ما يضفي شعوراً بالطمأنينة والسكون، يساعدها في الاستعداد لموعد الولادة.