في يوم المرأة العالمي طوبى للمرأة «الصرباوية»/ شربل فارس


في يوم المرأة العالمي

تحية إلى المرأة في قريتي صربا

تحية إلى جدتي وأمي وشقيقتي

كان للمرأة الصرباوية (في قريتي صربا الجنوب) دور مميزٌ في تكوين وتطوير وازدهار قريتي صربا، ولها الفضل في شراء معظم أراضيها الشاسعة (٧٠% من أراضي صربا) وفي انتقال أبنائها من الريف إلى المدينة طلباً للعلم والوظيفة…

لقد كانت المرأة النموذج، الكادحة في أكثر من ميدان، فهي، وبالإضافة إلى مهامها التقليدية المنزلية ومساعدة زوجها في الحقل، قد هجرت قريتها وتركت أطفالها برعاية الجدة طلباً للعمل وجمع الثروة لمواجهة الفقر والعوز…

ويتوزع دورها في القرن الماضي على أربع مراحل:

المرحلة الأولى:

هاجرت في بدايات القرن الماضي، إلى أميركا (الجنوبية والشمالية) وفيها وزعت عملها على الخدمة في المنازل والعمل في الأرض وحمل صندوق «الكشة” » التجوال به على المقاطعات والأماكن النائية. كما كانت تبيع الأزهار في حفلات الأعراس والأتراح… وكانت ترسل أموال الشقاء إلى زوجها وذويها ( هذا ما أبقاهم على قيد الحياة في الحرب العالمية الأولى والمجاعة التي تلتها) وهذا ما ساعدهم أيضاً على شراء الأراضي الصالحة للزراعة) …

المرحلة الثانية:

في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي، هاجرت المرأة الصرباوية إلى مصر، وعملت كخادمة منزل ومربية اطفال و«مرضعة» وهي مهمّة مأساوية بحيث تترك الأم مولودها في القرية وتهاجر إلى مصر لترضع حليبها لمولود ربة المنزل «الست» أي إبن «الخواجة»…؟؟؟ وكانت ترسل الأموال إلى زوجها الفلاح الذي كان يشتري بدوره أرض الاقطاعي الذي كان يعمل فيها بالاجرة أو المحاصصة ومنها مزرعة «حميلا» لآل الزين…

المرحلة الثالثة:

في أربعينات وخمسينات القرن الماضي، هاجرت المرأة الصرباوية إلى فلسطين، وعملت أيضاً كخادمة منزل بالإضافة إلى العمل الزراعي وبخاصة في سهول الليمون. وأرسلت جناها إلى زوجها وأولادها وبـ«الليرة الإنكليزية» هذه المرة، ما ساعدهم ايضاً في شراء الأراضي الزراعية أو استصلاحها وبناء البيوت الصخرية الحديثة بدل البيوت الترابية، وإرسال اولادهم إلى المدرسة الرسمية …

المرحلة الرابعة:

في ستينات وسبعينات القرن الماضي، كانت الهجرة القريبة من الريف إلى المدينة كباقي القرى الجنوبية. في البداية نزحت المرأة الصرباوية إلى بيروت بعملها المعروف «خادمة منزل» واستقدمت بناتها كذلك للعمل في هذا القطاع، ثم زوجها وأولادها الذين أدخلتهم إلى المدارس طلبا للعلم وأنزلتهم في غرف صغيرة بما كان يعرف بـ«أحزمة البؤس»…

هذا هو باختصار مسيرة المرأة الصرباوية الكادحة…

وفي يوم المرأة العالمي أنا فخور لكوني ابن وحفيد المرأة الصرباوية