سمير غنطوس: فنان الطوابع بين ألبوماته وصورة رفيقة مشواره

 سمير غنطوس: فنان الطوابع بين ألبوماته وصورة رفيقة مشواره
صمم غنطوس نحو 80 طابعاً (ريشار سمور)
أورنيلا عنتر | الخميس 21/12/2017 (المدن)

يمكن لمن يبحث في عجلتون عن بيت الرسام سمير غنطوس أن يستدّل إليه ببساطة، شرط أن يكون على علم أنّ قناطر من حجر قديم تزيّن واجهة المنزل. في المدخل المفضي إلى الصالون، صوت موسيقى خافت لا ينتبه الجالس إليه في الأول. ثم ما إن يلحظه حتى يشيح بنظره بحثاً عن شاشة التلفزيون. ثوان قليلة من بعدها يكتشف أن الصوت آت من راديو. يشبه تشغيل راديو في البيت “الزمن الجميل” أو “العصر الذهبي”، الذي يتحدّث عنه غنطوس مراراً وتكراراً، فيما يعيد فتح ألبومات يحتفظ فيها بالطوابع التي صمّمها على مرّ السنوات.

قبل نحو أسبوعين، كُرِّم غنطوس، الذي يبلغ بعد أيام قليلة 82 عاماً، بمبادرة من “جمعية بيت المصور في لبنان” و”معرض خليل برجاوي لطوابع البريد” و”النادي اللبناني لهواة الطوابع والعملات”، بمشاركة حشد من الهواة ومحبّي جمع الطوابع. “بعض الهواة لم يعد يجمع الطوابع كما في الماضي، لأن الطوابع فقدت كثيراً من قيمتها”، يقول غنطوس. فـ”في الماضي، كانت الطوابع تُرسم وكان هذا عملاً فنيّاً وحرفيّاً. أما اليوم فتمّ الاستغناء عن الريشة لاستبدالها بكل ما هو رقميّ”.

يروي غنطوس إن بداياته كانت في عهد الرئيس سليمان فرنجية، عندما رسم وصمّم أول مجموعة له من الطوابع بطلب من الاتحاد الكشفي العربي. “بعد تصميمي هذه المجموعة، طلب مني الرئيس فرنجية أن أصمم الطوابع بشكل مستمرّ للدولة. هكذا، تابعت في هذا المجال حتى انتهاء العهد الثاني من ولاية الرئيس إميل لحّود”. باعتراف الجميع، وفي رأيه هو أيضاً، أجمل مجموعة طوابع رسمها كانت للرئيس لحود، في العام 2002، في الذكرى الثانية لتحرير جنوب لبنان.


ما الذي يميّز هذه المجموعة عن نحو 80 طابعاً صممها قبلها؟ إنها مجموعة جميلة جداً ومشغولة بعناية، خصوصاً أنها طُبعت في لندن، في مؤسسة تامر إخوان، وقيل إنها أجمل الطوابع منذ عهد الاستقلال. “كان ذلك في أيام الوزير جان- لوي قرداحي، الذي كان يقدّر العمل الفنيّ والجادّ، ولا يكتفي بالعمل السياسي. كان هناك وزارة للبريد، وكانت تكلّفني برسم الطوابع عبر مكتوب رسميّ. كانت الدولة تهتمّ بهذه الأمور”، يتذكر غنطوس. هكذا، إذاً دخل غنطوس عالم الطوابع وبقي يعمل فيه إلى حين كُلّفت شركة ليبان بوست إدارة هذا المجال.

في الحقيقة، رحلة غنطوس بدأت قبل ذلك بكثير. اللحظة المفصليّة حدثت فيما كان لا يزال يبلغ من العمر 13 عاماً، في المطبعة اليسوعية، حيث تعرّف على أهم رسامي الطوابع، الفنان الروسي بول كوروليف، (1896-1992)، فتعلمّ منه مدة 12 سنة فن الرسم بشكل عام، ورسم الطوابع البريدية وأغلفة الكتب والبطاقات المختلفة بشكل خاص. تنقّل أيضاً بين إيطاليا وقبرص والأردن حيث عمل لمصلحة شركة بيبسي كولا، قبل أن يعود إلى لبنان وإلى تصميم الطوابع.


ربما ارتبط اسم غنطوس ولمع في رسم الطوابع وتصميمها. لكنه، صوّر عدداً من الشخصيات البارزة وأصدقاء له من خلال أعمال الفسيفساء التي تميّز بها، لأنه كان يقوم برحلة إلى شاطئ البحر في كلّ مرة من أجل خلق هذه اللوحات، لرفضه العمل بالأحجار الاصطناعية. ولسنوات طويلة، عمل غنطوس ولا يزال في رسم وتصميم أغلفة الكتب وصفحات الكتب المدرسيّة ومؤلّفات أدب الأطفال، التي حاز عنها أخيراً جائزة مؤسسة الفكر العربي عن كتاب الياس زغيّب، الذي رسم غنطوس صور صفحاته.

على جدران بيته، لوحات له تزيّن الحجر القديم ولوحة للفنان الروسي كوروليف. وفي إحدى واجهات الصالون الوسام الذي قٌدّم له في تكريمه الأخير. أمّا الصور التي تفوق اللوحات والطوابع عدداً وأهمية، بالنسبة إلى الرسام، فهي صور العائلة التي يعرضها في كل زاوية من زوايا البيت، خصوصاً صورة زوجته الراحلة، سميرة، التي رافقت مشواره الفني في 50 سنة.